أستاذ الأدب سعيد بوهون علي لـ «الشعب»:

الثّورة الجزائرية لا تزال مادة خصبة للاستثمار الأدبي والفنّي

بومرداس: ز ــ كمال

التّعامل مع الحقيقة التّاريخية تختلف عن نظرة المؤرّخ

 اعتبر أستاذ الأدب بجامعة بومرداس سعيد بوهون علي «أنّ تعامل الأديب أو الروائي مع الواقعة والحقيقة التاريخية تختلف عن نظرة المؤرخ، فإذا كان هذا الأخير يحاول الإجابة على أسئلة جوهرية عن الحادثة كيف وقعت وهل حدثت بالفعل؟ فإنما الأديب يحاول الحفاظ على جوهر الحقيقة مع إضفاء فسحة من الخيال التاريخي على الحادثة الذي يعتبر قيمة مطلوبة لديه ولا يلتزم بحرفيتها، كما يحاول أن يلبسها ثوبا فنيا جماليا لعرضها على الجمهور بطريقة مشوّقة.
 قدّم الأستاذ والباحث سعيد بوهون في تشريحه لموضوع المعالجة الأدبية أو الروائية للأحداث التاريخية جملة من التصورات ربطها بعدد من المتغيرات والخصائص التي يحملها كل من الأديب والمؤرخ لهذه الوقائع، معتبرا أن «المؤرّخ يسعى إلى التعامل بواقعية مع الحادثة التاريخية بطرح الأسئلة المستمرّة وملأ الفراغات الزمانية والمكانية الموجودة بين الوقائع التاريخية المتعلقة بالموضوع، في الغالب بما يتماشى مع رؤيته وقناعته الخاصة وأهدافه ما قد يتناقض مع جوهر الحقيقة التاريخية، بينما يحاول الأديب أو الروائي أن يستعين بالخيال التاريخي والذوق الفني في معالجة الموضوع، فقد يلغي بعض الوقائع ويقفز على محطات وينتقي من التاريخ ما يخدم رؤيته للقضية.
وأضاف الأستاذ بالقول «إنّ الأديب في العادة يهمه كيفية تصوير التاريخ بطريقة فيها نوعا من الخيال، ونفس الأمر بالنسبة للسينمائي أو الروائي وحتى المسرحي، حيث يقوم الكاتب أو المخرج بملأ الفراغات بالخيال عن طريق اختراع أسماء وأحداث لم تقع فعلا في الواقع لكنها ليست أساسية ولا تمس بالجوهر أوتنحرف عن حقيقة الواقعة التاريخية..».
في سؤال عن أيّهما قد يخدم الواقعة التاريخية المؤرخ أم الأديب خاصة فيما تعلق بإحداث التاريخ الجزائري وكيفية نقله إلى الأجيال، أكّد أستاذ الأدب سعيد بوهون «أنّ عملهما متكاملا، فالمؤرّخ تقوم وظيفته الأساسية بالحفاظ على الواقعة التاريخية وتدوينها وتوثيقها بمعنى أنّه يقوم بعمل علمي وتقني محض، في حين يقوم الأديب بعمل فني من خلال سعيه إلى تقديم التاريخ وتقريبه إلى الجمهور والأجيال بطريقة إبداعية تحمل الكثير من اللمسات الجمالية، وعليه يمكن القول أن المادة الأولية للوقائع التاريخية تقع على عاتق المؤرخ بينما صناعتها وتحويلها إلى منتج فني للاستهلاك هو من عمل الأديب».
كما أكّد الباحث في هذا الصدد أنّ «التاريخ الجزائري لم يحظ بالكثير من الاهتمام لدى الطرفين المؤرخ والأديب معا، وبالتالي فإنّ المسألة تحتاج إلى المزيد من العمل، ولا تزال هناك فراغات ونقائص في نقل أحداث التاريخ الوطني، خاصة وأنّ هناك مادة تاريخية كثيرة عن الثورة الجزائرية وحتى ما قبلها وما بعدها لم تستثمر بعد روائيا أو فنيا، مع ذلك لا يمكن أن ننكر المجهودات والجهود السابقة لبعض الأدباء الرواد الذي ساهموا في نقل جزء مهم من تاريخ الثورة بمعايشة عن قرب على غرار كاتب ياسين، مولود فرعون، محمد ديب وغيرهم، وآخرون اشتغلوا في تقديم أعمالا روائية عن العشرية السوداء مثل واسيني الأعرج، ياسمينة خضراء، ومنه يمكن القول أن هناك عملا كبيرا ينتظر المختصين كل في مجاله لاستغلال هذه المادة الأولية الزاخرة.
في الأخير طرح الأستاذ والأكاديمي سعيد بوهون إشكالية أعمق في هذا الجانب، وتتعلق بكيفية تدوين التاريخ وتقديمه بذوق فني وجمالي إلى الطفل الذي هو رجل الغد، حيث وصف الجهود المقدمة «بالقليلة جدا وتفتقد إلى الصياغة الفنية، فأغلب من حاول تقديم مادة تاريخية للطفل الجزائري انحصر جهده على تقديم أعمال تاريخية جافّة وتصوير شخصيات وأبطال الثورة بطريقة يغيب عنها عنصر التشويق والحبكة القصصية رغم أنّ الثورة الجزائرية لا تزال مادة خصبة بحاجة إلى من يستثمر فيها تاريخيا أو أدبيا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024