الباحث عمر سعداوي في حديث لـ«الشعب»:

«صفقة القرن» أخطر مؤامرة تستهدف القضية الفلسطينية

أجرت الحوار بورقلة: إيمان كافي

 

 وحدة الفلسطينيين ضـــــرورية لإعلاء صوت الحريــــة والسيــــادة
 حق العودة تكفله القوانين ولن يمنعه ترامب بجرّة قلم
 الجزائــــر وفية لمبدئها «مع فلسطين ظالمة أو مظلومـــــــة»

تعيش القضية الفلسطينية أسوأ مراحلها منذ أن تولى دونالد ترامب الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية قبل نحو عامين، حيث اتخذت إدارة البيت الأبيض في عهده قرارات عنيفة ضربت عمقها، خاصة  ما تعلّق بمدينة القدس وملف اللاجئين والاستيطان، وهي قرارات ترجّح العديد من القراءات، أنها جاءت كمقدّمة لما يسمى بـ«صفقة القرن» أو «خطة السلام الأمريكية» التي تسعى للإجهاز على الحقوق الفلسطينية.
في هذا الحوار الذي أجرته «الشعب»، مع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة امحمد بوقرة ببومرداس والباحث المهتم بالشؤون الأمنية والإستراتيجية السيد عمر سعداوي، سنتطرّق لسياسات التضييق التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية من طرف إدارة ترامب، وإلى التحديات التي تواجهها في ظل التشرذم الداخلي، وسنبحث عن وسائل المقاومة التي ستمكّن الفلسطينيين من تجاوز هذه المرحلة الصعبة بأقلّ الخسائر.

«الشعب»: منذ مجيىء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى الحكم، تعرضت القضية الفلسطينية إلى طعنات كثيرة وقرارات عنيفة تحد من كل أمل في استعادة الشعب الفلسطيني لحقه المشروع في إقامة دولته، كنقل السفارة وقطع التمويل عن الانورا، ما هي قراءتكم لهذه التطورات الخطيرة؟
 الأستاذ عمر سعداوي: مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، كانت مسألة وقت فقط، فالقرار كان ترامب قد قطعه في حملته الانتخابية، أما السياقات المرتبطة بالوقت لماذا الآن،  يمكن القول أنها أسباب معقدة ومركبة، ومتعلقة أساساً بالداخل الأمريكي، فالرئيس ترامب يسعى من خلال هذا القرار إلى إرضاء قواعد الحزب الجمهوري من المحافظين خاصة، كما أنه يسعى إلى كسب دعم اللوبيات الصهيونية في الداخل الأمريكي.
أما قرار قطع المساعدات عن وكالة «الأنوروا» فخلفيته سياسية بحتة، تسعى من خلاله الإدارة الأمريكية للضغط على الفلسطينيين في أهم ملف وهو ملف «حق العودة واللجوء». البداية كانت بعدم الاعتراف بحق توريث صفة اللجوء من الآباء إلى الأبناء، واليوم تسعى لحسم قضايا الحل النهائي بقرار قطع المساعدات، ولكن هذا القرار يشكل خطأ للإدارة الأمريكية، أولا سيترك فراغاً ستشغله حتما قوى مناوئة لها، ثانيا تكون الولايات المتحدّة قد عزلت نفسها عن عملية السلام في الشرق الأوسط، وهذا القرار لا يمكن فصله على قرار نقل السفارة فكلاهما يسعى إلى إزاحة العقبات أمام الحل النهائي وبتوافق مع إسرائيل.

تناقضات صارخة

تناقض واضح في موقف الإدارة الأمريكية، حيث أعلن دونالد ترامب لأول مرة  على هامش الجمعية  العامة الأممية بأنه مع حل الدولتين، في حين أن قراراته كلها ترمي إلى إجهاض هذا الخيار، ما تعليقكم؟
 أعتقد أن القول بحل الدولتين من جانب ترامب موجّه أساساً للفاعلين في الشرق الأوسط والدول العربية المانحة تحديدا، إذ هناك تخوف واضح من الشرخ داخل بعض الدول المنساقة وراء القرارات الأمريكية، فهذه الدول أضحت متخوفة من الرفض الداخلي لموافقتها على ما يعرف بـ»صفقة القرن»، من هنا فإن الموقف الأمريكي لا يعدو أن يكون إلا ظرفيا، ثم ما يلبث أن يمحى بقرارات مخالفة له.
يتردد منذ مدة كلام كثير عما يسمى بـ»صفقة القرن» التي لم تتضّح معالمها بعد، فهل لكم جواب عن محتواها وأهدافها؟
 الخطة الأمريكية للسلام أو ما اصطلح عليها بـ»صفقة القرن» هو التصوّر الأمريكي للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وتركز على قيام دولة إسرائيل وطناً قوميا لليهود وانسحاب تدريجي لجيش الاحتلال الإسرائيلي من المناطق المصنفة (أ،ب،ج) بموجب اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة في سبتمبر 1995، ولم تحدّد تاريخ الانسحاب، في حين تعمل على تعويض اللاجئين مقابل التخلي عن حقّ العودة، وهو تصور أمريكي بدأت في تنفيذه من خلال القرارين السابقين نقل السفارة وقطع المساعدات، وهذا التصور الأمريكي للسلام تشاركها فيه بعض الأطراف الإقليمية، ولكن العقبة التي تواجه هذا التصور هو رفض الطرف الفلسطيني وبعض الأطراف الأخرى.
ترامب وإسرائيل مصمّمان على التخلص من حق العودة فهل بإمكانهما تجسيد هذه المؤامرة؟
  حق العودة تكفله كل الشرائع، وهو أهم ملف يشكل عقبة للسلام في الشرق الأوسط لذلك كل جولات التفاوض فشلت بسبب ملف اللجوء، الولايات المتحدّة اليوم تسعى للتخلص من هذا الملف بشتى الوسائل ومنها قطع المساعدات على الأنوروا وهو ما يمس بالجانب الأخلاقي والإنساني للولايات المتحدة.

أخطر صور التمييز والعنصرية

قانون القومية هو طعنة أخرى تستهدف الوجود الفلسطيني في أراضي 48، ما السبيل لمواجهته من قبل فلسطيني الداخل؟
  إسرائيل من خلال قانون القومية الجديد، أعطت أخطر صور التمييز العنصري والفاشية، خاصة بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلي عليه والذي عرف جدلا سياسيا ودستوريا.
جاء القانون لينص على أن حقّ تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على اليهود فقط والهجرة التي تؤدي للمواطنة المباشرة هي لليهود فقط وأن العبرية هي لغة رسمية للدولة، أي أن هذا القانون يعرف إسرائيل كدولة لليهود ويلغي التعددية الثقافية والدينية، وهو تصميم إسرائيلي على القضاء على كل ما هو عربي داخل فلسطين المحتلة، وهو الأمر المنافي لكل الشرائع واللوائح بما فيها قرارات الأمم المتحدة التي تتحدث عن حق العودة والتعويض ومنها القرار رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1948.
أعتقد أن إسرائيل لن تستطيع تطبيق هذا القرار فنحن أمام مسألة هوية ليس من السهل القضاء عليها، فهي تمثل ما مقداره 20% من السكان داخل فلسطين المحتلة.
منذ مارس الماضي والفلسطينيون في غزة ينتفضون كل جمعة ضمن مسيرات العودة، هل من جدوى لهذه المسيرات؟
 المسيرات التي يقوم بها سكان القطاع هي شكل من أشكال المقاومة السلمية والتعبير على الرفض لكل أشكال الاحتلال والعنف، وهي رسالة للمجتمع الدولي على عدالة القضية والتعريف بها، من جهة أخرى هي ثبات على حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين كما أنها تشكل استنزافا وحربا نفسية على الكيان الصهيوني وهي النقطة الايجابية في هذه المسيرات.

الانقسام لا يخدم القضية

ألا تعتقدون بأن ما تتعرّض له القضية الفلسطينية من تصفية يعود بالأساس إلى تشرذم البيت الفلسطيني؟
 ما يحز في نفس كل فلسطيني وكل عربي بل وكل مسلم هو ذلك الشرخ بين حركتي فتح وحماس، الأمر الذي انعكس بالسلب على القضية الفلسطينية، هذا الانقسام هو الذي شجّع الطرف الأمريكي والإسرائيليين للحديث عن أن الوقت مناسب لتطبيق صفقة القرن، لأنهم يدركون أن أي وحدة وتكاتف بين فتح وحماس سيزيد من عزيمة الفلسطينيين ويعطي دفعا قويا للقضية في المحافل الدولية، للأسف أطراف القضية الفلسطينية رغم أن ملفات الخلاف تبدو بسيطة إلا أنهم لم يستوعبوا بعد مدى تأثير هذا الانقسام على قضيتهم.
 أيّ مستقبل للقضية الفلسطينية في ظل  اختلال توازن القوى القائم حاليا وفي ظل سياسة الانحياز الامريكية؟
 مستقبل القضية الفلسطينية مرهون بيد الفلسطينيين والعرب، رغم الانحياز الفاضح لأغلب القوى الدولية للقرار الأمريكي وحتى بعض الدول العربية التي أصبحت تسوق للتصور الأمريكي، إلا أن القضية الفلسطينية لا تزال أمامها فرص نجاح إذا توحّد الفلسطينيون خلف قضيتهم وإذا لاقت الدعم العربي تحديداً، الجزائر اليوم ربما هي الدولة التي لا تزال ملتزمة بدعم القضية الفلسطينية في حين ما تشهده العديد من الدول العربية لا يعدو أن يكون دعماً محتشما ومناسباتيا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024