المنظومة التّربوية لها الدّور الفعّال في بناء المجتمع وإعداد الفرد وغرس القيم
يقدّم الأستاذ حوسيني طاهر مربّي وصاحب مدرسة تعليمية خاصة، بعض الإحصائيات المتعلقة بالنّظام التّعليمي في الجزائر الراهن والمستقبل قائلا: “أعتبر هذا الانشغال حجر زاوية التعليم الحقيقي، لأنه عندما ننظر إلى النظام التعليمي من زاوية الأرقام والإحصاءات، أو المباني والإنشاءات، أو الوظائف والمسؤوليات فحسب، فإنّنا سنهمل الأهم وهو الإنسان: المعلّم، الطّالب، الموظّف، الفرد بكل مكوّناته العقلية الإدراكية والنفسية والوجدانية والسلوكية، فنضعه كرقم من الأرقام، أو نتعامل معه كما تُعامل الفئران في مختبرات التجارب”.
موضّحا أنّ التطرق إلى تغييب النص الأدبي من البرامج التعليمية يقع من دون أدنى شك على المنظومة التربوية، التي لها دورا فعالا في بناء المجتمع وإعداد الفرد، وغرس القيم وتعزيز الهوية، وأن من أهم الوسائل التي تعمل على غرس وترسيخ القيم هي النصوص المدرجة في الكتاب المدرسي ومنها النص الأدبي.
ليعرج في حديثه على الأسباب الحقيقية وراء تغييب النص الأدبي من برامج التعليم ضمن المنظومة التربوية، متسائلا في الوقت نفسه حول الأسباب التي تقف وراء ذلك وهل هي راجعة إلى لعدم استجابته لحاجات الفرد الجزائري؟ أم إلى اعتبارات أخرى؟
الإنسان الجزائري له واقع يعيشه، وله نوازع إنسانية يبغي إشباعها من خلال النص الأدبي الجميل، وليس الوصفي أو التاريخي فقط، والطامة الكبرى أن بعض النصوص أخذت من الأنترنيت الذي هو فضاء مفتوح يمكن لأي شخص أن يكتب ما شاء.
وانطلاقا من مكانته في تسيير مدرسة تعليمية خاصة، أحاطنا الأستاذ حوسيني على مربط الفرس كما يقال، من خلال الدليل القاطع على غياب النصوص الأدبية من البرامج التعليمية حيث يقول: “وحتى إن وجدت فهي نصوص للوطنية والحماسة، تبرز مآثر الثورة والمجاهدين..هذا غير كاف لأن الإنسان الجزائري له واقع يعيشه، وله نوازع إنسانية يبغي إشباعها من خلال النص الأدبي الجميل، وليس الوصفي أو التاريخي فقط، والطّامة الكبرى أن بعض النصوص أخذت من الانترنيت الذي هو فضاء مفتوح يمكن لأي شخص إن يكتب ما شاء. وإليكم الدليل على تغييب النص الأدبي الجزائري استنادا إلى إحصاءات قام بها مختصّون بعد الاطلاع على الكتب المدرسية.
حصيلة للنّصوص التي تضمّنها الكتاب المدرسي حسب السّنوات ومراحل التّعليم
1 ـ السنة الأولى متوسّط: من بين 95 نصّا مقرّرا للقراءة والمطالعة الموجّهة، نصيب النص الأدبي الجزائري: 4 نصوص شعرية، و8 نصوص نثرية.
ـ السنة الثانية متوسط: 3 نصوص شعرية جزائرية، و12 نصّا أدبيا نثريا من بين 75 نصّا مقرّرا لهذا المستوى.
ـ السنة الثالثة متوسط: من بين 61 نصا مقرّرا في حصص القراءة والمطالعة الموجهة، نجد 7 نصوص أدبية نثرية جزائرية و 4 نصوص شعرية جزائرية.
ـ السنة الرابعة متوسط: نصٌّ شعري جزائري واحد، و4 نصوص نثرية جزائرية من بين 52 نصًّا مقررا لهذا المستوى.
1 ـ السنة الأولى ثانوي: عدد النصوص 39 نصا، من بينها 3 نصوص نثرية فحسب إثنان منها للكاتبة القاصة زنير جميلة، والنص الثالث يبدو أنه موضوع، فالمؤلف مجهول،ويخلو الكتاب من أيّ نص شعري جزائري.
2 ـ السنة الثانية ثانوي: كما أن عدد النصوص 39 نصا بهذه السنة إلاّ أن النص الأدبي الجزائري يكاد يخلو منه الكتاب، إذْ يوجد إلاّ نص شعري جزائري واحد يعود إلى القرن الثالث الهجري بعنوان “استرجعت تلمسان”، والنص النثري الوحيد بعنوان “استقلال بلاد المغرب”.
3 ـ السنة الثالثة ثانوي، اللغة العربية وآدابها شعبة آداب وفلسفة: من بين 60 نصا في صيغها الثلاثة: النص الأدبي، النص التواصلي، المطالعة الموجهة نجد نصا شعريا واحدا للطبيب الشاعر المرحوم محمد الصالح باوية، و14 نصا نثريا جزائريا متفاوتة الأزمنة.
أسباب تغييب النّص الأدبي الجزائري من البرامج التّعليمية
1 ـ معدّو البرامج التعليمية لم يدرسوا الأدب الجزائري في كل المراحل الدراسية، وجهلهم بالحراك والمشهد الثقافي.
2 ـ النّصوص الأدبية مشتّتة وحبيسة الخزائن، وأغلبها مخطوطات يصعب قراءتها مكتوبة بالخط العثماني بالنسبة للقدامى.
3 ـ الصّراع بين المعرّبين والمتفرنسين، ومحاولة كل طرف طمس وحجب نصوص الآخر.
4 ـ غياب موسوعة عن العلماء والأدباء الجزائريين حتى 2013 مع فريق دار الحضارة، حيث أحصينا ما لا يقل عن 3000 عالم وأديب جزائري سواء المعاصرين منهم أو القدامى.