الشّاعر بغداد سايح لـ”الشعب”

ضرورة الاستثمار في العنصر البشري وتكوين الطّلبة الدّارسين في شعب التّرجمة

حاورته: هدى بوعطيح

خلق فضاء للمترجمين مفيد ولكن سيأكله الفراغ ما لم تتحقّق الجهود المعرفية

 يرى الشّاعر بغداد سايح أنّ الجزائر تفتقد إلى رواد حقيقيين في الترجمة الأصح، وقال في حوار مع “الشعب” إنّ الكثير ممّن يدّعون امتلاكهم لتقنيات الترجمة يفتقدون لمهارات فنية حقيقية ويمارسونها من باب الهواية لا أكثر.
وطالب سايح بضرورة الاستثمار في العنصر البشري وتكوين مميز للطلبة الدارسين في شعب الترجمة، مشيرا إلى أن خلق فضاء للمترجمين مفيد، ولكن سيأكله الفراغ ما لم تتحقق الجهود المعرفية، بوجود نية حقيقية للنهوض بالترجمة إلى آفاق أرحب وأوسع.
❊ الشعب: بداية كيف تقيّمون واقع التّرجمة في الجزائر؟
❊❊ الشّاعر بغداد سايح: يصعب الاعتراف بوجود واقع للترجمة في الجزائر، ذلك أن الترجمة ليس عملية أكاديمية فحسب، إنها عمليّة إبداعية تواصلية بالمعرفة، ففي وطننا الحبيب بالكاد نعثر على متمرّسين في تجربة الترجمة، بالتالي أعتقد جازما أنّنا نفتقد في بلادنا إلى رواد حقيقيين للترجمة الأصح، كثرة المترجمين لا يعني بالضرورة تطوّرنا في مجال الترجمة، مع الأسف الكثير ممّن يدّعون امتلاكهم لتقنيات الترجمة يفتقدون لمهارات فنية حقيقية تتعلق بميدانهم، في بعض الأحيان أرى أنهم يمارسونها من باب الهواية لا أكثر، الموهبة والحب وحتى الأكاديمية عناصر غير كافية، اللغات أمام الترجمة عليها أن تنحني بخشوع تام للمترجم الحذق، أعتقد أنه من الصعوبة إيجاد مترجم بمقياس موضوعي بعيدا عن المجاملات.
❊ ما الذي يقف عائقا أمام حركة الترجمة في الجزائر؟ ولماذا نبقى دائما ننتظر الآخر ليترجم أعمالنا الأدبية إلى لغات أخرى؟
❊❊ لا أدري بالضبط حقيقة الأمر، أعتقد أنّها ذهنية تفشّت في مختلف الحركات الإبداعية ولو أنها بدأت تزول تدريجيا برجوع الثقة إلى الذات، كلّنا عشنا لحظات كان الاهتمام فيها بالأدب الأجنبي والتراجم التي تأتي من الخارج أكبر، هناك تفكير سلبي يسود المنظومة النخبوية في دوائر عديدة على أنّ القادم من الآخر أجمل ما دام متفوقا وناجحا، عجيب أن البعض يقع في فخ المقارنة دون تحليل البيئة التي نجح بها الآخر في مجاله، لا بدّ من التخلص من عقد كثيرة استسلم لها أغلب المثقفين وبالأخص المتحكمين في حركات أدبية كالترجمة مثلا، كما أنّ بعض الكفاءات مورست عليها سياسات إقصاء غير مبررة، وهو أمر موجود في مجالات كثيرة، لا بد من إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي وإلا كان الفشل.
❊ في اعتقادكم ما الذي يمكن أن تضيفه الترجمة للرّوائي من جهة، وللرّواية الجزائرية من جهة أخرى؟
❊❊ لا يمكن للتّرجمة أن تضيف للروائي أو للرواية شيئا، إلا إذا كان الروائي مبدعا حقيقيا وكانت روايته تقدّم الإضافة الحقيقية للعالم في تعريفها بمكوّناتها التاريخية والاجتماعية وبمرجعياتها التي يبلورها صاحبها بكيفية فنية راقية، في اعتقادي مع توفر الحالات السابقة يمكن أن تضيف الترجمة للروائي مقروئية أكبر، شرط أن تكون مواقفه معتدلة تجاه الآخر، كما أن الرواية تستفيد من جانب أكاديمي أوسع، الأهم من كل هذا أن لا يعتقد الروائي بأن الترجمة جسر يعبر به إلى العالمية، من الوهم اعتبار أنّ العالمية تأتي بالترجمة إلى مختلف اللغات، الكثيرون وقعوا في كمين كهذا فلم يستفيدوا شيئا من الترجمة بوجود روايات خالية من القضايا الإنسانية الهامة، فللترجمة جانبان إيجابي هو التوسع وسلبي هو الاغترار.
❊ ألا يرى بغداد سايح أنّ الجزائر بحاجة إلى مركز وطني للتّرجمة؟
❊❊ الجزائر ليست بحاجة إلى مركز وطني بقدر حاجتها لمترجمين يتقنون الترجمة ويبتعدون عن الاختيارات العشوائية للنصوص محل الترجمة، نحن بحاجة إلى مترجمين أكفاء غير متحذلقين بعضهم لا يفرّق بين الضّاد والظّاء، وبعضهم الآخر تراه يستخدم لقب مترجم مزهوا كطاووس أجمل ما فيه بذلته الرسمية.
الحاجة كل الحاجة في أهل اختصاص يمارسون الترجمة عن علم ودراية واسعين، العبرة ليست بالهياكل بقدر الاستثمار في العنصر البشري وتكوين مميز للطلبة الدارسين في شعب الترجمة. صحيح أن خلق فضاء للمترجمين مفيد، ولكن سيأكله الفراغ ما لم تتحقق الجهود المعرفية، بوجود نية حقيقية للنهوض بالترجمة إلى آفاق أرحب وأوسع، بعيدا عن النمطيات المختلفة التي استهلكت اجترارا ومرارا

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024