الأغنية السطايفية عنوان تراث عاصمة الهضاب

السراوي حـاضر رغم تنوّع الطّبـــوع الغنائية في الحفلات

سطيف: نور الدين بوطغان

لا يختلف اثنان في أن ولاية سطيف  مشهورة ثقافيا بالأغنية السطايفية المحبوبة في الأعراس على المستوى الوطني، لطابعها الراقص والمميز.
هذه الأغنية التي تشكل حقا تراثا لعاصمة الهضاب، تنهل منه الأجيال، حتى وإن عرفت هذه الأغنية في الوقت الحاضر بعض الإهمال لصالح أغاني الراي، ومع ذلك هناك نخبة من الفنانين الشباب الذين حملوا على عاتقهم مشعل هذه الأغنية، كما تساهم السلطات الثقافية في الحفاظ على هذا الموروث الجميل من خلال تنظيم مهرجان سنوي للأغنية السطايفية.
وتتميّز أعراس بعض العائلات السطايفية في مختلف أرجاء الولاية، والتي تحرص على الحفاظ على التراث،  بترديد أغان قديمة من التراث وعصرية في حفلاتها، رغم التطور الحاصل في بعض الحفلات من خلال استعمال أغان جاهزة مسجلة على أقراص، وتتميز بالتنوع وان كان الطابع السطايفي يبقى حاضرا في كل حفلة.
ولعل بعض الأغاني تبقى دائما في الذاكرة الجماعية الفنية لسكان عاصمة الهضاب على غرار “يدّو بالحنة يا لحواس تزوّج وتهنى..وينو قاعد قاعد في باب ابيو وينو قاعد في باب الجوامع افوزي فضة تتلامع”، وأغنية “يا الصالح كونك صالح الغربة صعيبة وين راك رايح”، وأغنية “خرجت من الحمام رايحة للحفافة”، وكذا “راهي راهي جات راهي جات لغزالة قلبي محروم من النوم ونباتو سهارة”، وأغنية “ديري لعراس يا ميما ديري لعراس وربّي علينا عسّاس”، كما تؤدّى أغان أخرى ليست لها علاقة بالأفراح على غرار “يا خالي يا خالي خالي ياخو لميمة منين مات بابا ما طلّيت علينا”، والأغنية الشهيرة “سامحيلي يا لميمة سامحيلي في الدنيا لمكتوبة في الجبين تعدي”. ولعل الأغنية السطايفية معروفة أكثر منذ القدم بطابع أغنية السراوي، التي تشتهر بها عاصمة الهضاب، وهو النوع الغنائي الذي يؤدى في الحفلات والمناسبات، ويعرف بالعيطة السطايفية،يتميز بمواويله المؤثرة وهو فن عريق بسطيف ومناطق من الاوراس الجزائري، وقيل إنه يعود الى القرن 12 الميلادي، حينما جلبه معهم العراقيون في رحلاتهم إلى بلادنا، كما قيل انه فن غنائي لمنطقة المغرب العربي، وهناك من يقول أنه فن جلبه بنو هلال الذين استقروا بسطيف.
وتؤدّي هذا النوع من الغناء النسوة والرجال في افتتاح الأفراح والأعراس،رغم تنوع الطبوع المؤداة فيها، فإذا قالت المرأة عبارة موزونة شعريا  بالحان العيطة والموال، فإن المرأة الأخرى في الجهة المقابلة ترد عليها، بعبارة غنائية من نفس الوزن الشعري،لينطلق الحشد النسائي الحاضر للحفل في إعادة ترديد الأشعار الملحنة.
وينطبق نفس الأمر على الرجال، وعادة ما تتناول أشعار الغناء السراوي مواضيع الحب، الشوق، الغزل والحقول، باعتبار المنطقة تشتهر بزراعة الحبوب، كما تتناول أفراد الأسرة مثل الأب والأخ والأم وخاصة الخال، حيث تكثر كلمة “يا خالي” في الأغنية السطايفية القديمة والحديثة، حيث يمكن القول أن أغنية السراوي تشكل قاعدة الشعر الملحون بالمنطقة والنواة الصلبة له. ويحكى أنه ذات يوم كانت امرأة حاضرة لحفل زفاف، وطلب منها أن تؤدّي أغنية من هذا النوع أي السراوي، وكانت حالتها النفسية ليست على ما يرام لفقدها زوجها، إلاّ أنّها أمام الإلحاح نظّمت عبارات موزونة أكدت من خلالها اعتذارها لانّ حالتها النفسية لا تسمح ،ما يؤكد أن الحس الإبداعي الشعري لدى المرأة السطايفية كان يتجلى بشكل واضح في الأغنية السراوية، التي للأسف بدأت تنقرض شيئا فشيئا، فحتى الأعراس بدأت تأخذ طابعا عصريا في كل شيء.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024