النّضج والعمل الجاد

سرّ عودة يوسف بلايلي

سعيد بن عياد

دروس عديدة تستخلص من مشاركة الفريق الوطني الجزائري في «كان» القاهرة، ليس من الجانب الرياضي والأداء والنتائج فقط، ولكن من جانب قدرة اللاعب، الإنسان، على العودة إلى صدارة المشهد وإزالة شوائب علقت بصورته في فترة سابقة، والتخلص من تبعاتها على ما فيها من تأثير على واقع ومستقبل المعني.
اللاّعب الموهوب يوسف بلايلي، ابن عاصمة الغرب الجزائري، مرّ قبل سنوات بمنعرج لم يكن يتوقّعه، حتى كاد أن يضعه في خانة النسيان نتيجة وقوعه في المحظور، فصدم يومها جمهوره في اتحاد الجزائر وكل المهتمّين بعالم الرياضة، لتعاطيه سموما (كوكايين)، كلّفته عقوبة المنع من اللّعب لمدة سنتين. يومها شعر بالتأكيد بأن الحلم في الوصول إلى العالمية تبخّر وأنّ الأفق ضاق، لولا أنه، وبالتأكيد بمساعدة من محيطه المباشر تدارك الخطر وأدرك في حينه سبيل النجاة، بعقد العزم على إعادة توجيه البوصلة إلى المخرج السليم، متمثّلا في وضع حدّ لمرحلة سلبية والانتقال إلى مرحلة النضج.
نعم، إنه النّضج الذي يرتقي بالرجل، أيا كان موقعه ومهنته ومركزه الاجتماعي، من المراهقة والطيش إلى المسؤولية تجاه نفسه ومحبّيه، أصدقائه، أسرته وأنصاره، فيضعه على درجة متقدمة في المشهد، خاصة إذا كان يملك التميّز في مجالات تحميها المنافسة والعطاء وتحسمها القدرة على التحمل والإبداع كما في الرياضة وبالذات كرة القدم. وها هو الرجل يقدّم صورة نوعية وراقية في أرض الكنانة بعد أن شقّ طريق النجاح من بوابة تونس ضمن فريق الترجي، الذي عرف كيف يستقطب نجمه ونجم الجزائر ويرافقه في التقدم على سكة الجد والاجتهاد. بالتأكيد لم تكن المعركة مع النفس ومواجهة أنانيتها وكسر سلطان الهوى أمرا سهلا، وإنما تطلبت بلا شك انتهاج مسار دمج العمل بالأخلاق والانضباط بالهدف والسمعة وبالعطاء، ليمكن بناء شخصية متّزنة ومواكبة لمعادلة التحدي، ترتقي بالإنسان إلى الصدارة، وهو بذلك نموذج يؤكّد أنّ الخروج من دائرة الضياع والفشل ممكن، وفي مقدور الفرد مهما كان أن يتحول إلى إنسان بنّاء ومنتج للفرحة والثروة، ولعل يوسف بلايلي مثال بارز في الساحة لشاب تعثّر لكنه أسرع في النهوض بالعمل بأدنى معايير النجاح، على الأقل ومنها التزام سيرة متّزنة ونظيفة روحها العمل والأخلاق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024