يتجه اهتمام الشركات الاقتصادية الجزائرية في الوقت الراهن نحو السوق الإفريقية التي تضم 54 بلدا، للتموقع الجيد وضمان سوق واعدة ومستمرة، لكن ينبغي في البداية تحديد الأولويات ودراسة هذه السوق التي تعد من أهم الأسواق التي تحتاج إلى مختلف المنتجات الغذائية والصناعية التي من شأنها أن تمنح الاقتصاد الوطني قيمة مضافة، لكن ومع كل ذلك يجب التحضير الجيد لاقتحام هذه الأسواق للانتشار على مستواها بقوة، ومن بين الشروط التي من الضروري أن يدركها المتعامل الاقتصادي والمصدرين من أصحاب المؤسسات الاقتصادية، التقرب من شركاء في الدول الإفريقية على خلفية أن سر الاستمرار هو وجود شركاء وممثلين للمؤسسات الجزائرية في الدول الإفريقية. خاصة بعد ان صارت أفريقيا هدف كل القوى الاقتصادية العالمية، فعلى سبيل المثال تواجد الصين الاستثماري بالقارة السمراء لا يقل عن 40 بالمائة ويضاف إليها الولايات المتحدة الأمريكية وإلى جانب الدول الأوروبية.
صارت المؤسسات الجزائرية والمتعاملين الاقتصاديين بعد التسهيلات الكبيرة التي أطلقت في مجال تشجيع التصدير، مطالبة بالإسراع في رصد بشكل دقيق الدينامكية الجديدة والفرص المفتوحة للتصدير نحو إفريقيا، ولا يتسنى ذلك من دون شك من دون إيجاد مفاتيح الانتشار في إفريقيا ومن ثم التحكم والاطلاع على الأنظمة الجبائية المعمول بها في دول القارة السمراء، على خلفية أن عام 2019 سيكون سنة للتصدير والإقلاع الحقيقي نحو أقرب الأسواق التي تضمن مستهلكين دائمين وأوفياء، في وقت شرعت فيه بعض المؤسسات في تصدير وتمويل السوق الوطني وبالموازاة مع ذلك تتجه بشكل تدريجي نحو الأسواق الأجنبية، من بينها السوق الإفريقية مما يحتم عليها مضاعفة الجهود لترقية وانتشار صادراتها، للاستفادة من نسبة النمو التي تشهدها البلدان الإفريقية، وبالتالي تحسن مستوى المعيشة وضمان سوق استهلاكية مهمة، على اعتبار أن بنك التنمية الإفريقية قدر نسبة النمو في إفريقيا بنحو 4 بالمائة، لكن البنك العالمي يرى بأنها في حدود 3. 2 بالمائة، أي يتضح أن إفريقيا باتت تحقق نسب نمو مرتفعة، بل وصارت الوجهة الجديدة للمستثمرين، حيث يتوقع أن يقفز حجم الاستثمارات فيها إلى ما لا يقل عن 144 مليار دولار في 2020، حيث صارت إفريقيا وجهة المستثمرين المغرية في إطار بحثهم عن أسواق جديدة، علما أن مختلف التوقعات تترقب أن يتواجد ما لا يقل عن 25 من الإنسانية في إفريقيا في آفاق عام 2050، حيث توجد ثروات وقدرات وسوق استهلاكية هامة.
الحذر واليقظة ودراسة الأسواق
يمكن وصف التطلع للتواجد في سوق إفريقيا واقعي ولأن المستقبل ليس في الشمال وإنما في الجنوب حيث الثروات والقدرات البشرية والسوق الاستهلاكية، وما تجدر إليه الإشارة أنه حان الوقت لاقتحام إفريقيا عبر بوابة إقامة الشراكات على المدى الطويل، وخلال السنوات الماضية بدأ المنتوج الجزائري يبرز بالنظر إلى تنافسيته وجودته العالية، وينتظر بذلك أن يقتحم سوق الدول الإفريقية رغم أن المنافسة توجد على أشدها، وحان الوقت كي يتحلى المتعامل الاقتصادي والمستثمر الجزائري باليقظة والحذر، ومن ثم دراسة السوق بدقة خاصة دراسة أسواق دول غرب إفريقيا، وبالتالي أن القفز إلى مصاف النجاعة والتنافسية وطرح إنتاج رفيع الجودة للتصدير لإفريقيا الغربية. إذا القدرات الكبيرة والقيمة المضافة التي تنام عليها إفريقيا، يفرض على رجال الأعمال والمؤسسات أن تتحرك لأنها من ينبغي أن يقوم بالتغيير ويحرك الاقتصاد وينعش التنمية ويقود المعركة الاقتصادية ويسهل الطريق لتحسين مستوى الحياة مع الأفارقة. لأن محطة القارة السمراء تعد الفرصة الذهبية لتنويع الاقتصاد، الذي بدأ يرتقي ويخلق القيمة المضافة وعلى سبيل الذكر صار قطاع الصناعات الغذائية القطاع الثاني بعد قطاع المحروقات يخلق الثروة سواء من حيث تمويل السوق الاستهلاكية والحد من الاستيراد، وإلى جانب تعبيده لمسار التصدير نحو بعض الدول الإفريقية والخليجية وحتى الأوروبية.
دراسة السوق لتفادي الإخفاق
يقدر الخبراء بأن السوق الإفريقية مهمة لكن يعتقدون أن الاستثمار فيها يحتاج إلى صبر ووقت معتبر حتى يجني ثمار جهوده، وحتى ينجح المستثمر والمتعامل الجزائر في قلب القارة السمراء، يفترض أن يحدد ماذا يستثمر وأين يستثمر؟ أي دراسة السوق بدقة وتقدير محدد لا يقبل الإخفاق، ولا يخفى أنه سجل خلال السنوات القليلة الماضية اهتماما كبيرا بالسوق الإفريقية في عام 2017، وعرف التواجد الأمريكي في القارة السمراء الصدارة واحتل المرتبة الثانية والثالثة كل من بريطانيا وفرنسا، فيما اكتفت الصين بالمرتبة الرابعة ب40 بالمائة، وإن كانت توصيات الخبراء، تلفت الانتباه وتسلط الضوء وتدعو المستثمرين إلى التركيز على مجالات الصناعة والطاقات المتجددة والبناء، توجد قطاعات أخرى جد مهمة وستجد أمامها سوقا كبيرة مثل قطاع الصيدلة، رغم أنها تتطلب هياكل قاعدية مثلها مثل الطاقات المتجددة وتحتاج إلى استثمارات على المدى البعيد، وإن كان الأفارقة خاصة من متعاملين سينغالين وماليين في حد ذاتهم رحبوا بتواجد الجزائريين بأسواقهم، نظرا للمكانة التي يحظى بها الجزائريين لدى شعوب القارة السمراء، وكشفوا أنه لا توجد أي أخطار، لكنهم نصحوهم بإيجاد شريك لكل مستثمر جزائري يتطلع إلى النجاح والاستمرارية من داخل الدولة التي يرغب الاستثمار فيها أو اقتحام أسوار أسواقها. يذكر أنه حان الوقت لاستغلال والاستفادة من العلاقات الجزائرية الإفريقية اقتصاديا، حيث يمكن وصف هذه العلاقات بالجيدة خاصة من خلال آلية «النيباد»، ودراسة العديد من الطلبة الأفارقة في الجامعات الجزائرية.
جولات ترويجية نحو 40 دولة
ينتظر الكثير من حركية المعارض التي تشارك فيها الجزائر خاصة في القارة الإفريقية، حيث المؤسسات الإنتاجية على موعد مع عدة معارض بداية من شهر افريل المبقل إلى غاية شهر ديسمبر القادم، ويعول كثيرا على الجهاز المصرفي لمواكبة هذا التحول والتموقع للمؤسسات الإفريقية في السوق الإفريقية إلى جانب شركات التأمين الوطنية، حتى يتجسد التكامل المطلوب ويرفع التحدي لتعزيز التواجد الاقتصادي لأن حجم التبادل التجاري بين الجزائر وإفريقيا مازال نوعا ما ضعيفا حيث لم يتعد 3 ملايير دولار سنويا ولا تشمل هذه المبادلات سوى 5 دول إفريقية فقط. وتناهز الصادرات الجزائرية حدود 1.6 مليار دولار بينما وارداتها من الدول الإفريقية تصل إلى 1.4 مليار دولار.، وكلها تشكل مبادلات بقيمة 3 ملايير دولار، ولا تزيد الصادرات الجزائرية غير النفطية نحو دول إفريقيا عن مستوى 206 مليون دولار فقط أي 13 بالمائة من إجمالي الصادرات نحو القارة السمراء. سطر برنامجا ثريا للترويج للمنتجات الوطنية، من خلال تنظيم جولة ماراطونية خلال سنتي 2019 و2020 عبر أربعين دولة للتعريف بمختلف المنتجات الجزائرية حول العالم، من أجل جس النبض وفحص فرص التصدير والتعاون ومدى التجاوب مع مختلف ما تطرحه الآلة الإنتاجية، ويأتي ذلك بعد جولات عديدة سجلتها تظاهرات اقتصادية مماثلة حطت فيها المؤسسات الجزائرية رحالها نذكر من بينها واشنطن وبروكسل ونواكشوط والدوحة وليبروفيل وداكار.