تمرّ كرة اليد الجزائرية بمرحلة صعبة بعد إخفاق المنتخب الوطني في مهمته، ولم يتمكّن من حجز تذكرة المشاركة في المونديال القادم، أين لم يقدم المردود الذي كان منتظرا منه في البطولة الافريقية التي جرت بالقاهرة، واكتفى بالمركز الرابع الذي لم يكن كافيا لحضور كأس العالم بعد خسارته أمام نظيره الأنغولي.
ومنذ تلك المباراة والأمور بين مدّ وجزر حول “الكيفية” التي أوصلت الرياضة الشعبية رقم (2) بالجزائر إلى هذه الوضعية، ومن المسؤول المباشر على تدني مستواها، فمسؤولي الاتحادية الحاليّين يرجعون السبب إلى مرحلة الفراغ التي مرّت بها الكرة الصغيرة في السنوات الماضية وتوقف البطولة الوطنية، وكذا غياب العمل الجدي لدى الأندية التي لم تتمكّن من “تطعيم” الفريق الوطني بلاعبين ممتازين، إلى جانب عدم وجود الامكانيات الضرورية.
3 أشهر..طبعا غير كافية
في حين أنّ البعض الآخر يتهم الاتحادية بالتقصير في عملها، ولا تملك استراتيجية واضحة التي تمكنها من العمل على المدى المتوسط على الأقل، وخير دليل على ذلك هو الانتظار إلى غاية بقاء 3 أشهر فقط من موعد القاهرة لتعيين المدرب الوطني، وهو أمر غير كاف لتحقيق نتائج كبيرة.
وبعد الخيبة، فإن الوضعية صعبة للغاية بالنسبة لهذه الرياضة إذا لم تجد عائلة كرة اليد النقطة الأساسية التي ستبدأ بها للعودة الى الواجهة، خاصة وأنه لا بد من تفادي الوقوع في فترة فراغ أخرى، لا سيما وأنّ الناخب الوطني الحالي بوشكريو ليس متحمّسا لمواصلة المهمة في تصريح له: “سأقدّم استقالتي لرئيس الاتحادية عندما ألتقي به”، بالرغم من أنه يعرف أنه تمكّن من تشكيل مجموعة شابة بإمكانها العودة إلى الواجهة القارية في السنوات القادمة. هذا الأمر الذي جعل بوشكريو في الحديث القصير الذي كان لنا معه يوضح: “أنا مرتبط بعقد مع الاتحادية الى غاية 2017، وإذا لم يرد المكتب الفيدرالي هذه الاستقالة فعلي مواصلة الطريق”. وبدون شك، فإنه إذا واصل بوشكريو المهمة لن تكون بهذه الطريقة التي كانت غير مجدية من الناحية الفنية، وهنا واصل بوشكريو: “أتحمّل المسؤولية من الناحية التقنية، لأنّّني قبلت المهمة ورأيت أنه بإمكاننا الوصول الى الهدف، لكن أمور حدثت وجعلتنا لا نصل إلى التأهل كون 3 لاعبين أساسيين في التشكيلة أصيبوا ولم أتوفر على البدائل التي يمكنها صنع الفارق”.
غياب العمل على مستوى الأندية...
وذكر بوشكريو أننا حاليا لا نتوفر في البطولة الوطنية على لاعبين ممتازين بسبب ضعف عمل الأندية، أين لا يمكن للناخب الوطني الاعتماد على مجموعة كبيرة: “لم أتمكّن من الاعتماد على كل التشكيلة التي تنقلت الى القاهرة بسبب عدم توازنها، فحين أردت اجراء تغييرات واراحة الأساسيين فإننا كدنا ننهزم أمام نيجيريا، وبالتالي اعتمدت على مجموعة محدودة من اللاعبين الذين لم يكونوا في نفس المردود البدني خلال 8 مقابلات التي أجريناها خلال 10 أيام”.
وفي خضم تصريحات بوشكريو، فإنّ رئيس الاتحادية سعيد بوعمرة متمسّك بالناخب الوطني ولا يحبذ سماع استقالة المدرب، ويسعى لمواصلة العمل معه ويراه الأنسب لقيادة “الخضر” في هذه المرحلة، وربما الاجتماع الذي سيكون بين الطرفين خلال بداية الأسبوع سيكون حاسما في امكانية إيجاد حلول للطاقم الفني للفريق الوطني لكرة اليد.
ضرورة إجراء تحليل منطقي...
بالرغم من أن ذلك ليس المشكل الحقيقي لكرة اليد الجزائرية، كون الفريق الوطني غير معني بالمنافسات القارية الى غاية 2018 في الدورة المقررة بتونس، كون العمل الفعلي لابد أن يكون على كل المستويات، لا سيما اعطاء الأولوية للفئات الشبانية وعمل الأندية التي بامكانها “تقديم” لاعبين للفريق الوطني في مستوى كبير، ولن يكون العمل الحقيقي على مستوى المنتخب لتجنب ماحدث في الدورة الأخيرة أين عمل بوشكريو على رفع من حجم التحضير البدني قبل أسابيع فقط من انطلاق البطولة الافريقية.
فالعديد العارفين بخبايا كرة اليد يرون أن الحل يكمن في ضرورة إجراء تحليل واقعي ومنطقي لما وصلت اليه كرة اليد الجزائرية، وتدني مستواها على مستوى المنتخب الوطني والأندية، وأن تعطى كل الامكانيات للمنتخب الوطني من خلال تدعيم الطاقم الفني حول المدرب بوشكريو، وإعطائه الوقت الكافي للوصول الى الأهداف المرسومة لأن قبوله المهمة رغم صعوبتها تؤكد مرة أخرى أنه مدرب يتحمل مسؤوليته إلى أبعد الحدود إلى جانب كفاءته الكبيرة.