تنطلق الأحد المقبل فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة، بمشاركة كل من تونس، المغرب، سوريا، العراق، مصر، تركيا، إيران، فرنسا، إسبانيا، البرتغال، المكسيك، اليابان، إضافة إلى الجزائر.. وفي هذا السياق نشط عيسى رحماوي محافظ المهرجان ندوة صحفية قدم فيها برنامج هذه الطبعة العاشرة، وكشف عن توسيعه ليشمل منتدى دوليا حول آلة القانون وملتقى حول دور الجمعيات الثقافية في الحفاظ على الذاكرة.
قال رحماوي إن المهرجان احتفظ بتقاليده وحافظ على نفس تاريخ تنظيمه، حفاظا على العلاقة مع الجمهور ودلالة على استقرار الفعل الثقافي في الجزائر. وسينطلق المهرجان في الـ20 من ديسمبر الجاري، ويستمر إلى غاية الـ26 من نفس الشهر. كما تتوزع النشاطات على قاعة ابن زيدون بالنسبة للحفلات، المعهد الوطني العالي للموسيقى بالنسبة لمنتدى آلة القانون، ونادي عيسى مسعودي بالإذاعة بالنسبة للملتقى حول الجمعيات.
وعن سؤال “الشعب” حول توسيع المواضيع المناقشة في المهرجان من العازفين والمؤدين إلى الحرفيين الذين يصنعون الآلات الموسيقية التقليدية، قال محافظ المهرجان إن الطبعة السابقة تطرقت إلى صناع آلة العود، واستضافت البعض منهم، وهي حرفة تعاني خطر الزوال، وقام المهرجان بتوجيه توصيات. وأضاف بأن هنالك برنامجا في هذا السياق على مستوى الوزارة، بالشراكة مع وزارات التكوين المهني والصناعة، والصناعات التقليدية، لإعادة إحياء تراث بوكلي وبن عيشة وغيرهما. أما عن سؤالنا بخصوص تسجيل الحفلات المقدمة في إطار المهرجان، قال رحماوي إن من الممكن القيام بذلك، ولكن “كل شيء مرتبط بالإمكانيات، أما الإرادة فهي موجودة”.
«حاولنا العمل أكثر على تحضير طبق فني وعلمي قد يخرج عن المعهود لا سيما من الجانب العلمي والدراسي، لأننا لسنا بحاجة فقط للترفيه والسهرات الفنية وإنما أيضا لما يبقى في الكتب والذاكرة”، يؤكد رحماوي.
مهرجان على ثلاثة أصعدة
ويشكل المهرجان أجنحة ثلاث: الجناح الأول فني متعلق بالسهرات، بحيث تضم كل سهرة ثلاث فرق. الجناح الثاني هو المنتدى الدولي حول آلة القانون، فيما يرتكز الجناح الثالث على المحاضرات المتعلقة بالجمعيات الثقافية والفنية ودورها في الحفاظ على التراث والذاكرة، ويحتضن فضاء عيسى مسعودي بالإذاعة هذه اللقاءات.
وستتداخل السهرات مع منتدى “القانون” من خلال “نوافذ” على المنتدى، بمعنى وصلات موسيقية قصيرة بآلة القانون بداية كل سهرة. “وهي فرصة أيضا لإلقاء نظرة على ما يتم إنجازه في المعهد الوطني العالي للموسيقى”، يقول رحماوي.
كل التظاهرة مهداة إلى روح سيد أحمد سري، ولكن هناك أيضا تكريم لبوجمعة فرقان أحد الموسيقيين الأوائل الذي أعطوا الكثير خاصة في آلة القانون. الشخصية الثانية من سوريا، وهو حسن التناري المنحدر من “معرة النعمان” التي أنجبت أبا العلاء المعري.
تنطلق كل السهرات على الساعة الثامنة ليلا، وذلك لإعطاء الفرصة للجميع من أجل الحضور، وستتضمن سهرة الافتتاح بمفاجأة هذه الطبعة الجوق الوطني النسوي للموسيقى الأندلسية، وكانت تجارب سابقة تيمنا بالشيخة طيطمة وفضيلة دزيرية، في إنشاء أجواق نسوية. “ولكن هذه السنة ارتأينا كجمعة وطنية للموسيقى الأندلسية تأسيس هذا الجوق الذي يضم أبرع الفنانات، وترافقه الفنانة لامية ماديني”، يقول رحماوي، يليها أنغام الرافدين من العراق التي تقدم المقام العراقي، تحت قيادة طه غريب، ثم جمعية الفنون الجميلة الفائزة بالجائزة الأولى للمهرجان الوطني لموسيقى الصنعة، وهو ما بوّأها المشاركة في هذا المهرجان.
ومن الحاضرين في البرنامج نجد الفنانة زكية قارة تركي المعروفة بلمستها الخاصة، ولها حضورها في الموسيقى الأندلسية. هناك أيضا فنانة يابانية اسمها فومي هيرارا، ستعزف الكثير من الوصلات والطبوع وهي حاضرة بصفة كبيرة في اليابان وأوروبا.
وهناك حفل كبير يحضر منذ 2010 وكانت المبادرة من تلمسان، بمشاركة فرقة أركانجيلو من ليل الفرنسية (لها حضور في الموسيقى الباروك والمزج بين مختلف الأنواع الموسيقية)، بمشاركة جزائريين مثل الموسيقار توفيق بن غبريط، خليل بابا أحمد (رئيس الجوق)، ليلى بورسالي، نور الدين سعودي، كريم بوغازي، وسيكون الحفل تحت عنوان “الجزائر موسيقى وسلام”. أما من تونس فتأتينا فرقة “سيدي بوسعيد” للمالوف والتراث، ومن سوريا فرقة “سلاطين الطرب”.
محاضرات، لقاءات وورشات عمل
وعن منتدى القانون قال سعداوي، المشرف على منتدى آلة القانون، إن العزف على هذه الآلة تطور بصفة كبيرة، وقد تم الحرص على استقدام أستاذين جامعيين وعازفين منفردين، من أجل ضمان فائدة أكبر. وسيتضمن المنتدى تكوينا ينتهي بتقييم للمتدربين، المتمثلين في طلبة من الجزائر والمغرب وتونس، وأحسنهم سيعطى الفرصة ليقدم وصلة موسيقية مما تعلم.
أما نور الدين سعودي فوصف المهرجان بالثري، فقد كان يحمل فيما قبل الجانب الفني فقط، ولكن هذه المرة يحمل الجانب الغنائي الطربي، وكذا الجانب العملي بخصوص آلة هي في حد ذاتها علم، إضافة إلى الجانب الأكاديمي. ومن هنا تم عرض مشروع الملتقى حول الجمعيات، وقد علمنا التاريخ كيف يتم التداول داخل العائلة والقبيلة حسب المجتمع. أما تحت الضغط (الاستعمار الفرنسي)، بدأت الذاكرة تتلاشى وكانت الجمعيات هي من حماها. وعديدة هذه الجمعيات مثل “الجزائرية” التي صارت “الجزائرية الموصلية”. وقال سعودي إن ما يقارب 95 بالمائة من الموسيقيين الأندلسيين اليوم هم خريجو الجمعيات الموسيقية الأندلسية. كما لاحظ بأن الجمعيات كانت في كل عصر وظرف تتأقلم مع الظروف والذاكرة. ومن المدعوين لتنشيط هذه اللقاءات الشيخ خزناجي الذي ترك له المجال مفتوحا لتقديم خبرته للجمهور.