الدكتور مشري بن خليفة لـ «الشعب»:

«أهمية الجائزة في مصداقيتها وأهدافها وليس في قيمتها المالية»

حاوره: أسامة إفراح

في هذا الحوار المقتضب، يحدّثنا الدكتور مشري بن خليفة، أستاذ بجامعة الجزائر 2، عن مدى خدمة المسابقات والجوائز الأدبية للإبداع عموما، معتبرا أن الجائزة لا تستمد أهميتها وقيمتها من الجانب المادي بل من مصداقيتها وأهدافها التي سطرت لها. وإذا كانت الجوائز العربية تساهم في التحفيز على الإبداع، فإن الكاتب الفائز بها لا يزيد بالضرورة معدل مبيعاته، كما هو الحال في العالم الغربي.

❊ «الشعب»: هل تخدم المسابقات والجوائز الإبداع؟ وكيف يتجسّد ذلك؟
❊❊ د - مشري بن خليفة: إنّ الحديث عن الجوائز الأدبية، يحتاج إلى قراءة متأنية وطرح متبصّر، وموقف نقدي متوازن، لأن هذه الجوائز الأدبية والثقافية في عمومها هي غربية المنشأ، ووضعت لها تقاليد ومبادئ وأنشئت لها مؤسسات تعنى بإستراتيجية تطوير الأدب والكتابة عامة. بينما نجد العالم العربي، لم يهتم بها إلا في السّنوات القليلة الماضية، ففي بريطانيا وحدها مثلا، أكثر من 60 جائزة أدبية، وعشرات الجوائز للرواية، وكذلك الأمر في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، أما في العالم العربي فقد بدأ الاهتمام بالجوائز متأخرا، حيث ظهرت جوائز أدبية وثقافية، من قبل مؤسسات رسمية عربية ومن منظمات المجتمع المدني، رصدت لها ميزانيات ضخمة، حيث نجد دولة الإمارات وحدها تنفق على الجوائز سنويا مبلغا قدره 1.2 مليون دولار أمريكي، ونجد بعض الجوائز الأخرى في العالم العربي، ولكن قيمتها المالية لا تذكر، مقارنة بالجوائز الخليجية. لا شك أن الجانب المالي مغر وله أهميته، ولكن أهمية الجائزة لا تكمن في الجانب المادي، وإنما تستمد قيمتها من مصداقيتها وأهدافها التي سطرت لها.
❊ يلاحظ مؤخّرا تهافت العديد من الكتاب والمؤلّفين على المشاركة في مختلف الجوائز داخل الوطن وخارجه..هل يؤثّر ذلك في مستوى نصوصهم ومضامينها؟ بعبارة أخرى، هل صرنا نكتب من أجل الجوائز؟
❊❊ أعتقد وانطلاقا ممّا تقدّم أن الجوائز والمسابقات عموما تسهم بشكل أو بآخر في تحفيز المبدعين على المساهمة في إثراء المنتج الأدبي والمعرفي، وتحث الكتاب على بذل جهودهم الإبداعية، ولكن قد تسهم هذه الجوائز في ابتذال الإبداع وسلب الكثير من القناعات وأوجدت لهفة غير مسبوقة لدى الكثير من الكتاب.لا يمكن التعميم في مسألة أن الكتاب والمبدعين بصفة عامة يكتبون من أجل الجوائز، لأن الكثير من الكتاب لا يكتبون تحت الطلب بالضرورة.
❊ هل يمكن المفاضلة بين نص أدبي وآخر؟
❊❊ نعم يمكن أن نفاضل بين عمل وآخر، ولكن بمعايير فنية وجمالية وما تتضمنه هذه الأعمال من قيمة ثقافية وخطاب إلى العالم.
❊ إلى أي مدى يمكن أن نجزم بأنّ الجوائز والمسابقات بريئة من كل توظيف إيديولوجي أو سياسي؟
❊❊ عندما ننظر في هذه الجوائز والمسابقات، سنجد أنها جزء من سياسات ثقافية قائمة، الهدف منها أن تلعب بعض دول الخليج دورا ثقافيا على مستوى المحيط العربي، وهذا من حقها ولا عيب فيه، ما دامت توجهات هذه الجوائز، لا تكرس الانقسام والتمييز، حتى لا تتحول إلى أدوات للهيمنة الثقافية.
إن الجوائز الأدبية في العالم العربي، هي ظاهرة ثقافية ينبغي تكريسها والحفاظ عليها ودعمها، لأنها فكرة نبيلة بحد ذاتها، ولا ينبغي أن تتحول الى سلطة تقييم تفرض نصوصا بعينها، باعتبارها النصوص الأنموذج، والأمر ليس كذلك، لأن الجائزة ليست معيارا بالضرورة على الإبداع. إن الجوائز في العالم العربي، لا تضيف للكاتب أي رصيد قرائي جديد، ومن ثم فإنّ الكاتب الفائز لا يزيد معدل مبيعاته، كما هو الحال في العالم الغربي. ولا يعني أيضا أن هذه الجوائز تصنع النجم بالمعنى الاستهلاكي وفق المفهوم الإعلامي. لا شك أن الجوائز الأدبية والثقافية تمثل أهمية كبرى للكاتب، فهي تفسح المجال له بالدّخول في مرحلة أخرى أكثر مسؤولية. ولابد أن نعي ضرورة الحفاظ على مصداقية هذه الجوائز، وعلى استمراريتها وابتعادها عن الهيمنة والمحاباة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024