بدأت الأمور تتضح بجدية كبيرة على مستوى الاتحادية الجزائرية لكرة القدم من خلال مخطط عمل المديرية الفنية الوطنية الذي يرمي إلى ترقية مستوى اللاعبين ومرافقتهم بشكل منظم في رواق مناسب الذي قد يسمح لهم الوصول إلى المنتخب الوطني الأول.
وأعطى المدير الفني الوطني رابح سعدان نقاطا سلبية عن وضعية الكرة الجزائرية، عندما قال إن «الاهتمام كان منصبا على الفريق الأول وتمّ تناسي التكوين لدى الفئات الصغرى».. لقد لخّص الناخب الوطني الوضعية من معرفته الجيدة للوضعية، مما جعل عدد اللاعبين المحليين يتقلص في صفوف «الخضر» كون التكوين غير متجانس ولا يسمح للاعب البطولة الوطنية تطوير قدراته للارتقاء بشكل منطقي في مسيرته الكروية.
وبالتالي، فإن وعود رئيس الفاف زطشي بعد انتخابه مباشرة كانت تصبّ بصفة مركّزة على ضرورة إعطاء أرضية صلبة للتكوين لإعادة الكرة الجزائرية الى مستوى معتبر، وهذا الأمر يمرّ حتما على إعطاء صلاحيات كبيرة لمديرية فنية وطنية قوية، حيث إن وجود سعدان بخبرته وإمكانياته ستسمح بدون شكّ السير في هذا المنوال.
وضع آليات فعّالة
وتعتمد المديرية الفنية على كفاءات أثبتت على الميدان وتعمل في خطة واضحة تسمح لها الوصول إلى نتائج معتبرة في السنوات القليلة القادمة، ذلك أن تدخل أعضاء المديرية الفنية يوم الخميس خلال الندوة الصحفية يوضح مدى العمل الكبير الذي ينتظر هذه المديرية.
فالوضعية الحالية لكرة القدم الجزائرية تستدعي مثل هذه «الورشة» بالعمل على وضع آليات فعّالة التي تسمح لإعادة الثقة للاعب المحلي بصفة خاصة لـ»دفعه» لكي يبذل مجهودات تمكنه من التنافس على مكان في المنتخب الوطني الأول..
ولن يقتصر العمل على المديرية الفنية فقط وإنما دور الأندية سيكون قاعديا في هذا الاتجاه من خلال عملية انتقاء اللاعبين في الفئات الصغرى وفتح الأبواب أمامهم لتطوير قدراتهم قبل الوصول إلى الفرق الوطنية للفئات الشبانية.. وهذا بالتنسيق مع المديرية الفنية الوطنية التي تعمل على ارساء مشروع لعب يسمح للاعبين السير من خلاله في «فلسفة» بأهداف واضحة.
التّنسيق في العمل...
وبدا واضحا أن غياب التنسيق في العمل وعدم وجود آليات سلسة أثّر كثيرا على مستوى اللاعب المحلي، أين عجزت الأندية على تقديم لاعبين من مستوى عال.. مما اضطر معظم المدربين الذين تعاقبوا على العارضة الفنية للمنتخب الوطني إلى عدم استدعاء عدد كبير من اللاعبين المحليين، هؤلاء الذين يجدون صعوبة في فرض وجودهم في صفوف «الخضر».
ويمكن القول، إن التركيز على اللاعب المحلي لا يعني الاستغناء عن خدمات لاعبينا الذين ينشطون في البطولات الأوروبية المختلفة، وإنما العمل على إعطاء دفع للكرة الجزائرية التي تعاني منذ سنوات من غياب «اللاعبين الكبار» في البطولة الوطنية .. هذه الأخيرة التي أصبح مستواها متدني لعدة أسباب، أهمها غياب التكوين القاعدي ...
فترقية مستوى اللاعب المحلي يعني الحصول في السنوات القليلة القادمة على لاعبين مميّزين بتكوين جيد يقدمون الإضافة للنادي و»يطرقون» أبواب المنتخب الوطني .. ولعلّ الشئ الذي قد يتغيّر من خلال الإستراتيجية الجديدة للمديرية الفنية الوطنية هو «التدرج» الذي سيتضح لدى عدد من اللاعبين الذين سينطلقون في مسيرتهم في المنتخبات الوطنية للفئات الصغرى لكي نجد نسبة كبيرة منهم في الفريق الوطني للأكابر .. وتكون المتابعة مستمرة طوال مشوارهم على كل المستويات.
عودة الفئات الصغرى إلى الواجهة ...
والسياسة الحالية لـ»الفاف» ستعطي دفعا للمنتخبات الوطنية للفئات الصغرى التي بإمكانها العودة إلى الواجهة والمشاركة في الدورات النهائية للمنافسات الدولية، حيث كثيرا ما غابت بسبب النقص الكبير في التكوين.
ومن جهة أخرى، فإن النظرة الجديدة للناخب الوطني رابح ماجر في إعطاء الفرصة لعدد معتبر من اللاعبين المحليين في التربص الأخير قدم «حافزا معنويا» كبيرا للاعب المحلي الذي بإمكانه تدريجيا «كسب» مكان في صفوف «الخضر».. وفي نفس الوقت الاعتماد على أحسن اللاعبين الجزائريين الذين ينشطون في البطولات الأوروبية.
فالإستراتيجية منطقية حسب أراء العديد من الاختصاصيين الذين يرون أن «تشجيع» لاعبي البطولة الوطنية ضروري للسماح لهم بالتطور وبذل مجهودات على مستوى أنديتهم لإمكانية الوصول إلى المنتخب الوطني الأول .. الأمر الذي سيرفع من مستوى البطولة بشكل تدريجي.