يرى الروائي السعيد بوطاجين ضرورة ترك كتابة التاريخ لأهل الاختصاص من الباحثين والمؤرّخين، والذين هم على اطّلاع وأدرى بتاريخ الجزائر العريق، حيث يعمل على نقله وكتابته بكل موضوعية وشفافية، عكس الكاتب ـ يضيف بوطاجين ـ والذي يعتمد على إضفاء الجمالية على قضايا واقعية.
قال الرّوائي السعيد بوطاجين في حديث لـ «الشعب» إنّه يجب الإشارة في بداية الأمر إلى أن الكاتب ليس مؤرّخا، وإن ادّعى ذلك سيدخل في تخصّصات الآخرين، مهما كان اطّلاعه على المادة التاريخية، مؤكدا في ذات السياق على أن ذلك لا يمنع الكاتب أو الروائي من معرفة في بعض السياقات ما لا يعرفه المؤرخ في حد ذاته.
وأكّد بوطاجين أن الكاتب يستثمر في بعض العلامات التاريخية لبعض الحَرفية أو بالحذف والإضافة، من حيث أنه يتعامل مع المادة الفنية، والتي ليست بالضرورة مطابقة للأحداث كما جرت على أرض الواقع.
ويستدل الروائي السعيد بوطاجين في ذلك بمقولة للناقد الروسي «بيلنسكي»، قائلا بأنّه يطرح في هذا الشأن سؤالا جوهريا «ما هو الشيء الذي يضفي على الأدب قيمة فنية رغم أنه تاريخي؟»، مشيرا إلى أن القضايا الأدبية المحضة هي التي تعطي قيمة للمنجز الفني أو السردي، وليس التاريخ على اعتبار أنه موضوع من الموضوعات الممكنة، حيث تظل الطريقة ـ حسب السعيد بوطاجين ـ هي الأساس.
من جهة أخرى، قال بوطاجين إنّ الكاتب بإمكانه أن يقدّم شيئا عن تاريخ الجزائر لكن ـ من منظوره ـ من الصعب أن نحكم عليه إن كان صادقا في نقل الأحداث، وقدمها للقارئ بكل موضوعية بعيدا عن تحريف الوقائع، مشيرا إلى أن دوره الفعلي هو إضفاء الجمالية على قضايا واقعية.
يرى الناقد بوطاجين بأنّ الكاتب إذا انخرط في نقل الوقائع قد يضحّي بالفن من أجل التاريخ، أو قد يعتمد على الجمالية أكثر من الواقعية، مشيرا في حديثه إلى روائيين تعرّضوا لانتقادات كثيرة حين كتبوا عن تاريخ الجزائر، حيث تعاملوا مع المادة التاريخية بطريقتهم الخاصة، ودعا بوطاجين في ختام كلامه لترك الكتابة التاريخية لذوي الاختصاص، على اعتبار أنّ الروائي لا يعرف ما يعرفه المؤرّخ.