اعتبر هادف عبد الرحمان، متعامل اقتصادي، أن حالة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعكس حالة أداء الاقتصاد الوطني حاليا، وهي ليست في المستوى المأمول فيه بالنظر لمقومات وقدرات الاقتصاد الجزائري، فالعدد لا يزال أقل مما يجب أن يكون كما أن نوعية وقوة المؤسسات لا ترتقي إلى حجم التحديات مما يستدعي الإسراع في إيجاد حلول لتنشيط هذا النسيج وتنميته حتى ترتفع وتيرة عمل دواليب النمو.
بلسان المتخصص في الشأن الاقتصادي، خاصة المحلي، دعا في تصريح لـ»الشعب» إلى العمل بسرعة على إنشاء مجالس اقتصادية واجتماعية محلية على مستوى الولايات تحتضن الهوية الحديثة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتدمجها في الديناميكية التنموية الحقيقية. وأشار إلى أن الهيئات الإدارية الحالية التي تتكفل بهذه المؤسسات أثبتت محدوديتها بدليل أنها أقل من المعدلات العالمية في هذا المجال، فلدينا 23 مؤسسة صغيرة ومتوسطة لكل ألف نسمة بينما في العالم هناك 45 مؤسسة صغيرة ومتوسطة لكل ألف نسمة.من بين أهم عوامل تحسين هذا القطاع، أشار إلى ضرورة تحرير المبادرة وتغليب ثقافة المال والأعمال على ثقافة الفعل الإداري الذي يكبح المبادرة ويعيق تطورها. وفي هذا الإطار، أشار إلى العمل ضمن مقاربة اقتصادية حتى من خلال القيام بعدد من المتطلبات أبرزها اختيار وتحديد القطاعات الجذابة في فروع الصناعة والخدمات، انتهاج المرافقة الضرورية خاصة في التكوين والتمويل وثالثا توسيع نطاق المبادرة لتشمل الصناعة التقليدية على مستوى كل الولايات، حيث تنتشر ورشات ووحدات يمكن أن تتحول إلى مؤسسات.
أضاف في تشخيصه للواقع وتطلعات المستقبل أن الوقت حاليا للعمل في الميدان أكثر من البقاء ضمن أسلوب اللقاءات في الفنادق حيث لا يتعدى النقاش إطار التصورات النظرية، بينما تنتظر المؤسسات في الساحة مرافقة وتأطيرا جواريا. وهنا تبرز أهمية إزالة كل ما يعتبر وساطة والاقتراب أكثر من المؤسسة التي تواجه عراقيل ومعوّقات يمكن أن يؤدي إزالة نصفها إلى الرفع من معدلات الأداء.
برأيه اليوم ما هو مطلوب العمل على إعادة تصحيح المقاربة من الرقابة الإدارية إلى المرافقة الاقتصادية، والاهتمام بتكوين اليد العاملة المؤهلة خاصة في قطاعات مثل النسيج والجلود، متسائلا هل يعقل أن تستورد مؤسسات موديلات ونماذج لتفصيل الملابس من بلدان أخرى وبكلفة تعيق المنافسة.
عن القطاعات التي يمكن أن تكون أرضية لبعث مؤسسات صغيرة ومتوسطة ذات جدوى، أشار هادف عبد الرحمان إلى قطاعات مثل الفلاحة بتوجهها الصناعي والتحويلية إلى جانب الخدمات يمكنها أن تساهم في تنمية الثروة وإنتاج القيمة المضافة، مؤكدا أهمية تجاوز النظرة التقليدية للاستثمار مثل التحجج بالعقار، في وقت تحقق فيه مؤسسات مماثلة بالخارج نجاحا كاملا خاصة في الخدمات التي تتحكم فيها مؤسسات صغيرة ومتوسطة بأمريكا وتساهم من خلالها بحوالي 75 بالمائة في الناتج الداخلي الخام.
عن أولويات الدعم والمرافقة، أوضح أن المؤسسة الصغيرة والمتوسطة تحتاج اليوم إلى بنوك خاصة بها، لها أدوات تمويل ملائمة ومرنة وهواقتراح تم تقديمه سابقا ولم يجد متابعة من الجهات المهنية بتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تعاني من مشكلة التأطير وقلة الكفاءة المناجيريالية.
يمكن الخروج بهذه المؤسسات والرفع من عددها في المديين القريب والمتوسط إذا ما سطرت ورقة طريق واضحة المعالم ودقيقة الأهداف تنطلق من القدرات الموجودة وتراعي التطلعات المعبر عنها، ضمن إطار يجمع كل الفاعلين على كافة المستويات ويضع العنصر الاقتصادي في مقدمة العملية، بينما يكون العنصر الإداري مرافقا له.