أصبح وفاق سطيف “ماكنة” لكسب الألقاب، بعد احتفاظه بتاجه هذا الموسم قبل الجولة الأخيرة من الرابطة المحترفة الأولى، كونه سيطر على المنافسة منذ البداية، وكان المرشح الأول لنيل البطولة رغم وجود العديد من المنافسين الذين قاموا بمجهودات كبيرة “لعرقلته” من خلال احتكار سوق الانتقالات الصيفية والشتوية..
لكن هذه الاستراتيجية لم تزعزع “الكحلة” التي رسمت سياسة فعّالة للغاية في السنوات الأخيرة والتي سمحت لها توقيع العديد من الألقاب الوطنية والدولية وفي ظروف مريحة للغاية.
والشيء الذي ظهر بشكل جيد أن الوفاق احتفظ لأول مرة في تاريخه باللقب، بعد أن توّج الموسم الماضي به، ولو أن الفريق عاش حركة كبيرة من طرف اللاعبين الذين غادر البعض منهم السفينة جاء البعض الآخر إليها للمساهمة في المسيرة الذهبية للفريق الذي حطّم رقما قياسيا كان يحوزه في الماضي، وهو أنه فاز بالـ 14 مباراة التي لعبها في عقر داره هذا الموسم في البطولة، الرقم الذي يبقى مرشحا لأن يصبح 15 في حالة فوز الوفاق بمباراته الأخيرة التي يجريها يوم 21 ماي الجاري أمام شباب قسنطينة والاحتفال كما ينبغي باللقب الـ6 له في تاريخه.
فالمسيرة كانت حقا تلك التي يفرضها البطل من خلال نسق مثير أبقى المنافسين الآخرين بعيدا عن الواجهة منذ عدة جولات بفضل الفوز في ملعب 8 ماي 45، والعودة بالعديد من النقاط في التنقلات خارج الديار.
التجربة والحنكة
وتبقى الاستراتيجية التي اختارها المسيرون ناجحة للغاية، حيث أعطوا الأولوية في المقدمة للاستفادة من ركائز الفريق الذين يتمتعون بالخبرة الكبيرة ونعني بهم كل من بلقايد في الدفاع ودلهوم في الوسط وعودية في الهجوم .. فهذا الثلاثي له عدة أدوار فوق الميدان كونه يحمل الفريق نحو الأمام ويؤطر اللاعبين الشباب فوق الميدان بوجود مؤطر في كل خط .. هذا ما أعطى قاعدة متينة للفريق، خاصة وأن الشباب وجدوا ضالتهم كونهم في وضعية مريحة من خلال النصائح التي يتلقونها من طرف هؤلاء اللاعبين ذوي التجربة والشخصية القوية.
هذا ما سمح لكل من قورمي والعقبي وخدايرية ولقرع من التموقع بشكل جيد في التشكيلة وإظهار كل قدراتهم والمساهمة في النتائج الكبيرة للوفاق .. حتى إن العديد من الفرق تتهافت حاليا على الفوز بخدمات لاعبي الوفاق بالنسبة للموسم القادم .. علما بأن البعض منهم غادروا الفريق في الميركاتو الشتوي دون إحداث خلل في الفريق غلى غرار الهدّاف شعلالي .. ويأتي ذلك بفضل ثراء التشكيلة التي تدعّمت في الصائفة الماضية بعدد من اللاعبين المميزين والذين قام رئيس الفريق حمّار بإقناعهم لحمل ألوان الوفاق السطايفي.
و لا يفوت هنا الحديث عن تجربة فريدة من نوعها في البطولة منذ عدة سنوات، وهي نجاح الفريق السطايفي في جلب اللاعبين المغتربين والذين قدموا الكثير للفريق وتأقلموا بشكل كبير في هذا الفريق الكبير، حيث كانت البداية مع لموشية الذي أصبح لعدة سنوات لاعبا أساسيا في الفريق الوطني .. وفي الموسم الحالي تألّق الحارس خذايرية وجلب إليه الأنظار، إلى جانب العديد من المغتربين في الكحلة.
استقرار الطاقم الفني
لا يختلف اثنان على أن الاستقرار لدى الطاقم الفني يقدم خدمات كبيرة للفريق، حيث إن اختيار المدرب فيلود كان صائبا وموفقا، كونه سار على نفس الدرب الذي رسم في الموسم الماضي ومكّن الفريق من الاحتفاظ بتاجه، وهي سابقة في تاريخ الوفاق .. ذلك أن الأمور تكون صعبة دائما بالنسبة للفريق الذي فاز بالبطولة للبقاء في نفس التركيز في الموسم الموالي .. لكن الهدوء الذي قدمه المدرب فيلود أعطى ثماره .. ولمسنا ذلك خلال فترة الفراغ التي مرّ بها الفريق حين أقصي من منافسات كأس الجزائر وخسر بعض مقابلات البطولة في المنعرج الأخير، فرد الفعل لم يكن لزعزعة الفريق وإنما للعودة إلى التركيز، وهو ما جعل الفريق يخرج من الزوبعة بأقل الأضرار ويواصل طرقه نحو التتويج بالبطولة.
ولكن العمل الخفي يقوم به كذلك المدرب المساعد ماضوي الذي يعتبر الحلقة الفاعلة بين المدرب واللاعبين كونه يعرف الوفاق منذ عدة سنوات وسبق أن حمل ألوانه كلاعب قبل أن يتجه نحو التدريب ويعمل دائما مع المدرب الرئيسي بالنظر للثقة والاحترام التي يكنها له كل اللاعبين والمناصرين.
وتؤكد الاحصائيات أن الوفاق يسير بوتيرة محترمة وسريعة منذ 2007، أين يحقق اللقب تلو الآخر في مختلف المنافسات الوطنية والدولية .. فبعد أن كان اختصاصيا رقم واحد في كأس الجمهورية أصبح الان اختصاصيا في جمع الألقاب من خلال تربّعه على عرش البطولة باستمرار، في انتظار العودة إلى التتويجات القارية.