يتوقع قانون المالية لسنة 2014 تراجع الجباية البترولية من 1615.9 مليار دج في سنة 2013 إلى 1577.7 مليار دج في السنة القادمة و ذلك بسبب التراجع المستمر في حجم الصادرات من المحروقات بنسبة قد تتعدى بكثير 10 في المائة المسجلة خلال السداسي الأول من العام الجاري.
بين تصريحات وزير الطاقة و المناجم و الأرقام المعلن عنها من قبل محافظ بنك الجزائر والمستمدة من وزارة الطاقة ذاتها يبدو الفرق شاسعا بين ما يردده الوزير حول استقرار الإنتاج في قطاع المحروقات وما تكشفه الأرقام الرسمية بما لا يدع أي مجال للشك، أن الأمور ليست على ما يرام في كل ما يتعلق بإنتاج و تصدير الغاز و النفط الذي عرف انحصارا بات مقلقا خلال السنوات القليلة الماضية وانعكس مباشرة على حجم التصدير من جهة و لكن أيضا على الإيرادات التي تأثرت ليس فحسب بسبب عدم استقرار الأسعار في أسواق النفط العالمية و إنما نتيجة لعدم إمكانية توفير المزيد من الكميات الموجهة للتصدير .
تشير الأرقام الرسمية أن إيرادات الجزائر من المحروقات تراجعت من 37.503 مليار دولار في السداسي الأول من سنة 2013 إلى 32.139 مليار دولار في السداسي الأول من سنة 2014 و بنسبة انخفاض تفوق 14 في المائة، و استنادا إلى أحدث الأرقام الصادرة عن الجمارك فإن حجم الخسارة في التسعة الأشهر الأولى من العام الجاري أي إلى غاية شهر سبتمبر الماضي تجاوزت أربعة مليار دولار و مرشحة للارتفاع نتيجة تباطؤ النمو في قطاع المحروقات .
تراجع عائدات المحروقات يعود إلى عدم استقرار الأسعار من 113.7 دولار للبرميل في السداسي الأول من سنة 2012 إلى 108.647 دولار للبرميل في السداسي الأول من سنة 2013 و بنسبة تراجع ناهزت 4.17 في المائة، غير أنه يلاحظ أن نسبة انخفاض الكميات المصدرة من المحروقات تعد أعلى بكثير من نسبة تذبذب الأسعار، حيث أن الحجم تراجع من 57.180 في السداسي الأول من العام الماضي إلى 51.113 طن معادل بترول “ تيب “ في السداسي الأول لهذا العام، و مرشح بدوره لأن تشهد وتيرة التراجع تسارعا أكبرا خلال السداسي الثاني من العام الجاري وفق توقعات بنك الجزائر الذي يبني تحليله انطلاقا من المعطيات و الأرقام التي توفرها الوزارة المعنية أي الطاقة و المناجم .
الواقع أن تراجع إنتاج المحروقات في الجزائر لا يعود إلى العامين الماضيين فحسب عندما بدأت الإيرادات في تناقص متتالي كون ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية كان يمثل ما يشبه التغطية على انحصار النمو في القطاع و إنما يعود إلى سبع سنوات شهد خلالها انكماشا بما تعادل نسبته 21.8 في المائة إجمالا وفي سنة 2012 تراجعت القيمة المضافة بنسبة 3.4 في المائة على وجه التحديد .
تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي و ظهور عروض جديدة المتأتية من استغلال الغاز الصخري كانا لهما الأثر المباشر على الطلب و الأسعار على حد سواء، حيث أن الميل نحو ارتفاع الأسعار في السداسي الأول من سنة 2012 لم يستمر طويلا ليفقد برميل النفط ما تعادل نسبته 1.89 في المائة، أي من111.05 مقابل 112.94 دولار للبرميل في سنة 2011 و 80.15 دولار في 2010 . هذا التراجع تمت تغطيته جزئيا من خلال ارتفاع سعر الغاز الطبيعي بنسبة 11.5 في المائة، حيث انتقل من 10.13 في سنة 2011 إلى 11.30 في المائة في سنة 2012 . لكنه لم يمنع من تراجع الإيرادات بنسبة تعادل 1.52 في المائة ليصل إلى 70.571 مليار دولار مداخيل السنة الماضية .
خلال الخمس سنوات الماضية و مع الأخذ بعين الاعتبار لتوقعات الإغلاق للسنة الجارية التي تميل نحو الانخفاض فإن إيرادات المحروقات السنوية عرفت تذبذبا شديدا منذ سنة 2008 عندما بلغت هذه الإيرادات مستوى ناهز 77.194 مليار دولار لتنهار إلى فقط 44.415 مليار دولار في سنة 2009 ثم تعاود الصعود مجددا إلى 56.121 مليار في سنة 2010 و إلى 71.661 مليار في 2011 و في هذه الخمس سنوات نسبة البترول الخام المصدرة تذبذبت من جهتها لتسجل أكبر انخفاض لها في سنة 2010 بنسبة 36.8 في المائة وترتفع النسبة المصدرة إلى 39.3 في العام الفارط . مع ملاحظة أن غاز البترول المميع و الغاز الطبيعي المميع عرفا بدورهما تراجعا في الكميات المصدرة من 7.4 في المائة إلى 6.8 في المائة و من 11.8 في المائة إلى 9. في المائة على التوالي . بينما تطور حجم الغاز الطبيعي المصدر من 18.8 في المائة إلى 22.4 في المائة في سنتي 2008 و 2012 .
في نهاية الأسبوع الماضي أبرمت الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك على عقد مع شركاء أجانب لرفع إنتاج البترول بحوالي 32 ألف برميل في اليوم، و على الرغم من أن هذا الحجم يعد ضئيلا إلا أنه يمثل حدثا هاما بعد تراجع الإنتاج خلال السنوات الثمانية عند الأخذ بعين الاعتبار للسنة الحالية التي و إن كانت غير مطمئنة من حيث النتائج المتحصل عليها إلا أنها قد تكون البداية و لو بصفة بطيئة من أجل رد الاعتبار لقطاع كان ولا يزال يمثل المصدر الرئيسي لمداخيل البلاد بالعملة الصعبة و يعول عليه في تمويل كل شيء و أي شيء