عرفت الكرة الجزائرية عودة ملحوظة على الصعيد القاري في السنوات الأخيرة من خلال مشاركة عدد كبير من الأندية ضمن منافستي رابطة أبطال أفريقيا وكأس الكونفيدرالية الأفريقية، كما تمكّنت من الوصول لأدوار متقدمة نتيجة العمل الذي قام به عدد من المسيرين على رأس هذه الفرق التي شرّفت الجزائر في عدة مواسم وتمكّنت من قول كلمتها أمام فرق قوية ولها تقليد على هذا الصعيد.
البداية الحقيقية لعودة تألق المستديرة الجزائرية في الساحة القارية كانت سنة 2014، عن طريق وفاق سطيف الذي تجاوز كل الحواجز بخطى ثابتة وقدم مشوارا أكثر من رائع، حيث أقصى كل الأندية التي واجهها الواحد تلو الآخر منذ الأدوار التمهيدية وصولا إلى النهائي ليتوّج باللّقب الأغلى وبالتالي التربع على العرش الأفريقي لثاني مرة في تاريخه بعدما فعلها سنة 1988 وهو في القسم الثاني، والأول للجزائر بالنسخة الجديدة لمنافسة رابطة الأبطال صانعا أفراح الجزائريين بمجموعة من اللاعبين والمسيرين كتبوا أسمائهم بأحرف من ذهب بكل جدارة واستحقاق.
تألق الوفاق قاريا فتح الباب أمام بقية الأندية الجزائرية من أجل السير خلفه من خلال رفع التحدي واللعب بكل قوة وإرادة على غرار إتحاد العاصمة الذي تمكن هو الآخر من بلوغ النهائي سنة 2016، وبالرغم من إنهزامه ذهابا وإيابا أمام أفضل نادي في القارة خلال السنوات الحالية، والأمر يتعلق بـ»تي بي مازمبي» الأنغولي، إلاّ أنّ أبناء سوسطار جدّدوا المحاولة في الموسم الموالي بعزيمة أكبر وأقوى بجيل ذهبي وضعت أمامه كل الإمكانيات اللازمة، حيث بلغوا الدور نصف النهائي فقط وخرجوا أمام حامل اللقب الوداد البيضاوي المغربي وكانت له مشاركة أٌخرى سنة 2018.
شبيبة الساورة ومولودية بجاية في أول تجربة
المأمورية لم تتوقف هنا بالنسبة للكرة الجزائرية التي عرفت بروز أندية أخرى لم تكن تملك التجربة والخبرة على الصعيد الأفريقي على غرار شبيبة الساورة التي تأسست سنة 2008، لكن مجموعة من الشباب مدعُومين برغبة إدارة أرادت أن تصنع لهذا الفريق اسما على المستوى القاري بعدما كان لها ذلك محليا، بالفعل تحقّق لها ذلك بالرغم من الخروج من الدور التمهيدي الأول إلاّ أن ذلك كان له الأثر الإيجابي، فيما بعد من خلال الوصول لدور المجموعات في ثاني مرة وأقصيت في الجولة الأخيرة فقط.
من جهتها، مولودية بجاية كانت حاضرة قاريا من بلوغ نهائي كأس الكونفيدرالية الأفريقية سنة 2017، بترسانة من اللاعبين ممزوجة بين الخبرة والإرادة، وبعد مستوى رائع أدهشوا به كل المتتبعين وأمتعوا من خلاله الجمهور الجزائري إنهزموا أمام الغريم التقليدي للكرة الجزائرية «تي بي مازمبي» الأنغولي الذي أصبح يعرف جيدا طريقة لعب الأندية الوطنية، بحكم عدد المواجهات التي جمعته معهم في السنوات الأخيرة، سواء في رابطة الأبطال أو كأس الكاف بدليل أنه لم يهزم أمام ممثلين الكرة الجزائرية لحد الآن، رغم إقصاءه على يد وفاق سطيف سنة 2014.
السنافر أمام فرصة كبيرة..
حاليا ستكون كل الأنظار مشدودة نحو فريق شباب قسنطينة الذي تمكن من بلوغ الدور ربع النهائي في أول مشاركة له ضمن منافسة رابطة الأبطال، حيث يبقى السفير الوحيد للكرة الجزائرية في الموسم الحالي بعدما فشلت الفرق الأخرى من مواصلة المشوار وسيواجه السنافر نادي الترجي التونسي في اللقاء القادم وعينه على إحداث المفاجأة وإزاحة التونسيين بما أنهم سيلعبون من دون ضغط بعدما قطعوا مسافة مهمة رغم قلة الخبرة والتجربة لدى اللاعبين.
فريق مولودية الجزائر هو الآخر كانت له كلمة في الساحة القارية خلال السنوات الأخيرة بعدما غاب عنها من قبل، حيث تمكّن من بلوغ دور المجموعات في الموسم الماضي وخرج في الجولة الأخيرة وقبلها أقصي من الدور ربع النهائي أمام النادي الأفريقي التونسي وأبان عن مستوى مقبول بالرغم من المشاكل التي طالت هذا النادي العريق بسبب الصراعات الداخلية.
وبهذا، فإن الكرة الجزائرية عادت من بعيد وفرضت نفسها على الصعيد القاري بعدما غابت لفترة طويلة انعكست بشكل سلبي عليها، لكن الأمور تغيرت للأحسن في الفترة الحالية بدليل عودة كبار الأندية للواجهة وفي المقابل بروز فرق وتألقها بالرغم من أنها المرة الأولى التي تشارك في المستوى العالي، ومن جهة أخرى لا حظنا تغيّر أسماء النوادي التي تشارك من موسم لآخر ما يعني أن البطولة المحلية تعرف تنافس كبير على المراكز الأولى، ولكن على المسؤولين القائمين على كرة القدم أخذ ذلك بعين الاعتبار ومواصلة العمل من أجل التربع على العرش القاري من جديد.