لعل أول ما يلفت الانتباه في المكتبة العمومية للمطالعة بتلمسان أنها حملت اسم الراحل الأديب محمد ديب، ويشمل هذا الاختيار إلى جانب الجائزة التي تقيمها له جمعية الدار الكبيرة في مجال الرواية، يعتبر بحق رأس مال رمزي لعاصمة الزيانيين بتلمسان.
فهذا السّلوك يندرج ضمن ثقافة باب الاعتراف وإنزال أهل الفكر منازلهم التي يستحقونها. وبالرغم أن الرجل اشتهر في الأوساط الأدبية الإنسانية بكونه روائيا محنكا ترجمت مشاريعه لمعظم أنحاء العالم، لكن محمد ديب بدأ شاعرا وقيمته الشعرية لا تقل أهمية عن تجربته الروائية بل تتفوق عليها، وهذا هو البعد الآخر من شخصية الرجل، والذي تفكر فيه هذه الهيئة الثقافية من خلال تنظيم ندوة عن تجربة محمد الشعرية يشارك فيها أساتذة باحثون أكاديميون لمقاربة العالم الشعري لهذا المبدع العملاق. وإيمانا منها بالتحديات التي تواجه المقروئية وعزوف أفراد المجمع عن القراءة وحضور النشاطات الثقافية، اتّخذ القائمون على تسيير الشأن الثقافي لهذه المؤسسة سلسلة من التدابير الكفيلة بتفعيل المشهد الثقافي بالمدينة، منها الاشتغال على أدب الطفل وثقافته من خلال عرض دواوين شعرية كتبت خصيصا للطفل مثل «البراعم الندية» و»كليلة ودمنة»، قدّمها الشاعر نور الدين مبخوتي للجمهور الصغير في ضواحي الولاية، هذا إلى جانب مسابقات وورشات للكتابة والرسم.
ولمواجهة التحديات الكبرى تنسّق المؤسسة مع الجمعيات الثقافية والمخابر الجامعية من قسم الأدب في إحياء بعض المناسبات الوطنية، ويمكن اعتبار مخبر توثيق الشعر الشعبي بالجامعة شريكا أساسيا في هذا المجال، فقد أطّر الأعضاء المنضوون تحت لوائه عدة تظاهرات ثقافية، وأرشيف المكتبة يؤكد جليا هذه الشراكة.
في مقابل ذلك استضافت المكتبة الكثير من الأسماء الثقافية من الولاية وخارجها، وفي نيتها استضافة أصوات ثقافية من الولاية مستقبلا من قبيل المخرج المسرحي عبد اللطيف نكادي ليعرض تجربته في مسرح الطفل، وكذلك الفنان الموسيقي نصر الدين برويقات لعرض تجربته في الموسيقي الأندلسية والناقد د - سيدي محمد بن مالك لتقديم تجربته في مجال النقد الروائي.
تفكّر المؤسسة في تنظيم ندوة عن بيبليوغرافيا الرواية، يؤطّرها باحثون من قبيل الشريف بن موسى وغيره، بقي أن نشير في نهاية هذه الورقة أن مكتبة محمد ديب يديرها د - عبد الجليل شقرون وهو مختص في علم المكتبات وهو باحث في علم المخطوطات، في حين توكل مهمة تصميم الإعلانات الثقافية للصديق الفنان التشكيلي أسامة حرير، الذي يترك بصماته على منجزه الإبداعي.