الإجماع السياسي الحاصل اليوم في لبنان هو التوصل لتشكيل الحكومة، لكن بأي صيغة دستورية تكون مقبولة عند الشركاء والأفارقة، الذين لطالما «عطلوا» مسار التأليف بعد التكليف قرابة ٦ أشهر كاملة، غير أن إرادة الخروج من هذا الانسداد بارزة لدى كل معني بأن يكون طرفا فيها.
هذا المخاض الملاحظ حاليا عبر المشهد اللبناني هو نتاج قناعة «فرض الذات»، استنادا إلى شعور كل واحد مدى امتداداته في العمق الشعبي، وعليه فإن حضوره في الجهاز التنفيذي يترجم ذلك الواقع القائم على الانتماء إلى الوزن البشري بكل مواصفاته، والصانع للأحداث.
هذه الفترة الممتدة كان يرجى منها عدم إلغاء الآخر والبحث عن أفضل آلية لإدراج كل الفعاليات في هذا المسعى الوطني بعيدا عن الإقصاء والتهميش.
الخيارات المطروحة في الوقت الراهن صعبة ومعقّدة، بالنظر إلى الكيفية التي يراد أن تولد بها هذه الحكومة البعض يحبذ مبدأ التوازنات والبعض الآخر يراغب في الانفراد بالأغلبية أو ما يسمى بالأكثرية، التي حصدت جل المقاعد في مجلس النواب.
ويتخوّف الباقية المتبقية من المعنيين بدخول هذا الفضاء التشريعي من انفراد جماعة ٨ أذار بالقرار عند دراسة ومناقشة النصوص القانونية المسيرة للحياة اليومية للبنانيين خاصة على المستوى الحكومة لا يبقى هنا أي خط موفر لأصحاب ١٤ أذار وهنا كل الإشكال الدائر اليوم في وطن الأرز. لابد من التوضيح هنا بأنها ليست مسألة تقنية بحتة لا أبدا، لا ينظر لها من هذه الزاوية وإنما القضية تصنف في الخانة السياسية والآثار المترتبة عن ذلك في غضون الأفق أو المواعيد اللاحقة المنتظرة بشغف من اللبنانيين، خاصة الملفات الاقتصادية والاجتماعية الملحة التي ما تزال حتى الآن يبحث لها عن الحلول اللائقة بها.لذلك وبناءً على هذه التحديات القائمة، فإن لبنان لا يختزل في «المهل» أو «الآجال» المحدّدة لتشكيل أو تأليف الحكومة من الخطأ الوقوع في هذا الفخ، استنادا إلى طبيعة الحركية السياسية في البلد لا يمكن الذهاب إلى مسعى توافقي دون تفاهمات قبلية، تكون بمثابة المقدمات الصحيحة التي تتولد عنها نتائج سليمة.البديهية المسجلة حاليا هو أن هناك استنساخا لأوضاع سابقة، لم تشطب بل سيعود العمل بها عند الفريق الحكومي القادم وهي الإبقاء على خلافات عميقة مع حزب الله وبين الفرقاء الآخرين.
يستحيل سير الحال على هذا المنوال مستقبلا لأن الجميع سيصطدم بنفس «الذهنيات» التي كانت بالأمس.. ويعود نفس الخطاب الرديكالي من البعض تجاه البعض الآخر.
وهذه الحسابات الساسية هي التي تخيف البعض في منح الموافقة والكل يبحث عن حقائب ذات سيادة حتى تكون له الكلمة المؤثرة لذلك يتفادى الحريري أن تكون الغلبة لفريق على فريق آخر حفاظا على الانسجام في الأداء في الحكومي.