البروفيسور لخضر بركة:

بصمة الكاتب وشيفرة إبداعاته الضمان الوحيد لحراسة نصوصه من السرقات

بلعباس: غنية شعدو

قال لخضر بركة، البروفيسور بقسم الأدب العربي بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس، إن السرقة الأدبية في ميدان الأدب تختلف عن السرقة الأدبية في مجال البحث العلمي، هذا الأخير الذي يعتبر السرقة خرقا علميا وأخلاقيا يحاسب عليه القانون لانعدام الإحالة والتوثيق وهو ما يعرفا عموما بالبلاجيا، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في السرقات المتعلقة بالمجال الأدبي، أين تنعدم الرقابة بشكل تام وتتداخل المفاهيم بين السرقة الفعلية، التناص والتأثر.
ففي مجال كتابة الرواية والشعر، أكد البروفسور أن السرقات تحدث بشكل دائم، لكنها سرقات خفية وضمنية تتطلب من القارئ إطلاعا واسعا للوقوف عليها واكتشافها. لكن حاليا يروّج في الحقل الثقافي الأدبي لما يسمى بسرقات العنونة، مثل ما أثير حول الرواية الأخيرة لبوعلام صنصال وتنافسه مع الروائي وسيني الأعرج حول العنوان التاريخي للرواية، حيث أن تشابه العناوين في الحقيقة لا يفقد من قيمة العمل الأدبي، مثلما هو معمول به في الأدب الغربي المنفتح، عكس الأدب العربي الذي يركز رواده ونقاده أكثر على العناوين على حساب المضامين.
أما عن مفهوم “لا ملكية الأفكار” لقائلها توفيق الحكيم، فاعتبر الأستاذ بركة أن الفكرة ملك للجميع أين يستفيد الأدباء من أفكار سابقيهم، وهو ما يعرف بالتناص أو المشترك في الموضوع، فالتناص كفكرة ومفهوم لتداخل النصوص مع بعضها صار يشرع كثيرا للمصطلح القديم الذي كان يسمى بالسرقة، إلا إذا وقعت بشكلها الفاضح من خلال نقل النص لفظا ومعنى، فالتناص يتطلب قيام الكاتب بتغطية النص إبداعيا مع ضمان التعدد والاختلاف في طريقة التناول وهو ما يحدث في الوقت الراهن باسم التأثر أين يقتات الكاتب على نصوص الغير إلى درجة الوقوع أحيانا في السرقة بعد أخذ محتوى نصوص لا علاقة لها بمجتمعه وثقافته وهويته.
وقد أرجع البروفيسور بركة أسباب الظاهرة إلى الجانب الذاتي للكتّاب الذين يسلكون طرقا عبّدها غيرهم للوصول إلى المجد بأسرع الطرق، بالإضافة إلى عجز الموهبة أحيانا، وهو ما يكون مرتبطا بالمدارك العقلية للكاتب، سعة اطلاعه وطرق فهمه للكتابة، ناهيك عن أسباب أخرى تتعلق أساسا بالترقيات والجوائز وكل المغريات المادية.
 أما عن دور الأنترنت فقد قال، إنها سهّلت للباحثين الكسالى القيام بعمليات فبركة المادة وإدراجها ضمن بحوثهم العلمية، خاصة إذا كانت مأخوذة من كتّاب غير معروفين في الساحة الأدبية، الأمر الذي يتطلب أخذ الحيطة والحذر لكل كاتب في نشر مواده الأدبية من روايات وشعر مع وضع بصمة خاصة وشيفرة تميّزه عن باقي الكتاب وتكون ضمانا لنصه الأدبي وأفكاره، خاصة وأن عملية الرقابة على السرقات تكون أصعب بكثير في الميدان الأدبي، نظرا لتداخلها وصعوبة الوقوف على صحتها، حيث يوجد الكثير من الكتاب ممن يستقون بعض النصوص والأعمال الشعرية من الأدب الياباني أو الأمريكي وحتى النرويجي، على سبيل المثال، فلا يمكن للنقاد والمتتبعين الوقوف على هذه السرقات البعيدة عن ثقافتنا. وما يزيد من تفاقم الظاهرة، الغياب الكلي لهيئة رسمية من شأنها كشف هذه السرقات، باستثناء الهيئة الوحيدة الموجودة وهي هيئة القارئ، إن صح القول، الذي بإمكانه تسليط عقوبة معنوية على الكاتب المدان بالسرقة من خلال إسقاطه من لائحة كتابه المفضلين وهو ما يضر بسمعته وصورته الأدبية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024