سوق للفن التّشكيلي في الجزائر سيفتح المجال للاستثمار الحقيقي
بن عبد الرحمن فاروق، فنّان تشكيلي سطع اسمه في عالم الرّيشة، هو خرّيج المدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة، مسيرة 20 سنة من الإبداع والعطاء أهّلته لافتكاك جوائز دولية بمشاركته في معارض داخل الوطن وخارجه، حيث تمكّن من خلالها أن يمثل بلاده أحسن تمثيل، ويكشف عن ميزات وقدرات الفنان التشكيلي الجزائري الذي يفيض إبداعا.
بن عبد الرحمن فاروق، أول فنان عربي وإفريقي يدخل الموسوعة العالمية التي تضم أهم الفنانين التشكيليين في العالم، هذا ما أكده في حديث لـ “الشعب”، مشيرا إلى أنّ اسمه أيضا يتواجد في قاموس من 03 طبعات يهتم بقضايا الفن التشكيلي الجزائري للأستاذ منصور عبروس مختص في علم الاجتماع، والذي اهتم بجمع السير الذاتية لفنانين تشكيليّين معروفين على الساحة الدولية ما بين 1917 إلى 2010.ّ وقال بن عبد الرحمن بأنّ أعماله ومسيرته الفنية توّجت بلقاء المناجير ومدير أعماله “سمير بداك” المختص في جمع كل ما له علاقة بالتراث الوطني من تحف قيمة ولوحات راقية.
لدينا تاريخ فني عريق
أكّد بن عبد الرحمن فاروق أنّ الفن الجزائري بصفة عامة، والتّشكيلي بصفة خاصة له تاريخ عريق، مبرزا أنّ هناك من الأسماء من ذاع صيتها وتركت بصمتها خالدة، ومنها من عملت في الخفاء وماتت، وبالتالي ماتت أعمالها في صمت، مشيرا إلى أن العديد من الأعمالت الفنية كان لها الصدى خلال الحقبة الاستعمارية وما بعد الاستقلال.
وأضاف بأنّ الجزائر تملك أعمدة في الفن التشكيلي، من أول لغة للتواصل البشري والنقش على الصخور إلى الفن التصغيري مع محمد راسم ومحمد تمام وغيرهم، لتجيء موجة الفنون المعاصرة وتحتك مدارس الفن التشكيلي الغربية مع الجزائرية، ليكون هذا التصادم ـ حسب بن عبد الرحمن ـ وليد فكرة نتج عنها حركات ذات طابع كلاسيكي تقليدي محض بارتدادات معاصرة، وهو ما جعل الفنان الجزائري مميز عبر مختلف المحافل الدولية، ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه، “فضلا عن دخولي الموسوعة العالمية للفنانين التشكيليين”، يقول بن عبد الرحمن فاروق.
«ناضلت لأجل قانون الفنان، وبعد كفاح دخل حيّز التّنفيذ”، هذا ما أكّد عليه الفنان التشكيلي، مشيرا إلى أنّ وزيرة الثقافة السابقة بعد أن أعلنت عدم دخوله حيز التنفيذ، لم يكن بالإمكان الوقوف متفرّجين على قانون يضمن حقوق الفنان ويعيد له الاعتبار، وقال بأنّه تلقّى عدة معارضات، لكنه بقي يناضل إلى أن أفرج عن القانون.
وعن سؤالنا حول ما إذا كانت الجزائر تتوفر على سوق مناسب للتّرويج للوحة التشكيلية، أشار فاروق بن عبد الرحمن إلى أنّ الجزائر تتوفّر على سوق للفنون التشكيلية لكن يتحكّم في تسييره كل من ليس له علاقة بهذا الفن فعكّر الجو الجميل الذي يُحيط به، مشيرا إلى أنّه وقع بين يدي من ليست لهم الخبرة في هذا المجال، بالرغم من أن الفنان مرآة مجتمعه وسفير بلده حيث يقف إلى جانب القضايا العادلة.
قرار وزاري هام
ثمّن بن عبد الرحمن فاروق قرار وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، بإقامة سوق للفنون التشكيلية كل 03 أشهر في السنة، متمنيا أن تقام بمقاييس عالمية وتتميز بالاحترافية المطلوبة، وأبرز في سياق حديثه بأن هذا القرار أحدث ضجّة، كون الجزائر تملك قدرات وكفاءات في هذا المجال، والفنان التشكيلي لا يجد ضالته إلا في المعارض المحترمة.
وتمنّى فاروق نجاح هذه المبادرة، لتفتح أمام كل فنان تشكيلي أبواب عرض أعماله الفنية والترويج لها، فضلا عن الاحتكاك بمختلف الفنانين، قائلا بأنّ الجزائر تمتلك عمالقة وأساتذة وأرمدة في الفن التشكيلي. ودعا بن عبد الرحمن الإعلام الوطني للترويج له، حيث يلعب دورا كبيرا ـ حسب المتحدث ـ في بلورة هذا الإرث الثقافي وإيصاله للجمهور المتعطش لهذا النوع من الفنون، مضيفا بأن هناك إقبال للجمهور لكنه ليس مبلور بما فيه الكفاية.
بن عبد الرحمن أكّد أنه إذا كان هناك سوق ولقاءات ومحاضرات واحتكاك بين الفنانين العالميين، سيفتح المجال للاستثمار الحقيقي في الفن التشكيلي، والذي لن يتأتّى أيضا إلا بتدعيمه وتمكين الفنان من إيصال إبداعاته إلى أبعد الحقول، وطالب بضرورة إبراز الجيل الجديد الذي تعجّ به الساحة الفنية، وتشجيعه وتوفير له مختلف الإمكانيات لتمثيل وطنه في المحافل الدولية بتوفير ورشات وتنظيم معارض، فضلا عن التكوين على اعتبار أن التطور في هذا المجال متواصل باستخدام وسائل حديثة.
من جانب آخر، قال بن عبد الرحمن أنّه قدّم معارض له عبر مواقع الانترنيت، ولاقت رواجا كبيرا. وعن جديده أوضح بأنه سيمثل الجزائر في الدار البيضاء بالمغرب شهر جانفي المقبل، وفي أبو ظبي شهر فيفري، ثم باريس مطلع شهر مارس، وفي الأخير قال إنّ واقع الفن في الجزائر في تطور ملحوظ، والدليل على ذلك القرار الوزاري الصادر حديثا بإقامة سوق للفنون التشكيلية.