في ظل تقلبات أسعار النفط

هل يتوّج اجتماع فيينا بقرارات جريئة؟

فضيلة بودريش

مازالت السوق النفطية تتأثر سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بالمستجدات السياسية والتحولات الاقتصادية، التي يشهدها العالم، حيث عرفت الأسعار نهاية الأسبوع المنصرم انخفاضا طفيفا ناهز حدود45.77 دولارا للبرميل، في وقت تحضر فيه دول أعضاء أوبك للحسم في خياراتها المتاحة، خلال اجتماعها المقرر نهاية شهر نوفمبر الجاري، ومن المرتقب أن يتم في هذا اللقاء المهم، تحديد حصص الإنتاج لكل دولة عضو في أوبك، علما أن كل بلد سوف يخفض طبقا لمستويات إنتاجه الراهن، بهدف امتصاص نمو إمدادات السوق، حتى يساهم في تعافي الأسعار وتماسك السوق مجددا، من خلال تحقيق التوازن بين معادلتي العرض والطلب.

إذا جميع الأنظار سوف تتجه نهاية الشهر الجاري صوب فيينا، لترقب ما سيتوج به لقاء الأوبك، الذي سيمهد لاتخاذ العديد من القرارات المصيرية، بما فيها تحديد حصص الإنتاج لكل دولة عضو، علما أن كل بلد سوف يخفض طرحه للثروة النفطية، طبقا لمستويات إنتاجه الراهن، وبما أن قرار التخفيض سوف يسري بداية مع مطلع العام المقبل، فإن الوقت كافي للتحضير الجيد وضبط أجندة العمل من طرف اللجنة التقنية، التي أسندت مهمة رئاستها إلى الجزائر، حيث تعكف على تحديد ميكانزمات تخفيض الإنتاج لكل عضو داخل المنظمة النفطية والتنسيق الواسع مع البلدان المنتجة للمحروقات خارج أوبك، ويبدو أن روسيا مستعدة للعمل وفقا لخيارات أوبك وإشراك أعضاء من خارج هذه المنظمة النفطية في المشاورات الجارية والمتواصلة تحسبا لاجتماع فينا، الذي يتوقع الخبراء بشأنه أن يسفر عن قرارات جريئة وملموسة تعيد بشكل تدريجي العمل بنظام الحصص، ولأن الاتفاق داخل بيت «أوبك» من شأنه أن يمهد بافتكاك توافقات جديدة من خارجها، لتصحيح مسار السوق من عرض وطلب، وإعادة للأسعار تماسكها، حيث ينتظر مطلع شهر ديسمبر أن يتجه سعر برميل المحروقات نحو منحناه التصاعدي ليعود من جديد إلى سقف الـ55دولارا كمرحلة أولى ويعد المستوى الذي بلغه عقب اجتماع الجزائر، الذي أحدث المفاجأة بالتوصل إلى قرار التخفيض بشكل مبدئي، على أن يطبق بداية من شهر جانفي المقبل. وبالنظر إلى واقع قطاع المحروقات في الوقت الحالي، فإن أوبك لم تخف نهاية الأسبوع المنصرم بأن إنتاجها من النفط، قد ارتفع خلال شهر أكتوبر الماضي إلى مستوى قياسي، وأوضحت في تقرير شهري أصدرته مؤخرا، أنها قامت بضخ ما لا يقل عن 33.64 مليون برميل يوميا، عن طريق تسجيل زيادة تفوق حدود 240 ألف برميل يوميا، مقارنة بما طرح خلال شهر سبتمبر الفارط، والجدير بالإشارة فإن سعر برميل النفط تراجع إلى حدود 46 دولارا للبرميل، بعد أن قفز إلى 54 دولارا، مباشرة بعد تتويج لقاء الجزائر بقرارات حاسمة شهر سبتمبر الماضي. وأرجعت أوبك نمو الإمدادات شهر أكتوبر إلى تدفق نفط كل من ليبيا ونيجيريا والعراق وإيران، الدول الأعضاء، التي تعمل جاهدة من أجل إعفائها من أي تخفيض، بسبب ما تعرضت إليه من ظروف قاهرة وتسبب في إيقاف إنتاجها لفترة زمنية، وكشفت بالموازاة مع ذلك الرؤية الاستشرافية لأوبك أن نمو المعروض في 2017 سوف يستقرعند 230 ألف برميل يوميا، دون تغير يذكر عن الشهر السابق. كما تتوقع أوبك في تقريرها أن يصل متوسط الطلب على خامها في 2017 إلى 32.69مليون برميل يوميا، بينما وكالة الطاقة الدولية قدرت في تقريرها الأخير، الفائض اليومي خلال العام المقبل بنحو500 ألف برميل يوميا. يذكر أن اتفاق الجزائر يوصي بتخفيض الإنتاج إلى مستوى يتراوح ما بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا، وهذا ما ينتظر أن يتم تثبيته بشكل رسمي، خلال اجتماع  وزراء الدول الأعضاء في أوبك، المقرر انعقاده في فيينا يوم 30 نوفمبر الجاري.
وكان خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة قد وصل سقف سعره إلى حدود 77ر45 دولارا للبرميل، مع تسجيل انخفاض طفيف لا يتعدى سبعة سنتات عن التسوية السابقة، في حين خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، في العقود الآجلة سجل بدوره انخفاضا، قدر بعشرة سنتات حيث ناهز 44.56 دولارا للبرميل، وأرجع الخبراء هذا التراجع إلى الانخفاض المحسوس في الطلب الأمريكي.
إذا اجتماع فيينا محطة حاسمة ومنعرج تاريخي من شأنه تثبيت القرارات وتبني الخيارات، في وضع تستعد فيه دول الأوبك لاستعادة تأثيرها على السوق النفطية، من خلال التنسيق مع الدول الأكثر إنتاجا من خارج «أوبك».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024