لا نستطيع الحكم على ميدان ما، خاصة من حيث الإقبال أو العزوف، أو حتى الجدوى الاقتصادي لهذا الميدان، دون العودة إلى مدة زمنية معتبرة، تمكننا من الحكم بطريقة أكثر موضوعية. وبالحديث عن قطاع المتاحف وإشكالية الإقبال على زيارتها، ارتأينا أن نعود بقليل إلى الوراء، والاعتماد على أرقام وإحصائيات تخص عدد زوار مجمل المتاحف الجزائرية منذ 1991 إلى غاية 2009، وهي فترة تمكننا من فهم أحسن للواقع الحالي للقطاع المتحفي.
لقد كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أول من أشار إلى مسألة الإقبال الجماهيري على المتاحف، حيث أثار هذه النقطة على المباشر وأمام عدسات التلفزيون الجزائري، حين افتتاحه الرسمي لصالون الجزائر الدولي للكتاب سنة 2012، وكان حينها قد سأل وزيرة الثقافة (السابقة) عن عدد زوار المتاحف، خاصة وأن تقارير صحفية كانت قد تناولت الموضوع وأشارت إلى هجران المتاحف رغم تكلفتها العالية.
ولمعرفة ما إذا كان الوضع قد تحسن مقارنة بالسنوات القليلة الماضية أم لا، فإننا ننشر هذه الأرقام (وننوّه بنسبية صدقيتها)، التي تبين أن عدد روّاد المتاحف لم يراوح مكانه منذ 1991، وذلك إلى غاية 2009، حيث لم يتعد عتبة التسعين ألف زائر سوى سنة 2001.. وبالإمكان أن تكون الأرقام ارتفعت قليلا هذه السنة، كما يمكن أن تكون قد انخفضت أيضا.
وتخص هذه الأرقام ثمانية متاحف وطنية هي متحف الباردو، متحف الفنون الجميلة، متحف الآثار القديمة، متحف الفنون والعادات الشعبية، متحف سيرتا، متحف سطيف، متحف زبانة، ومتحف نصر الدين دينيه.
وفي مقابل هذا الضعف في الإقبال، نجد بأن الميزانية المخصصة لقطاع الثقافة تضاعفت 10 مرات على مدى 18 سنة منذ 1991، حيث يمكن أن نتحدّث عن 452 مليون دولار سنة 2011.
وقد عرفت المتاحف الوطنية الثمانية عدد زيارات مجمله 94205 زائر سنة 2009، وهي نفس السنة التي استفادت فيها هذه المتاحف من إعانة تقدر بحوالي 7.6 مليون دولار.
وهكذا، فإن عدد الزوار بقي نفسه منذ عشريتين، فيما تتضاعف الأموال المستثمرة في هذا القطاع من سنة إلى أخرى، وهو ما يسير عكس تيار المنطق.
يشار إلى أن القاعدة التي تسير عليها المتاحف العمومية في العالم هي 1.5 مليون دولار مقابل 100 ألف زائر، وهي القاعدة غير المحترمة حسب الأرقام المبينة في الصورتين المرافقتين لهذا المقال.
والسؤال الذي نطرحه: إذا ما كانت هذه الأرقام صحيحة مائة بالمائة، فمن المسؤول إذن على هذا الوضع؟ وما الذي يجب اتخاذه من إجراءات لتحسينه؟ وإذا أقررنا بتحسن الوضع بالفعل، فهل وصل هذا التحسن إلى المستوى المرغوب؟