سياسة التهيئة العمرانية، كما وردت في البرنامج الخماسي لرئيس الجمهورية، وضعت مجموعة من الأهداف، أهممها تحسين الإطار العام لحياة المواطنين، ضمن سياسة سكنية تمنح كل الأهمية لنوعية العمران والتخلص من السكن الفوضوي والحد من النزوح الريفي.
تراجع دور الدولة في تأطير السياسة العمرانية، خلال سنوات الأزمة وارتفاع الطلب على السكنات، أفرز فوضى عارمة، انعكست سلبا على صورة الدولة من حيث العمران وكانت له تداعيات خطيرة على أمن المواطنين، الأمر الذي تطلب تدخلا صارما من طرف السلطات العمومية من خلال فرض احترام القوانين المنظمة للعمران، فضلا عن تجديد الإطار التشريعي وتخصيص موارد مالية هامة وكل ما يتعلق بآليات تنفيذ سياسة دينامكية للعمران.
خلال السنوات الخمس الممتدة من سنة 2010 إلى غاية 2014 ، جهود حثيثة تبذل من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في ملف التهيئة العمرانية، بدء بانجاز الأعداد الهائلة من السكنات بمختلف صيغها إلى تجسيد مخططات التهيئة والعمران في مختلف المناطق والسهر على التطبيق الصارم لما ورد في دفتر الشروط، من أجل قلب الصورة القاتمة التي طبعت العمران وشوهت المنظر العام، على الرغم من أن القانون يعتبر أن المظهر الجمالي للاطار المبني، من الصالح العام ولذا وجب المحافظة عليه وترقيته، مثلما ورد في أحكام ومواد القانون رقم 08-15 الصادر في سنة 2008 .
ولأن المباني غير المكتملة تعد أحد مظاهر تشويه المنظر الجمالي للعمران، فقد تقرر منذ خمس سنوات تسوية هذا الملف، لكن عمليات التطبيق ظلت تراوح مكانها، ولم يتم إحراز أي تقدم على الرغم من أن النصوص صدرت في سنة 2008 ومفعول بطلان سريانها ينتهي بعد أربعة أشهر فقط، وهي مهلة تعد قصيرة بالنظر إلى العدد الكبير من البنايات التي لم تكتمل عملية إنجازها.
فرض احترام القانون رقم 08-15 تبدو عملية ليست بالهينة خاصة في الوقت الراهن، ولذا فإن مصالح وزارة السكن تبدي مرونة في تسوية البنايات وإتمام إنجازها من خلال اتخاذ تدابير تحفيزية لحث المعنيين بالأمر، على الاقبال للاستفادة من التسهيلات الممنوحة والاعانات المقترحة من أجل تحقيق مطابقة المباني للقانون الذي ينص صراحة على وجوب اتمام أشغال الانجاز لأي بناية مشيدة.
وعلى الرغم من أن نفس القانون ينص صراحة على أنه لا يمكن لأي مالك أو صاحب مشروع شغل أو إستغلال أي بناية قبل إتمام إنجازها، وذلك من حيث الانجاز التام للهيكل والواجهات وكل التهيئة التابعة لها..إلا أن الكثير من البنايات وخاصة الفردية منها، يتم استغلالها لأغراض تجارية وأخرى، قبل أن تشيد كلية..ظاهرة انتشرت على نطاق واسع وساهمت إلى حد كبير في تشويه المنظر العام.
ومن جهة أخرى، فإن عدم انسجام الأشكال ونوعية واجهات البنايات، بما فيها تلك المرتبطة بالمساحات الخارجية، خلق نوعا من الفسيفساء في تعدد الأشكال، كل حسب مزاجه ولكن دون الأخذ بعين الاعتبار للشكل العام الذي يبدو بعيدا عن الانسجام والذوق العام، فضلا على خرقه لنصوص القانون وخاصة في مادته الثانية، التي تشير صراحة إلى إلزامية تحقيق المطابقة، أي تلك الوثيقة الإدارية التي يتم خلالها تسوية كل بناية يتم إنجاها أو لم يتم بالنظر إلى التشريع والتنظيم وقواعد التعمير، فضلا على مختلف الشبكات والتهيئة ورخصة إتمام إنجاز البناية قبل استغلالها او شغلها.
النصوص القانونية المنظمة للعمران دقيقة، وجاءت لتنظيم ملف التهيئة العمرانية، من خلال مختلف مخططات التعمير وشغل الأراضي لانجاز البرامج المسجلة في المخطط الخماسي، إلى جانب تسوية ملفات المواطنين ومختلف الإدارات المعنية وهي العملية التي تمس عددا كبيرا من السكنات غير المكتملة قدرت بأكثر من 2 مليون بناية، يفترض تسويتها في 20 جويلية القادم، تاريخ انتهاء الآجال مثلما ورد في قانون سنة 2008، غير أن بطء عملية التسوية قد تؤدي بالجهات المسؤولة إلى تمديد الآجال، قصد وضع حد للصعوبات التي واجهت ملفا ساهم إلى حد كبير في فوضى العمران بسبب عدم احترام القانون.