احتكر ملف التكوين في المدة الأخيرة الساحة الكروية الجزائرية من خلال اعتماد الاتحادية الجزائرية مشروع انجاز 4 مراكز للتكوين، بمصادقة الجمعية العامة على هذا المخطط المستقبلي، وكذا تركيز بعض الأندية على انشاء مراكز لتدعيم التكوين على مستواها.
إنها خطوات ملموسة و مشجعة لإرساء قاعدة صلبة لكرة القدم الجزائرية، بعد « الفراغ « الكبير الذي عرفته لسنوات طويلة من هذا الجانب و الذي أثّر بشكل كبير على مستوى أداء اللاعبين و الفرق على حد سواء . فقد تراجع عمل الأندية بشكل معتبر منذ سنوات طويلة من هذا الجانب المهم و ظهر جليا من خلال تقلص عدد اللاعبين الذين بإمكانهم الفوز بمكان في المنتخب الوطني الأول، بالإضافة إلى الصعوبة الكبيرة التي تجدها فرقنا الوطنية للفئات الصغرى في التأهل الى الدورات النهائية للمنافسات القارية .
الابتعاد تدريجيا عن «موضة الميركاتو «
يعد الشغل الشاغل بالنسبة للأندية هو « النظر بشكل مركز « نحو الفريق الأول و البحث على النتيجة ضمن فريق الأكابر .. و أصبح موعد « الميركاتو « أهم نقطة بالنسبة للمسيرين الذين « يتهافتون « على العصافير النادرة ، كون التكوين على مستوى فرقهم غير موجود و لا يعطي أية فرصة لترقية لاعبين من الفئات الصغرى . أصبحت معظم الأندية تعاني من نقص الموارد المالية بحكم أن تكوين فريق تنافسي « يفرض « المشاركة بقوة في سوق الانتقالات .. كما أن المدربين لم يجدوا ضالتهم، كون الأمور لا تسير وفق منطق رياضي تقني يتم العمل مع مجموعة من اللاعبين لمدة تفوق السنتين للوصول الى الانسجام الضروري و طريقة لعب مميّزة للفريق .
كل هذه الأمور « أضعفت « مستوى الأداء ضمن الرابطة المحترفة الأولى بدرجة كبيرة ، و رأينا أنه حتى الأندية التي كانت معروفة باسم « المدرسة « اختفى دورها و سارت في نفس مسار الفرق الأخرى حتى تضمن تواجدها، و البعض منها غادر قسم النخبة على غرار رائد القبة و جمعية وهران
رفع مستوى اللاعبين بعمل مؤطرين ذوي الكفاءة اللازمة
وأمام هذه الوضعية، فإن المشاريع التي سترى النور في المستقبل القريب و الخاصة بمراكز التكوين ستكون الحل الأمثل لإعادة الكرة الجزائرية الى الواجهة ، لأن الموهبة موجودة لدى أطفالنا الذين ينتظرون كيفية صقلها من طرف الاختصاصيين الذين بامكانهم تطوير قدرات اللاعبين ضمن مخطط مدروس .
انشاء مراكز للتكوين «يفرض « الاعتماد على كفاءات كبيرة بامكانها حمل هذه المشاريع الى النجاح حيث كانت تجربة فريدة من نوعها و التي أعطت نتائج ملموسة في الماضي القريب و المعروفة بـ «أكاديمية الفاف « ، تخرج منها العديد من اللاعبين الممتازين حتى أن البعض منهم تمكن من الوصول الى الفريق الوطني الأول و الالتحاق بعالم الاحتراف .. الى جانب تجربة أكاديمية بارادو و التي تموّن معظم أندية النخبة بلاعبين لهم مستوى كبيرا و منهم كذلك من تحوّل الى الأندية الأوروبية و فرض نفسه . مما يعني أن الشرط الأساسي للنجاح في كرة القدم هو التكوين بالدرجة الأولى حيث اذا أصبحت هذه المراكز بعدد كبير من خلال توفر مراكز تكوين للأندية على غرار اتحاد العاصمة، شبيبة القبائل، وفاق سطيف ، مولودية الجزائر ، فإن ذلك سيعطيها الفرصة للاعتماد على لاعبين مميّزين و « فلسفة لعب « خاصة بالفريق التي تجعل وصول نسبة كبيرة من هؤلاء اللاعبين الى الفريق الأول دون اللجوء في كل مرة الى الانتدابات بشكل مكثف و بالتالي توفير الأموال و تخصيصها لتسيير الفريق بشكل أفضل و التكوين بالدرجة الأولى . في حين أن الاتحادية من خلال هذه المراكز سوف توفر الوسائل الضرورية لترقية الأداء بالاعتماد إلى كفاءات كبيرة والتي بإمكانها بهذه المراكز الجهوية منح الفرصة لكل المواهب و عدم تضييع أية موهبة قادرة على الذهاب بعيدا في مجال كرة القدم .
يتطلب من المراكز أن تعتمد على كفاءات تقنية عالية والتي تسمح لها تطوير قدرات اللاعبين، حيث أن الإطار العلمي مهم للغاية، بدراسة معمقة من طرف المديرية الفنية الوطنية .. بحسب أخر الأصداء فإن الفاف تدرس إمكانية استقدام مدير فني أجنبي لديه الخبرة الكافية لإعداد مخطط طموح للوصول الى نتائج ملموسة . كما أن دور اللاعبين القدامى مهم للغاية في هذا الاطار من خلال اكتشاف المواهب و إعطائها النصائح الضرورية لتطوير قدراتها، و تمكن العديد من هؤلاء اللاعبين فرض طريقتهم كمدربين أكفاء على غرار شريف الوزاني، عمر بلعطوي، بلال دزيري ...
لذلك يمكننا القول أن تركيز الإمكانيات على التكوين هو الطريق الأمثل لإيجاد الحلول الملموسة لوضعية كرة القدم الجزائرية .