مرافقـــــــــــــــة قبليـــــــــــة وبعديـــــــــــة وتكوينــــــــــــات لضمـــــــــــان نجـــــــــــــاح الاستثمــــــــــــار
ابتكرت العديد من البنوك والمؤسسات المالية بالجزائر حلولا وخدمات من أجل المساهمة في تطوير الاستثمار، والتكيّف مع المستجدات التي يفرضها العالم الاقتصادي خاصة مع التحوّل الرقمي الذي أفرز بروز عدّة نشاطات جديدة وأعمال حرّة تتطلب المرافقة المالية خاصّة بالنسبة للمشاريع الاستثمارية الفتية، لهذا فهي تعمل على مواكبة هذا التطوّر لجلب أكبر قدر من الموارد واستقطاب مختلف المعاملات إلى الإطار الرسمي من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني.
التوجّه الجديد للاقتصاد الوطني فرض على البنوك العمومية والشركات المالية وحتى مختلف الآليات التمويلية المستحدثة من طرف الدولة في إطار دعم الشباب من حاملي المشاريع والابتكارات، الخروج من المعاملات الكلاسيكية وابتكار خدمات جديدة لتتماشى مع إمكانات السوق الجزائرية بما فيها التمويل الإسلامي أو ما يسمى بالصيرفة الإسلامية.
قروض للمهنيين والمؤسسات
ومن بين هذه البنوك بنك الفلاحة والتنمية الريفية “بدر”، الذي يقدم لأصحاب الشركات، تجار، مهنيين وأصحاب المهن الحرّة تمويلا يسمح لهم باقتناء تجهيزات، معدات ووسائل النقل لإنجاز مشاريعهم دون تحمل أعباء إضافية، حيث يعرض عليهم “بدر إجارة” كصيغة للتمويل الإسلامي من خلال شراء البنك لغرض التأجير بحسب طلب العميل وتأجيره له لمدة محددة منتهية بالتمليك.
وتتميز هذه الصيغة بعدة امتيازات بداية بكون هذا المنتج متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، اعفاء اقتناء معدات من الضرائب، فيما تصل قيمة التمويل بـ 100% من قيمة محل التمويل المؤجر لمدة تصل إلى سبع سنوات، حيث أن الإيجار معلوم ومتفق عليه مسبقا، بقيمة ثابتة فيما يكون تسديد الإيجار باقتطاع شهري، ثلاثي، سداسي أو سنوي بحسب الاختيار.
نفس الأمر بالنسبة لصندوق التوفير والاحتياط “كناب” الذي يقدم للمهنيين حلول التمويل المناسبة لنشاطهم سواء كانوا بحاجة إلى تمويل لشراء مبنى، تأجير عقار، شراء معدات أو تعزيز رأس المال المتداول، وذلك من خلال قروض مهنية تلبي احتياجاتهم الخاصة، وفق شروط تفضيلية، وموافقة سريعة، ومرافقة مخصصة لتطوير المؤسسة.
وتتمثل هذه القروض المهنية في تمويل الاستثمار والذي هو عبارة عن قرض متوسط وطويل الأجل مخصص لتمويل الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين يمارسون نشاطا مهنيا، بهدف اقتناء معدات جديدة مطلوبة لنشاطهم، اقتناء محل مهني أو عقار مخصص حصريا لممارسة النشاط، إنجاز أشغال تهيئة المحل المهني، تمويل مشترك للمحل المهني وأشغال تهيئة المحل و/أو المعدات الجديدة المطلوبة للنشاط، وكذا رأس المال المتداول اللازم لبدء النشاط، والذي يمثل حد أقصى ثلاثة أشهر من الإيرادات المتوقعة أو الفعلية، ويمكن تمويله بالتزامن مع العناصر الاستثمارية الأخرى ولا يمكن منحه بشكل منفصل.
وبالنسبة لقروض الاستغلال فهي من الحلول التمويلية قصيرة الأجل يسمح بتصفية التباينات الزمنية المؤقتة بين الإيرادات والمصاريف بهدف سد الاحتياجات النقدية، وهي نوعين وتتمثل في قروض الاستغلال غير القابلة للتعبئة وقروض الاستغلال القابلة للتعبئة، أما العرض الأخير وهو الايجار المالي العقاري “ملك الايجار” فهو منتج تمويل يتيح للمشتري اقتناء محل مخصص للاستعمال التجاري وفقا لعقد إيجار مع خيار الشراء، بالإضافة إلى نقل جميع الحقوق والالتزامات والمخاطر المتعلقة بالعقار المموّل إلى المستأجر في نهاية العقد.
كذلك الأمر بالنسبة للبنك الوطني الجزائري الذي يطرح مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات لدعم زبائنه المحترفين المهنيين الناشطين في إطار مهن حرّة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف تغطية احتياجات التمويل المتعلقة أيضا باقتناء محلات تجارية، اقتناء الأثاث والمعدات و/ أو المعدّات المتحركة الموجهة حصريا لممارسة النشاط المهني، تهيئة المقرات المهنية، تمويل دورة استغلال النشاط.
وتتمثل القروض التي يمنحها هذا البنك، في قرض لاقتناء محل تجاري لمدة 10 سنوات، قروض استثمارية أخرى لتطوير، اقتناء أثاث ومعدات لمدة 7 سنوات، قرض الاستغلال لمدة سنة واحدة مع إمكانية التجديد، كما يمكن للبنك أن يتحمل تكاليف إيجار المقرات التي تستضيف النشاط في حدود 2.000.000.00 دج، وكل هذا مع سرعة معالجة ملف القرض (8 أيام) وسداد مؤجل لمدة 12 شهرا.
في المقابل يطرح البنك حلين آخرين في إطار الصيرفة الإسلامية للمهنيين، وهما الاستثمار الاسلامي غير مقيد هو حساب يخضع لمبدأ المضاربة الذي يرتكز على أساس تقاسم الخسائر والأرباح، والذي يسمح باستثمار الأموال المودعة للبنك في مشاريع تمويلية، حيث يتم تحديد توزيع الأرباح بين البنك والزبائن المودعون بعد نهاية كل سنة مالية وفقا لمفتاح توزيع تم إبرامه والاتفاق عليه مسبقا.
أما تمويل الإجارة المخصص لتمويل المشاريع الاستثمارية (بدء / تمديد) الخاصة بالأشخاص الذين يمارسون المهن الحرة، والذي هو عبارة عن عقد إيجار مع خيار الشراء أي إجارة منتهية بالتمليك، المتمثلة في التجهيزات، المركبات، دائم وغير قابل للتلف خلال فترة محددة، حيث يشتري البنك التجهيزات التي يختارها العميل من الموردين المحليين ويؤجرها له وفي نهاية هذا العقد، يمارس خيار الشراء وتصبح مالك التجهيزات، الى جانبن منتجين آخرين يضافان لصالح المؤسسات وهما المرابحة للاستثمار وللاستغلال.
مساعدة مالية ومرافقة
وتشكّل الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر إحدى الآليات المالية التي استحدثتها الدولة الجزائرية من أجل تشجيع الأعمال الحرة واستكمال الإطار العام للهيئات الموجهة للإدماج الاقتصادي للأشخاص الذين لم يستفيدوا من التمويلات البنكية، ما يجعلها أداة لمحاربة الهشاشة سيما وسط فئة المحرومين لتحسين ظروف معيشتهم.
وأوضحت وسيلة عبروس مكونة منشطة بالوكالة الوطنية للقرض المصغر أن هيئتهم المالية تقدم صيغتين من الخدمات المالية، حيث تتمثل الصيغة الأولى في قرض لشراء المواد الأولية وهي قروض بدون فوائد تمنح مباشرة من الوكالة تحت عنوان شراء مواد أولية لا تتجاوز 100 ألف دج بهدف تمويل الأشخاص الذين لديهم معدات صغيرة وأدوات، ولكن لا يملكون أموال لشراء المواد الأولية لإعادة أو إطلاق نشاط، وقد تصل قيمتها إلى 250 دج على مستوى ولايات الجنوب، على أن يتم تسديد هذه السلفة خلال فترة لا تتعدى 36 شهرا.
أما الصيغة المتمثلة في التمويل الثلاثي “وكالة - بنك - مقاول”، فهي هي قروض ممنوحة من قبل البنك والوكالة بعنوان “إنشاء نشاط” حيث تصل تكلفة المشروع مليون دج، ويقدم التمويل كقرض بنكي بنسبة 70 ٪ وسلفة من الوكالة بدون فوائد 29 ٪ و1 ٪ مساهمة شخصية. وقد تصل مدة تسديده إلى 8 سنوات مع فترة تأجيل التسديد تقدر بـ 3 سنوات بالنسبة للقرض البنكي.
من جهة أخرى تقدم الوكالة - بحسب- عبروس خدمات غير مالية إلى جانب القرض من خلال تقديم الدعم والمرافقة القبلية والبعدية وحتى أثناء فترة انجاز المشروع للوقوف على النقائص والتدخل بالتوجيه وهذا من أجل ضمان بناء أعمال على أسس متينة واستمراريتها، وهذا يكون بالاستقبال في أحسن الظروف المتاحة لحاملي أفكار إنشاء المشاريع، والمرافقة الفردية للمقاولين في مراحل إنشاء النشاط، ناهيك عن المتابعة الجوارية الجدية لاستدامة الأنشطة التي تم إنشاؤها، فضلا عن تنظيم دورات تكوينية لإنشاء و/ أو تسيير المؤسسات الجد مصغرة والتربية المالية، واجراء اختبارات المصادقة على الخبرات المهنية بالشراكة مع هيئات ومؤسسات متخصصة ومخولة.
وأشارت المتحدّثة أن الوكالة أيضا تساعد في تسويق منتوجات المستفيدين من القرض المصغر من خلال اشراكهم في المعارض الجهوية والوطنية التي تنظمها بهدف التعريف بالمنتجات وبيعها، الى جانب وضع موقع في الأنترنت لإشهار وبيع المنتجات وتبادل الخبرات، خاصة وأن القرض المصغر يمس عدة قطاعات أهمها الخدمات، الحرف، الفلاحة الصناعة المصغرة الصيد البحري البناء والأشغال العمومية، وموجه لكل الفئات المؤهلة وغير المؤهلة، وحتى من يمتلك الخبرة دون الشهادة يمكنه الاستفادة من هذا التمويل بما فيها فئة ذوي الهمم.
تسريع منح القروض
يشكل صندوق ضمان قروض الاستثمارات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مؤسسة مالية أنشئت بمبادرة من السلطات العمومية كوسيلة لاقتسام المخاطر مع البنوك، لهذا يعتبر الصندوق شريك كل مؤسسات القرض في الساحة المالية وهذا بغرض ضمان تمويل استثمارات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية بصفة عامة ما يجعل منه وسيطا ماليا بين البنوك وحاملي المشاريع أو الأفكار الاستثمارية.
وبحسب زهور خواص المستشارة القانونية على مستوى الصندوق، فإن هذه الوسيلة التمويلية تعمل بنظام ضمان يهدف إلى تسهيل الاستفادة من القروض لأكبر عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تقدم مشاريع استثمارية مفيدة وإلى تقليص مخاطر البنوك وفي نفس الوقت السماح لهذه الأخيرة بزيادة قدرة تمويل إضافية في ظل احترام القواعد الاحترازية.
ضمانة للبنوك والمؤسسات المالية
ويقدّم صندوق ضمان قروض الاستثمارات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ضمان مالي آمن للبنوك وذلك بتغطية نسبة تصل إلى 80 بالمائة من خطر الإعسار أو احتمال عدم تسديد القرض الخط المتسبب في أكبر مخاوف المصرفيين وفي نفس الوقت توفير إمكانية النظر في سياسة قرض أكثر تفتحا باتجاه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المولدة للثروة والمستحدثة لمناصب شغل بما فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الناشئة.
وتتم هذه العلاقات التعاقدية المنصوص عليها في إطار اتفاقية شراكة تمضى بين الصندوق وشركائه من مؤسسات القرض الموجودة في الساحة المالية، مما يمكن من وضع الآليات اللازمة والهادفة في خدمة المستثمرين بهدف ترقية وتسهيل تمويل استثمار خلق وتطوير وعصرنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الجزائرية.
وأشارت المتحدّثة أن الصندوق يتولى تعويض الأضرار التي تتعرض لها البنوك الشريكة، حيث يحصل كلية خلال 30 يوما التي تتبع تاريخ المعاينة للحدث المولد “أربع ثلاثيات متتابعة غير مدفوعة أو سداسيين متتابعين غير مدفوعين أو سنة غير مدفوعة)، وهي أحكام جد ملائمة للبنوك وليس لها مثيل في الساحة المالية.
وبخصوص إدراك الخطر في تمويل الاستثمار وطريقة التعامل معه فهي مختلفة عن طريقة البنوك التي تعمل على تطبيق قواعد الاحتراز التي تسمح له بتقليص قدر الإمكان احتمال حدوث ضرر في كل عملية مموّلة بغرض أن تكون في تطابق مع مبدأ حماية مواردها، في حين أن الصندوق يبني نشاطه على احتمال أكبر لوقوع الضرر هو تعويض الأضرار أي المساهمة في حفظ موارد البنك بهدف السماح لهذا الأخير باتخاذ خطر أكبر.
ويبقى اللّجوء إلى الضمان المالي في بلادنا بالرغم من النتائج المشجعة المسجلة، لازال متواضعا من الناحية العملية، وللأهمية المخصصة للضمان المالي في تحليل وتقييم الأخطار البنكية في الوضع الحالي بالنظر لقدرات الالتزام لصندوق ضمان قروض الاستثمارات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، علما أن هذا اللجوء إلى القرض المالي ليس إجباريا في الجزائر، إذ يبقى اختياريا وخاضعا فقط لتقدير البنوك الجزائرية.
اسحاق شابي وسيط بورصة بالشركة المالية “أنفست ماركت” للأسهم والتي تأسست سنة 2020، معتمدة من طرف لجنة تنظيم عملية البورصة ومراقبتها سنة 2024 الجارية والتي تلعب دور الوساطة في البورصة للمؤسسات الراغبة في رفع رأس مالها، وذلك من خلال مساعدتها ومرافقتهم في دراسة ملفاتهم وإعداد إشعارات المعلومات المتعلقة بهم.
وأوضح شابي أنه يشترط لدخول أي شركة للبورصة أن تكون تساهمية، من خلال تقديم استشارة قانونية، مشيرا إلى وجود طريقتين لرفع رأس مال الشركة، حيث يتعين عليها القيام بجمع تبرعات في البورصة، أو الدخول في سوق الأوراق المالية مع المؤسسات الستة أو يتم طرح سندات وبها سعر فائدة لمدة 5 إلى 7 سنوات على الأكثر.
في المقابل تقوم الشركة أيضا بتقديم استشارات للشركات الراغبة بدخول البورصة سواء كانت قانونية مالية أو “أمانايت” لشراء المؤسسات أو بيعها أو الاندماج بين مؤسستين، وحتى إعادة الهيكلة بالنسبة للمؤسسات التي تعاني من صعوبات من أجل استعادة عافيتها سواء بإعادة الهيكلة أو تغيير النشاط وتحديد نقاط القوة والضعف للانطلاق من جديد.
وأشار المتحدّث أن كل المؤسسات مرحّب بها شرط أن تكون شركة أسهم لأن شرط لابد من توفره من أجل دخول البورصة، كاشفا عن استقطاب شباب من أصحاب المؤسسات الراغبين في دخول سوق الأوراق المالية منها مؤسسة ناشئة والتي ستكون الأولى من نوعها، في حين هناك حوالي خمس طلبات لشركات ناشئة قيد الدراسة من أجل مساعدتهم على التطور والنمو أكثر وتنتج في دخول البورصة.
وبخصوص الشروط الواجب توفرها في هذه المؤسسات، أوضح شابي أنه لابد أن تكون الشركة مربحة ولها ثلاث سنوات من النشاط، في حين أن هذا الشرط يخفض بسنة بالنسبة للمؤسسات الناشئة، خاصة وأن الشركة تقدّم مزايا جذّابة للشركات على غرار انخفاض تكاليف رفع رأس المال من أجل الدخول بالبورصة لأن الدولة تعمل ما بوسعها من أجل تقديم كل الدعم للنهوض بهذا النوع من السوق المالية مقارنة بطرق أخرى.
واعتبر ممثل شركة “أنفست ماركت” أن ما يهم الشركة هو تحقيق الأرباح بأقل تكاليف والاستفادة من الاعانات التي تقدمها الدولة من خلال البورصة، فهي تساهم وتعمل على تطوير والنهوض بالسوق المالية بالجزائر الذي يبقى محتشما.