توجد إرادة قوية من أجل الحسم في مشكل تذبذب تموين السوق الوطنية بالاسمنت، بهدف الحد من المضاربة وتوفير هذه المادة الحيوية لاستكمال ورشات البناء المفتوحة، على غرار مشروع إنجاز مليون وحدة سكنية والبنى التحتية والمرافق العمومية، لتراهن الجزائر على إنتاج هذه المادة محليا والتخلي عن الاستيراد، فهل تنجح سياسة ترقية إنتاج هذه المادة الاستراتجية في قطاع البناء بفضل إقرار استثمارات ضخمة، في تغطية السوق الوطنية ؟ .
جاء مؤخرا الاعلان عن مشروع ترقية إنتاج مادة الاسمنت ليبدّد العديد من المخاوف، من أجل استكمال ورشات البناء في آجالها القانونية المحددة، على اعتبار أنّه تقرّر على ضوء خطة وطنية دقيقة إنجاز واستحداث نحو 17 مصنعا للاسمنت موزعة بين القطاعين العمومي والخاص عبر كامل التراب الوطني إلى غاية آفاق عام 2017، يعوّل عليها في استحداث 40 ألف منصب شغل جديد، علما أنّ 50 بالمئة منه سيتم خلقه من طرف القطاع العمومي، لأنّه أسند على عاتق القطاع الخاص إنشاء سبعة مصانع بكل من ولايات بسكرة، الأغواط، المنيعة والنعامة.
نحو إنشاء 4 مصانع عمومية و توسيع 6 وحدات
وتهدف الاستراتيجية الجديدة التي أطلقتها وزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، إلى الرفع من سقف الانتاج الحالي لمادة الاسمنت الذي يفوق قليلا 18 مليون طن إلى ما لا يقل عن 42 مليون طن بصورة تدريجية على مدى أربع سنوات، فهل تسريع الآلة الانتاجية سيضبط السوق ويجعلها تنشط في شفافية؟
ويراهن أمام الوضع الراهن على قدرات وخبرة المجمع الصناعي الجزائري للاسمنت، الذي سيعمل من أجل فتح 4 مصانع جديدة على أن تكون موزّعة عبر كل من ولاية أم البواقي وبشار وغليزان وكذا عين صالح، كونها المناطق التي شهدت طلبا محسوسا على مادة الاسمنت مؤخرا بفضل المشاريع المفتوحة بها.
ومن المقرر أن تتم عملية التوسعة والرفع من القدرات الانتاجية لما لا يقل عن 6 مصانع للاسمنت ويتعلق الأمر بكل من مصنع عين الكبيرة وتبسة وزهانة وبني صاف والشلف ومفتاح، إلى جانب استحداث وحدة لإنتاج الإسمنت الخاص بطاقة 300 ألف طن لتغطية السوق المحلية.
وما تجدر إليه الاشارة فإن حجم العجز المسجل في تموين السوق الوطنية بهذه المادة الاستراتجية يناهز حدود 5 مليون طن، حيث يفرض على الجزائر استيراده من الخارج من أجل ضمان سيرورة المشاريع التي انطلقت.
وفي الوقت الذي أعلن فيه عن التحضير لإطلاق مناقصة وطنية لاستيراد 450 ألف طن في الأيام القليلة المقبلة حتى لا تكون أي ندرة أو تذبذب في عملية تمويل المشاريع، خاصة العمومية منها عن طريق رصد غلاف مالي يناهز 400 مليون دولار، في وقت مازالت السوق الموازية تفرض منطق أسعارها وترفع سعر الكيس كلما تحسست وجود نقص في عملية تمويل السوق المحلية، عندما يشتد الطلب ويقل العرض.
الملاط والخرسانة الجاهزة قريبا
وتحدث سويدي أحمد، مدير التنمية والاستراتيجية بمجمع الصناعي الجزائري للاسمنت “جيكا”، عن النية القائمة من أجل منح الزبائن بدل مادة الاسمنت، مادة أكثر جاهزية غير قابلة للمضاربة وتتمثل في الملاط والخرسانة الجاهزة.
واعتبر إطار مجمع “جيكا” أنه في الوقت الراهن سيتعزّز قطاع الاسمنت بمشاريع استثمارية ضخمة ينتظر منها الكثير على صعيد تحقيق الوفرة وعدم تسجيل أي تذبذب بفضل إقرار مشاريع واعدة.
ويرى سويدي مدير التنمية والاستراتجية أن من بين العراقيل التي تواجههم مشكلة الحسم في العقارات على مستوى الولايات لإنجاز المصانع، ويجري التنسيق مع الوزارة الوصية والمصالح الولائية لحلها، واستحسن مراجعة قانون الصفقات العمومية حيث قال بأنّهم راجعوا المناقصات على ضوء التعديلات الجديدة في قانون الصفقات العمومية.
وحاول إخلاء مسؤولية “جيكا” في بروز أحيانا عدم التوازن بين العرض والطلب لمادة الاسمنت، على اعتبار أنها تغطي نسبة معتبرة من الانتاج الوطني.
وراهن متحدثنا مستقبلا على إنشاء مصانع تأخذ بعين الاعتبار العامل الايكولوجي حتى لا يتسبّب إنتاج هذه المادة في تلويث البيئة.
ومن جهته، بوعيشاوي عبد القادر مدير مشروع بشار بدا جد متفائلا بفضل ما سطّر من مشاريع استثمارية ضخمة، وأكّد أنّه من المقرر في آفاق عام 2017 تغطية السوق الوطنية بصورة نهائية وشاملة وبمساعدة القطاع الخاص، حيث من المرتقب أن يقفز الانتاج بصورة محسوسة تعزّز الوفرة، وذكر أن وحدته التي ستطلق مناقصة انجازها نهاية شهر ماي الجاري على أن تدخل حيز الانتاج خلال الثلاثي الأول من سنة 2017 من المنتظر أن تعكف سنويا على إنتاج 1 مليون طن سنويا، في حين ستشغل 500 عامل وتكون ما لايقل عن 400 مستخدم بفضل مركز التكوين الخاص من أجل الاستفادة من الخبرة الموجودة داخل الوطن.
تحدي إنتاج أزيد من 25 مليون طن
وبالموازاة مع ذلك، فإنّ مصنع اسمنت عين صالح ستكون طاقة إنتاجه في حدود 500 ألف طن سنويا، كون عملية الاستكشاف والبحث عن حقل المواد الأولية من كلس وصلصال لصناعة الاسمنت انتهت، ويجري تحضير الملف تكوين لحيازة الأسهم المنجمية لدى الوكالة الوطنية للثروة المنجمية، بينما دفتر الشروط المتعلق بإنجاز مصنع للاسمنت بمنطقة سيغوس بولاية أم البواقي من المقرر أن يستكمل قريبا، وكل شيء جاهز لإطلاق مناقصة في شهر جوان المقبل خاص بهذا المصنع الذي ستنجزه المجموعة الصناعية لاسمنت، على أن يدخل هذا المصنع في الإنتاج خلال الثلاثي الأول من سنة 2017، على أن ينتج مليوني طن سنويا ومن شأنه توفير 500 منصب شغل مباشر، وبخصوص مصنع الاسمنت لغليزان يعوّل عليه في مليوني طن سنويا.
وسطر المجمّع الصناعي للاسمنت الجزائري سلسلة من الأهداف، أبرزها تطلّعه لإنتاج 7 ، 25 مليون طن من الاسمنت في آفاق عام 2017.
يذكر أنّ فاتورة استيراد الاسمنت في الجزائر تقدّر سنويا بـ 300 مليون أرو حسب آخر تصريح لوزير الصناعة، والمتعامل الجزائري يستهلك حوالي 700 كلغ اسمنت سنويا.
علما أنّ الجزائر تنتج سنويا نحو أزيد من 18 مليون طن من الاسمنت، وما يماثل 5 ، 11 مليون طن من طرف المجموعة الصناعية لاسمنت الجزائر التابعة للقطاع العمومي، والتي تتشكّل من 12 مصنع للاسمنت، فيما قدّر حجم عجز السوق بـ 3 ملايين طن سنويا.
تجدر الاشارة إلى ان مندوبة الشعب تنقلت إلى مصنع مفتاح لمقابلة المدير العام لـ “جيكا” على اساس موعد حدد سلفا ، لكنها لم تتمكن من مناقشته في الموضوع لأن سيادته كان في اجتماع كما قيل، لتحول إلى مسؤولة الاتصال قصد الحصول على معلومات سبق الكشف عنها قبل ايام .