عرفت حصيلة الرياضة الجزائرية لسنة 2015 تألقا معتبرا لرياضة كرة القدم التي احتكرت الواجهة من خلال العديد من المحطات التي جعلتها الرياضة رقم واحد في ملف الانجازات، كون هذه السنة ليست أولمبية، وبالتالي لم يكن منتظرا بشكل مركز أن تبرز الرياضات الأخرى، لا سيما الفردية التي كثيرا ما ننتظر أن يتألق رياضيونا في هذا المحفل الدولي الكبير.
و في هذا السياق، فإن التأهل التاريخي للمنتخب الوطني الأولمبي للألعاب الأولمبية القادمة بعد 35 سنة من الانتظار صنع الحدث من عدة نواحي .. كما أن كرة القدم الجزائرية سجلت انجازا معتبرا بنيل المنتخب الوطني العسكري لكرة القدم اللقب العالمي في كوريا الجنوبية .. إلى جانب التألق المعتبر لاتحاد العاصمة الذي نشّط المباراة النهائية لرابطة الأبطال الافريقية.
فالحدث كان كبيرا بالنسبة للمنتخب الوطني لأقل من 23 سنة الذي سار في الرواق الذي لم يكن الكثير من المتتبعين ينتظرونه، وافتك تأشيرة التأهل الى دورة ري ودي جانيرو بامتياز، وكان قريبا من خطف اللقب القاري أين نشّط النهائي أمام نظيره النيجيري.
مواهب عديدة في البطولة المحلية ...
والشيء الذي يعد انجازا في حدّ ذاته هو أن التشكيلة الوطنية التي اختارها المدرب شورمان تتشكل من لاعبين ينشطون كلهم في البطولة المحلية، واستطاعوا أن يفرضوا وجودهم ويقدمون أداء في المستوى جعلهم يزيحون من الطريق منتخبات كانت مرشحة لنيل اللقب على غرار مالي، مصر ..
وبالإضافة الى تأهل الفريق الوطني لأقل من 23 سنة الى الأولمبياد وتنشيطه للمباراة النهائية، فإن محور التكوين كان حارا بقوة في مسيرة هذا الفريق الذي ردّ على كل الانتقادات التي توجه للاعب المحلي، حيث ان بروز كل من فرحات، صالحي، درفلو، بن غيت، كنيش ... يعطي ثقة أكبر للاعب المحلي من أجل العمل للوصول الى الفريق الأول، خاصة وانه بعد هذه المسيرة بإمكان لاعبين من تشكيلة أقل من 23 سنة طرق أبواب المنتخب الوطني الأول بقوة .. لفرض منافسة والتألق، خاصة وان حارس جمعية الشلف صالحي أختير كأحسن حارس في الدورة الافريقية.
وبفضل هذا التألق الكبير، فإن الأنظار ستصوب بشكل مركز لهؤلاء اللاعبين في البطولة وكذا تحضيرات الألعاب الأولمبية التي من الممكن جدا أن تعرف التشكيلة الوطنية تدعيما آخر في دورة ريو حسب القوانين التي تسمح لكل منتخب الاعتماد على 3 لاعبين يتجاوزون سن الـ 23 عاما، وهذا حسب طموحات المسيرين لتسجيل نتائج كبيرة في البرازيل.
كما أن المنتخب الوطني العسكري كان في الموعد وتمكن من التتويج باللقب العالمي للمرة الثانية، فبعد لقب البرازيل عام 2011، تمكن أشبال المدرب يونس افتيسان من التألق في كوريا الجنوبية والفوز مجددا باللقب العالمي، حيث وقع اللاعب درفلو هدفي المباراة النهائية أمام منتخب سلطنة عمان .. وقدم المنتخب الوطني العسكري أداء كبيرا في هذه الدورة بفضل تشكيلة مميّزة.
حمدي “يصنع” التاريخ مع اتحاد العاصمة
وعلى مستوى الأندية، فإن المسيرة الذهبية لاتحاد العاصمة في رابطة الأبطال الافريقية تبقى في الأذهان خلال العام الحالي، أين وصل الفريق الى الدور النهائي أمام نادي تي بي مازمبي الكونغولي .. هذا الأخير الذي توّج باللقب بفضل خبرته في مثل هذه المناسبات مقارنة بممثلنا، الذي قدم مسيرة معتبرة خلال دور المجموعات أين سجل 5 انتصارات متتالية وانهزم في مباراة واحدة أمام المريخ السوداني التي لم تكن لنتيجتها تأثير على الترتيب .. كما أن زملاء زماموش تأهلوا الى النهائي على حساب الهلال السوداني بعد أن فازوا في الخرطوم في لقاء الذهاب .. رغم ان الأمور لم تكن سهلة قبل تنقل الفريق الذي عرف “اكتشاف” قضية اللاعب بلايلي الذي عوقب بسبب تناوله لمواد محظورة .. هذه القضية التي أسالت الكثير من الحبر بالنظر للأداء الكبير للاعب فوق الميدان .. وقد عوقب بحرمانه من اللعب لمدة أربع سنوات.
وعكس المسيرة المميّزة للاتحاد في المنافسة القارية، فإن مشوار أبناء سوسطارة في البطولة الموسم الماضي لم يكن موفقا ونجا الفريق من السقوط الى الدرجة الثانية خلال الجولة الأخيرة .. وتعاقب العديد من المدربين على العارضة الفنية .. قبل أن يتم استقدام التقني حمدي كمدرب مساعد في الصائفة الماضية في انتظار جلب مدرب رئيسي .. ورغم الأسماء “الرنّانة” التي كانت قريبة من الاتحاد فإن حمدي واصل عمله لتحضير الفريق في دور المجموعات لرابطة الأبطال التي بدأ فيها الفريق بقوة وتغير أسلوب الأداء الى الأحسن، الأمر الذي دفع مسيري الاتحاد الى تجديد الثقة في هذا المدرب الذي يعتبر اكتشاف حقيقي بالنسبة للكرة الجزائرية، أين يسير بفريق الاتحاد في طريق مناسب في البطولة التي تعرف سيطرة كبيرة لأصحاب الزي الأحمر والأسود.
ونحن نعد هذا الملف كنت سأكتب أن حمدي نجح في كل المنافسات التي لعبها مع الاتحاد في عام 2015، قبل أن تأتي المفاجأة التي صنعها مساء يوم الخميس نادي بارادو الذي تمكن من اقصاء أحد الاختصاصيين في كأس الجمهورية، وهو اتحاد العاصمة الذي أهدر فرصة كبيرة للبقاء في السباق والاستمرار في الانجازات بقيادة المدرب حمدي .. وستكون هذه الهزيمة بمثابة خيبة كبيرة بالنسبة لزملاء عودية قبل أيام قليلة من الدربي العاصمي الكلاسيكي أمام المولودية.
الوفاق ومولودية بجاية .. ثمار العمل المتواصل
وفي منافسات كأس الجزائر عاد اللقب لأول مرة لفريق مولودية بجاية الذي تألّق بقيادة مدربه عبد القادر عمراني بفوزه في النهائي على نادي أمل الأربعاء في مباراة حماسية بين فريقين قدما موسما محترما ويملكان لاعبين ممتازين.
وإذا كانت مولودية بجاية حافظت نوعا ما على مستوى محترم خاصة بعد عودة عمراني من تجربته القصيرة خارج الوطن، فان أمل الأربعاء يعاني من مشاكل كبيرة ويحتل المركز الأخير في البطولة .. وتميّز بالتغييرات العديدة للمدربين، والكل يأمل أن يجد المدرب الجديد خالد لونيسي الوصفة المناسبة لإخراج الفريق من هذه الوضعية الصعبة.
في حين أن لقب الرابطة المحترفة الأولى عاد لوفاق سطيف، الذي بالرغم من كثافة الرزنامة بالنسبة له بعد أن نال لقب رابطة الأبطال 2014، وكأس السوبر الافريقي في 2015 تمكن من الحفاظ على ديناميكية الفوز بقيادة المدرب ماضوي، هذا الأخير الذي غادر الوفاق والتحق في الأسابيع الماضية بفريق الوحدة السعودي.
واتسمت البطولة الوطنية بالتغييرات المستمرة للمدربين التي مسّت عدد كبير من الأندية، وللأسف الشديد فإن الظاهرة متواصلة خلال هذا الموسم أين أبقت 4 فرق فقط على الطاقم الفني الذي بدأ المنافسة مع الفريق، كون أن المسيرين يبحثون على النتائج الأنية وغير مبالين بالعمل متوسط المدى على الأقل.
نتيجة تاريخية لـ “الخضر” بقيادة غوركوف
من جهة أخرى يبقى المنتخب الوطني يحقق نتائج معتبرة في التصفيات المؤهلة لكأس افريقيا 2017 وكأس العالم 2018، وحقّق أكبر نتيجة من حيث الأهداف على منافسة منتخب تانزانيا بـ 7 – 0، وهي الثانية بنفس عدد الأهداف المسجلة في تاريخ مقابلات “الخضر” .. وقدم الفريق الوطني أداء كبيرا بقيادة المدرب غوركوف الذي كان قد تعرض لانتقادات كبيرة قبل هذا الموعد، لكنه أثبت أنه يسير في مشروع تقني مميّز وحافظ الفريق الوطني على كل حظوظه في المنافسات التي يجريها حاليا ..
وتجدر الاشارة الى أن بداية 2015 لم تكن موفقة بالنسبة لـ “الخضر” الذي أقصيوا في الدور ربع النهائي لكأس افريقيا امام كوت ديفوار بـ 1 – 3 .. بالرغم من أن الأمال كانت كبيرة بعد المسيرة الذهبية لزملاء بن طالب في مونديال البرازيل.
محرز، براهيمي، سليماني، غولام ...
وبالنسبة للاعبين الدوليين الجزائريين في أوروبا، فإن عام 2015 يعد ثريا من حيث تألق معتبر للاعبينا الذين أصبحوا قطع أساسية لأنديتهم، أمثال غولام الذي يبدع مع نابولي الايطالي، وبراهيمي يشارك بقوة مع نادي بورتو، فغولي مع فالنسيا، سليماني مع سبورتينغ لشبونة الى جانب “الظاهرة” رياض محرز الذي أذهل “عالم الكرة” بفنيات وانجازات فنية وأهداف مثيرة التي سمحت لنادي ليستر من التألق واعتلاء صدارة ترتيب الدوري الانجليزي، خاصة وانه كان وراء الفوز الذي تحقق أمام تشلسي وعجّل برحيل المدرب مورينيو عن بطل انجلترا.
بروز في الألعاب الافريقية ببرازافيل
وفي الرياضات الجماعية الأخرى تبقى العودة القوية لفريق الكرة الطائرة رجال في الواجهة بعد نيله للميدالية الذهبية في الألعاب الافريقية التي جرت ببرازافيل، هذه الميدالية التي ستفتح أفاقا جديدة لهذه الرياضة بالجزائر.
في حين أن المنتخب الوطني لكرة اليد سجل أسوأ مسيرة له في بطولة العالم التي جرت في بداية السنة بقطر أين انهزم زملاء بركوس بكل المقابلات المبرمجة، بالرغم من أنهم شاركوا في المنافسة كأبطال افريقيا .. وسيخوض الفريق الوطني المنافسة القارية المقررة في جانفي القادم بالقاهرة في ظروف عرفت تأخرا معتبرا في استعدادات “الخضر” للدورة.
أما في الرياضات الفردية، فإن الملاكمة تبقى في مستوى مميّز بتألق الملاكم فليسي الذي نال اللقب الافريقي وكذا الميدالية الذهبية في الألعاب الافريقية .. إلى جانب الميدالية البرونزية في بطولة العالم .. كما نالت الملاكمة سهيلة بوشان الميدالية الذهبية في الألعاب الافريقية ببرازافيل.
وفي الجيدو، فإن المصارع الياس بويعقوب تألق بشكل كبير بعد نيله للقب القاري في ليبروفيل، والميدالية الذهبية في الألعاب الافريقية ببرازافيل.
وعرفت الألعاب الافريقية محطة لبروز العديد من الرياضيين الجزائريين في رياضات الجمباز، الجيدو، الملاكمة، ألعاب القوى، حيث حسّنت الجزائر في مجموع عدد الميداليات التي نالها رياضيونا مقارنة بدورة مابوتو عام 2011.
كما أن مدينة وهران فازت بشرف احتضان الدورة القادمة للألعاب المتوسطية لعام 2021 بعدما قدمت ملفا مقنعا .. ويعد هذا الانجاز شرفا كبيرا للرياضة الجزائرية.
