الأستاذ «رشدي جيابلية» إطار بمتحف المجاهد :

«لا يمكن أن نحفظ الذاكرة الوطنية في غياب إستراتيجية للنشر والطبع»

أجرى الحوار: سمير العيفة

كانت ومازالت الثورة الجزائرية مصدر إلهام كبير للكتاب والأدباء، تجسّدت هاته الأعمال الأدبية الثورية في العديد من الأفلام الثورية، لكن ما نراه اليوم هو النقص الكبير للمادة الثورية المنشورة ماعدا بعض الروايات الثورية والشهادات التي يتم جمعها وتسجيلها، وكذا السير الذاتية لهاته الفئة الثورية والتي هي للأسف في طريقها إلى الزوال، هذا ما أردنا أن نثيره في هذا الحوار مع الأستاذ «رشدي جبابلية» إطار بمتحف المجاهد بولاية سوق أهراس.

 «الشعب»: حسب رأيكم، ماهي حصة الكتب الثورية من عملية الطبع والنشر؟
رشدي جيابلية: عملية الطبع والنشر في الجزائر بشكل عام ليست في أحسن فتراتها بسبب تراجع الإقبال على الكتاب التقليدي وحلول الكتاب الإلكتروني بدل ذلك، هذا من جهة ومن جهة ثانية ارتفاع تكاليف المادة الأولية أو الورق في السوق الدولية، مما يدفع لاستعمال نوعية ورق اقل جودة ونقص عملية الطبع من ناحية ثانية، أما بالنسبة المطبوعات ذات الصلة بالمجال التاريخي والثورة فطالما حضيت بدعم الدولة من خلال تشجيع الطبع والنشر الخاص بالمحتوى الثوري ويمثل المركز الوطني للأبحاث والدراسات في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر 1954 وكذا الوكالة الوطنية للنشر والتوزيع قطبي هذه العملية، حيث توزع هذه المؤلفات بشكل مجاني على المكتبات والمتاحف العمومية حتى تكون في متناول يد القارئ غير أن المؤلفات التاريخية والثورية لا تجد لنفسها مكانة جيدة في دور النشر الخاصة لأسباب عديدة أهمها مكانه المؤلف التاريخي عند القارئ الجزائري.
ماهي الألوان الأدبية التي جسّدت الذاكرة الوطنية، وما هو حضّها من النشر؟
إذا كان الشعر قد رافق ثورة التحرير وسجّل بطولات المجاهدين، فإن الرواية الجزائرية، وإن كان ظهورها متأخرا - أي سنة 1970 ولهذا التاريخ أهميته في حياة المجتمع الجزائري، فهو تاريخ يصادف نشوة الانتصار على الآخر المستعمر ـ فإنها قد خصصت حيزا كبيرا للثورة وأحداثها، وبطولات المجاهدين، وجرائم جيش الاستعمار الفرنسي. لذا جاءت الروايات التي كتبت بعد سنة 1970 تحمل هم الإنسان الجزائري أيام مقاومته للاستدمار الفرنسي، وتشيد ببطولاته وأفعاله الثورية والإنسانية. ومن ذلك اكتسبت أهميتها لأنها تعالج قضايا هامة وجوهرية ألا وهي قضية الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال. وهو عمل يدخل في دائرة ما يسمى بالتوثيق الفني للثورة، يضاف إلى ذلك السير الذاتية للمجاهدين ورجالات الثورة التحريرية.
من زاوية أخرى، يرتبط بحجم الطبع والنشر الذي تناول هاته الألوان الأدبية التي جسدت جزءا كبيرا من الذاكرة الوطنية كانت حركتيه جد بطيئة لا تعدو أن تكون محاولات تعد على الأصابع والأسباب في ذلك متعددة، يأتي على رأسها غياب ثقافة القراءة في الأوساط الاجتماعية الجزائرية كانت سببا كبيرا في تأخر حركة الطبع والنشر للمادة الثورية، أيضا المادة الثورية التي يجب أن تطبع وتنشر هي وعاء تاريخي يمثل جزءا من الذاكرة الوطنية والتي لها أبعاد وطنية سيادية ولهذا ليس كل ما يقال يمكن أن يطبع، وبالتالي الإجراءات القانونية المصاحبة لعملية النشر غالبا ما تكون معقدة ساهمت كثيرا في تعقيد حركة الطبع والنشر.
 وماذا عن المحفزات التي يمكن أن تعزّز حركية النشر للذاكرة الوطنية؟
 إذا نظرنا إلى المحفزات الموجودة في إطار النشر والطبع لكل ما يكتب للذاكرة الوطنية نجد المؤسسات التي تعنى بالتاريخ الوطني والذاكرة الوطنية وعلى رأسها وزارة المجاهدين والتي لها الفضل الكبير في طبع العديد من الأعمال التاريخية التي حفظتها من الاندثار والزوال، أيضا المحفزات الكبيرة التي تضعها الوزارة خاصة في شراكتها مع العديد من المؤسسات خاصة الجامعات الوطنية على مستوى أقسام التاريخ والآثار في طبع أعمال بالشراكة وتسهيل الإجراءات القانونية المصاحبة لعملية الطبع والنشر، لكن من زاوية أخرى يبقى هذا غير كاف في ظلّ ما نقراه ونتناوله في العديد من المجالات الأخرى.
هناك أيضا جانب محفز جدا وهي المحطات التاريخية البارزة في مسار الذاكرة الوطنية والتي نقف عندها في العديد من المناسبات والتي تتطلب منا أن نحتفي بهذه المحطات بالتجسيد والطبع حتى نحفظها من الاندثار على غرار شهادات كبار المجاهدين والثوريين، والذين اليوم نفقدهم الواحد تلوى الآخر، وهذا أمر مهم جدا وبالتالي التدابير التي تمّ وضعها للاحتفاء بشهادات هاته الشريحة تعتبر محفزا كبيرا في دفع عجلة طبع ونشر المادة الثورية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024