رغم مجهودات بعض الأندية وسيرها في رواق مناسب

الاحتراف الحقيقي يتطلّب وقتا وإمكانات مادية وتنظيميّة

حامد حمور

يرى العديد من المتتبّعين أن الاحتراف في كرة القدم الجزائرية لم يبلغ مستوى معتبرا، رغم مرور 8 سنوات من تطبيقه، بالنظر للمشاكل الكبيرة التي تعيشها العديد من الأندية التي تفتقر للوسائل الضرورية من أجل السير بشكل موفق في مخطط منظم في النقاط الأساسية التي تتطلبها كرة القدم الحديثة.

فرغم أنّنا نلاحظ أن بعض الأندية تسير في رواق مناسب، إلا أن الوصول الى الاحتراف الحقيقي يتطلب وقتا وإمكانيات معتبرة، وكذا التخطيط على المدى البعيد بالاعتماد على الكفاءات التي بإمكانها إعداد إستراتيجية تمكن الفريق السير بخطى ثابتة نحو مستوى محترم من نقاط الاحتراف.
فعدم توفر مثل هذه الشروط يؤثر مباشرة على سير الفريق الذي يبقى «يصارع» من أجل إيجاد الموارد المالية التي تسمح له «بناء» هياكل الاحتراف في كرة القدم.
وتمكّنت بعض الأندية من تحقيق التوازن الذي يسمح لها الارتكاز عليه لبلوغ أهداف على المدى المتوسط، على غرار اتحاد العاصمة الذي يملك المقومات الأساسية التي تجعله مؤهلا لتقديم الإضافة من خلال التنظيم الجيد لهياكله، واعتماده على إستراتيجية إدارية وفنية ارتسمت على الفريق بشكل ايجابي.
فالتشكيلة العاصمية عرفت استقرارا من حيث التعداد الذي وجد ضالته في محيط تنظيمي مناسب، الى جانب الخيارات الفنية بجلب مدرب محترف يعرف الكيفية التي يحضر بها فريقه في مختلف المنافسات، وما احتلاله للمركز الأول في الرابطة المحترفة الأولى لدليل على هذا التوجه الايجابي، كما أن الخطوة التي قام بها مسيرو الاتحاد باطلاق مشروع مركز التكوين سيزيد من احترافية هذا النادي، الذي يعطي صورة جد ايجابية كذلك من حيث التنظيم الإعلامي الذي يعتبر نقطة مهمة كون خلية الاتصال تعتمد على آليات تجعل المعلومة متوفرة عن هذا النادي بصفة سلسة.
فنجاح الاحتراف مرتبط بتوفر «المناخ» الأمثل في معظم الأندية، لكننا نرى يوميا أن هذا الهدف يبقى بعيدا من خلال غياب الموارد المالية للعديد من الأندية، هذه الوضعية التي تكبح التفكير على المديين المتوسط والبعيد حيث جعلت يوميات الفرق هو «الجري» وراء توفير هذه الموارد و»نسيان» الجانب التنظيمي، والمشاكل التي عاشها فريق شباب بلوزداد منذ انطلاق الموسم لخير دليل على هذه الوضعية الصعبة لعدة أندية.

توجّه اللاّعبين إلى «لجنة المنازعات» ...!

كما أنّ توجّه عدد معتبر من اللاعبين الى «لجنة المنازعات» للحصول على مستحقاتهم رسم صورة عن عدم التزام الأندية بواجباتها نحو اللاعبين، الذين يضطرون لتسيير مشوارهم الكروي بعيدا عن العراقيل التي يجدونها في كل مرة، خاصة وأن الاحتراف يعني أن اللاعب مركز إلا على عمله كلاعب في نادي معين.
 وبالتالي، فإن الاحتراف الحقيقي يبدأ من نقطة التفكير المحكم من طرف المسيرين في ضبط الأولويات وليس السير فقط من أجل تحقيق النتائج الأنية لارضاء الأنصار، ثم الوقوع في «مشاكل كبيرة» بعد فترة قصيرة.
فقد رأينا أن الاستقدامات تكون بطريقة غير مدروسة وبكثافة كبيرة تكلف خزينة النادي الكثير دون مراعاة الإمكانيات المادية المتوفرة من جهة، ومن جهة أخرى تفرض على المدرب ضرورة الوصول الى انسجام حقيقي في وقت قياسي لتكون هذه «الاستراتيجية» غير مجدية تماما كونها تدخل الفريق في دوامة تنظيمية وفنية على حد سواء.

ضرورة رسم استراتيجية بعيدة المدى...

لذلك، فإن الاحتراف يتطلب قبل كل شيء دراسة معمقة لإمكانيات النادي، والعمل على ترقيتها بوسائل أفضل تدريجيا من خلال البحث على ممولين بامكانهم دعم الفريق، ثم وضع خطة على المدى البعيد بتوفير مركز للتكوين الذي يموّن الفريق باللاعبين تدريجيا، إلى جانب البحث عن مدرب يدخل ضمن فلسفة اللعب التي تميّز النادي، وكذا إشراكه في الاستقدامات التي تكون مدروسة وبعدد احتياجات الفريق وليس بصفة مكثفة تؤثر على توازن التشكيلة.
فالغاية الأساسية من خلال دخول الأندية الجزائرية عالم الاحتراف هو تطوير هذه الرياضة الشعبية رقم واحد في الجزائر، لكن نرى أن مستوى الأداء يبقى بعيدا كل البعد عن الهدف المسطر حيث أننا قليلا ما نرى مستوى جيد في المقابلات بسبب ضعف تكوين اللاعبين وظهور مشاكل تسييرية عديدة في كل مرة، وهذا الأمر الذي ارتسم على تقلص عدد اللاعبين الذين ينشطون في البطولة المحلية ضمن صفوف المنتخب الوطني.
ويبقى من الضروري الاعتماد على الكفاءات في ميادين مختلفة لارساء تنظيم يسمح للأندية الارتقاء لمستوى أفضل يجعل مراكز التكوين تقوم بدورها في تحضير لاعبين قادرين على الوصول الى صنف الأكابر بمستوى أحسن يمكن الفريق الاعتماد عليهم في تحقيق نتائج كبيرة للنادي من جهة أو تحويلهم لأندية أخرى، والاستفادة المزدوجة من الناحيتين الفنية والمالية، وبالتالي يكون النادي في استقرار ويحقق ظروف تسيير ايجابية للغاية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024