لم يكن أنصار مولودية الجزائر ينتظرون ما حدث لفريقهم في بداية الموسم الحالي، بالنظر للتحضيرات الإدارية والتقنية التي كانت كثيفة و طموحة لدرجة أن الحديث كان يدور حول الفوز بأكبر عدد من الألقاب سواء محليا أو قاريا .. خاصة وأن العميد سيعود إلى المنافسة الافريقية بداية العام القادم كونه توّج بكأس الجمهورية ويلعب في كأس الكاف ..
فالوضعية التي أصبح يتخبط فيها فريق المولودية أثارت عدة تساؤلات، كونه يقبع في ذيل الترتيب وكل ما كان منتظرا أصبح عكس ذلك تماما، ويسعى القائمون على الفريق الخروج في أقرب وقت ممكن من هذا المأزق الذي يهدّد الفريق بالسقوط إلى الدرجة الثانية إذا لم يتم إيجاد الحلول الناجعة.
ولكن، كيف وصلت المولودية العاصمية إلى هذا “الواقع المر” ؟ .. فكل شئ بدأ حين أراد القائمون على الفريق العودة بقوة إلى الواجهة في البطولة بصفة خاصة وتقديم مشروع طموح يتجسد فوق الميدان ويتفق مع “الاسم الكبير للعميد” .. أي أن الرؤية كانت كبيرة ومشروعة، وهذا بتخصيص أموال وإمكانيات معتبرة للوصول إلى هذا الهدف الذي يحلم به مئات الآلاف من عشاق هذا الفريق ..
وفي هذا الإطار تمّ الاتفاق على إعطاء الثقة لأحد التقنيين المميّزين الذين قدموا الكثير لفريق اتحاد الحراش بإمكانيات متواضعة، وهو بوعلام شارف المعروف بعمله القاعدي وتمكنه من تكوين فريق تنافسي على مراحل .. أي إعطائه الوقت الكافي لذلك، وما العقد المبرم بين الطرفين بـ 3 سنوات لخير دليل على الرؤية المنطقية لأمور الفريق.
إمكانيات ضخمة .. وأداء ضعيف
تعيين شارف أراح النسبة الكبيرة من متتبعي الفريق العاصمي الكبير، خاصة وأن أعضاء مجلس الإدارة وخلال المفاوضات قدموا “البطاقة البيضاء” لشارف من الجانب التقني للفريق، أي أنه سيختار اللاعبين الذين يراهم الأصلح في خطته ويستغني عن اللاعبين الذين يراهم غير قادرين على تقديم الإضافة .. ولهذا، فإن القرارات الأولى للمدرب هي الاستغناء عن 13 لاعبا من الموسم الماضي الذين حقّقوا لقب كأس الجمهورية .. على غرار غازي، بصغير، مترف، بوقش ... أي العمود الفقري للفريق .. وفي نفس الوقت تم استقدام بعض لاعبي اتحاد الحراش امثال هندو، عزي، سيلا، إلى جانب استقدامات أخرى وصلت إلى 15 لاعبا جديدا لا سيما لاعبي وسط ميدان الوفاق السطايفي قورمي وقراوي ..
ويمكن القول إنه بالرغم من الاستقدامات النوعية للفريق، إلا أن مخاوف كثيرة كانت مسجلة من حين لآخر في تحضيرات الفريق من خلال عدم وجود الانسجام الضروري بين اللاعبين، ومن الخطأ تسريح عدد كبير من اللاعبين وبناء فريق جديد .. لكن حديث شارف مع أعضاء الإدارة كان يطمئنهم .. والمنعرج الحاسم لإعطاء الضوء الأخضر لشارف كان موعد كأس الجزائر الممتازة، حسب ما أكده لنا رئيس النادي حاج طالب: “الفوز بالكأس الممتازة والمردود الذي قدمه الفريق في ذلك اليوم والتتويج باللقب خدعنا كون الأمور سارت بالاتجاه الايجابي .. لكن بعد ذلك تدهورت الحالة” .. فبداية البطولة كانت جد محتشمة للمولودية التي تعثرت عدة مرات في ملعبها، لكن تجديد الثقة كانت دورية في المدرب شارف الذي بدأ يحس بالضغط في فريق المولودية الذي يختلف تماما عما كان يراه في اتحاد الحراش، كون أهداف العميد كبيرة في كل موسم ..
لاعبون “غير محترفين”
وفي الوقت الذي كان الأنصار ينتظرون حلولا من المدرب، عجز هذا الأخير على ايجادها، وأكثر من ذلك فإنه تحدث لأول مرة عن “مؤامرة” من اللاعبين الذين لا يقدمون المردود الذي ينتظر منهم، هنا ظهرت أمور أخرى تتعلق بالثقة بين المدرب واللاعبين الذين الأكثرية منهم قام باستقدامهم الى الفريق؟
وأكثر من ذلك تحدث رئيس النادي حاج طال عن وجود خلافات بين اللاعبين في غرف تبديل الملابس بين “القدامى والجدد” .. وهذا ما عجّل في فهم التعثرات المستمرة للمولودية في الوقت الذي كان من المنطقي أن لا يؤثر ذلك على نتائج الفريق بالنظر لوجود لاعبين “محترفين” يتلقون أجورا محترمة لتقديم أفضل ما عندهم فوق الميدان.
الفريق أصبح في مأزق كبير والاستغناء عن شارف كان الحل الأول الذي لابد من اتخاذه، أين افترق الطرفان “بالتراضي” بعد تجربة قصيرة مرّة .. لكن الأمور ستصعب أكثر كون الفريق أصبح لعدة أيام بدون مدرب ولديه العديد من المقابلات ..
ورغم وجود لعروم، إلا أن الفريق واصل على نفس المنوال وسجل 5 هزائم متتالية .. ليتم الإعلان عن اتفاق مع المدرب البرتغالي الشهير “أرثور جورج” الذي يعد من بين أفضل المدربين في العالم .. واندهش عند متابعته لمقابلات المولودية من الأخطاء الفنية للاعبين .. وأشار أن المهمة ستكون صعبة لكنها غير مستحيلة ...
تجارب متعدّدة .. ونتائج متواضعة
والكل ينتظر أن يكون أرثور جورج الحل الأمثل للوضعية ، بالرغم من أن المتتبعين يؤكدون أن الإدارة تباطأت كثيرا في ايجاد خليفة المدرب شارف، أين بقي الفريق بدون مدرب رئيسي منذ 15 يوما، وهذا نظرا لنقص خبرة المسيرين الحاليين، وكذا رفض بعض التقنيين المحليين ركوب القطار في هذا الظرف غير المناسب للفريق .. كما أن فترة تأقلم المدرب الجديد مع محيطه الجديد سيكون ربما طويلا لمعرفة إمكانيات اللاعبين ومستوى الكرة الجزائرية ...
فكل الرؤية الكبيرة قبل انطلاق الموسم أصبحت الآن لمحاولة الخروج من عنق الزجاجة، كون ضغط الأنصار في منحى تصاعدي وانتقادات كبيرة يتلقاها كل من شاوشي، أكساس ، سيلا ، حشود وآخرون لهذا الفريق الكبير الذي يتم مقارنة آدائه وطموحاته بماضي ذهبي صنعته أسماء كبيرة أمثال بن شيخ، بتروني، باشي، باشتا بقيادة زوبة وخباطو الذين فازوا بالألقاب المحلية والقارية في الماضي ...