مرّ العديد من المدربين الأجانب من الأندية الجزائرية في السنوات الأخيرة، أين يسعى المسيرون الى الاستعانة بخدماتهم من أجل تحسين النتائج، لكن في أغلب الأحيان تكون التجربة غير مجدية من الناحية الفنية وسرعان ما يتم الطلاق بين الطرفين.
لكن التساؤل الذي يطرح نفسه في هذه الوضعية أن بعض المدربين الأجانب الذين «مرّوا دون نتائج كبيرة « بالأندية الجزائرية أصبحوا في الواجهة على الساحة القارية، آخرهم المدرب البلجيكي هوغو بروس الذي تمكن من التتويج مع المنتخب الكاميروني بكأس إفريقيا للأمم 2017 التي جرت بالغابون. كان قبله المدرب الفرنسي هيرفي رونار الذي درّب في الجزائر قبل أن يشرف على المنتخبين الزامبي والايفواري، واللذان توّج معهما باللقب القاري وبامتياز .
بروس .. كفاءة ورؤية جيدة للعب ...
الأغرب من ذلك، فإن المدربين الأجانب يتهمون في بعض الأحيان بعدم الكفاءة، كما حدث لبروس مع شبيبة القبائل التي رحل منها بطريقة «غير رياضية»، والكل يتذكر تصريحات رئيس النادي محند شريف حناشي الذي أكد أنه هو الذي قام باعداد التشكيلة التي تمكنت من تحقيق الفوز في إحدى المقابلات.
من هنا يمكن اعتبار أن عدم نجاح «هذه الكفاءات « مرتبط بنسبة كبيرة بالمحيط الذي يعمل فيه المدرب الأجنبي ضمن أنديتنا بسبب التدخلات الكثيرة للمسيرين في الشؤون التقنية، في الوقت الذي من المنطقي أن يترك هذا الجانب للتقني الذي يتم استقدامه بأموال كبيرة ويقدم للرأي العام الرياضي وأنصار الفريق عند مجيئه بمثابة الاختيار الأمثل الذي بإمكانه تحقيق نتائج كبيرة. لكن وبعد جولات قليلة تبدأ بوادر الخلاف تظهر على العلاقة بين المدرب والمسيرين الذين يضغطون عليه بضرورة تحقيق النتائج في أقرب وقت، مما يربك التقني الذي قد لا يصل الى المبتغى و يرمي المنشفة وسط مشاكل مع المسيرين حين يبدأ «مسلسل» ما بعد انتهاء مهمة هذا التقني في العديد من الأحيان.
غياب التخطيط على المدى البعيد
المتتبع للبطولة الوطنية يدرك أن غياب التخطيط على المدى البعيد عند أغلب مسيري أنديتنا هو السبب في هذه المشاكل، كون هذه الأندية تستنجد بعد ذلك بالمدرب الجزائري الذي يحاول انقاذ الأمور وإبعاد النادي عن السقوط .. في الوقت الذي كان من الضروري إرساء استراتيجية تمكن التقني من تنفيذها على أرض الواقع بمشروع لعب لدى الفريق المعني.
أحدثت التغييرات المستمرة للمدربين تدني مستوى العديد من أنديتنا التي لم تجد ضالتها على المستوى التقني، حتى أننا أصبحنا لا نبالي بالمستوى التقني و نسير وراء النتائج التي يسجلها الفريق .. مما ارتسم على المستوى العام للرابطة المحترفة الأولى حيث أننا نقدم «الاتهامات « للاعب المحلي في الوقت الذي يكمن المشكل في طريقة تسيير الجانب التقني للأندية التي لا تعير أي اهتمام للعمل المنهجي الذي قد يثمر بعد سنوات.
فعدم الاستقرار التقني وتغيّر الأساليب في موسم واحد بين مدربين أو ثلاث من مدارس مختلفة لا يعطي للاعب الرؤية اللازمة التي تجعله يصل الى المستوى المنتظر والدخول في يوم ما ضمن اهتمامات الناخب الوطني.
الحقيقة المرّة لبطولتنا ...
فالنجاح الباهر لبعض المدربين الأجانب في منتخبات وعلى أعلى مستوى كشف الحقيقة المرّة لتسيير أنديتنا في هذا الجانب، لأن بعض المدربين الذين قدموا الى الجزائر كانت لهم تجربة في بلدانهم، أين تميّزوا و حاولوا اعطاء دفع لمشوارهم .
عدم الاستقرار التقني يؤثر على النادي أكثر ما يؤثر على المدرب، هذا الأخير الذي يجد مباشرة فريقا أو منتخبا يتماشى مع رؤيته و طموحاته، في حين أن النادي يبقى يتخبط في المشاكل في حالة عدم وجود الرؤية الواضحة وعدم تدخل المسيرين في عمل التقني بصفة تجعل عمله غير واضح . بالتالي، فإن التجارب السابقة قد تكون دروسا كبيرة لأنديتنا التي دخلت منذ سنوات في الاحتراف الذي تسيره « ضوابط « معروفة لامكانية الوصول الى طريق النجاح والتي تكون تحت شعار «التنظيم المحكم « لكل الأمور .. لايجاد الوصفة الضرورية التي تجعل الفريق يرتكز على مشروع رياضي بامكان تجسيده على أرض الواقع بدراسة علمية للجانب التقني، لمحاولة اعادة الكرة الجزائرية الى الواجهة وتقديم الفرجة للملايين من المتتبعين الذين يتذكر العديد منهم أن الاستقرار على المستوى التقني كان الشرط الأساسي لنجاح العديد من الأندية على غرار شبيبة القبائل، مولودية الجزائر، جمعية الشلف ...