الحرص على حماية الفئـــات الضعيفــــة ومنــــاصب العمــــل وترسيخ الشفافية ومكافحة الفساد
خصّ عمارة زيتوني، رئيس مجلس المنافسة جريدة «الشعب» بحوار على هامش ندوة دراسية حول حيادية قواعد المنافسة في الجزائر يوم 5 ديسمبر، ليقدم تصوره لمفهوم الحيادية في ظل سوق لا تزال تمر بفترة بلورة مشهد اقتصادي وتجاري يرتكز على المنافسة النزيهة كعامل يحقق النمو، كما يشرح منهجية الهيئة في الاتصال بالمحيط من خلال التواجد في الميدان وفقا لمقاربة عمل جواري تجاه المتعالمين في مختلف الولايات لترسيخ مفاهيم المنافسة بأنها في صالح المؤسسة والمستهلك والاقتصاد، ويسجل ان هذا المفهوم لا يزال حديثا في الممارسة ويتطلب تنمية التواصل بين مختلف المتدخلين في الساحة الاقتصادية حتى تصبح المنافسة ممارسة ذاتية يحرص عليها صاحب المؤسسة، لما فيها من فوائد خاصة أمام الهجمة الاقتصادية العالمية التي لن تعطي فرصة لمن يتأخر عن الالتزام بقواعد السوق، وأولها حماية المنافسة النزيهة من خلال التقيّد بقواعدها.
»الشعب»: ماذا يعني حيادية قواعد المنافسة؟
- عمارة زيتوني، رئيس مجلس المنافسة: الأمر بسيط، قد يبدو المصطلح غامضا، قبل تسجيل هذا الموضوع كمحور لليوم الدراسي، ترددنا كثيرا، واستشرنا خبراء محليين وأجانب بشأن جدوى أن يكون الموضوع محور ندوة للنقاش، فأجابوا بالإيجاب، وبالصدفة لما دعينا لحضور منتدى عالمي حول المنافسة بباريس نظمته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، الأسبوع الماضي، وجدنا هذا الموضوع محورا ضمن صدارة اشغال المنتدى، لكونه موضوع آني، ( منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تضم 34 بلدا صناعيا).
صلب هذا الموضوع يتعلق بمعالجة المنازعات والدعاوى وطلبات الرأي من المؤسسات العمومية والخاصة بنفس الطريقة، وبدون أي تمييز، لأنه في بعض مقالات صحف ورد بدون موضوعية ادعاءات العمل بالمفاضلة لصالح مؤسسات عمومية، وهذا غير صحيح. وقد قدمنا توضيحات حول الموضوع. والدليل أن هناك عددا من رؤساء مؤسسات خاصة حاضرون معنا، من بينهم رئيس جمعية منتجي المشروبات، يدعون أنهم ضحايا تمييز، وان هناك مؤسسات لطبيعة مهامها تستفيد من رخص حكومية، وأوضحت لهم بالقول ماذا يمنعكم من إشعار مجلس المنافسة والاجراءات لذلك معروفة، وابرزها تقديم الدليل واحضار الحجج، علما ان الخبراء يؤكدون على ان يكون الدليل ملموسا ويمكن مراقبته، ذلك ان المجلس يعمل كإطار قضائي بحضور محامين وقراراته قابلة للاستئناف أمام مجلس الدولة، أي تخضع لرقابة القضاء.
ينبغي التوضيح انه ليس بمجرد تنصيب المجلس يتحقق المطلوب وإنما يجب التزام الوقت اللازم وانخراط المتعاملين والمؤسسات في عمل منهجي، ليس بالتنديد على مستوى وسائل الإعلام، التي تساهم في ترقية ثقافة المنافسة. بالمناسبة رئيس مدير عام مؤسسة خاصة كبيرة حضر مدعيا وجود ممارسات معارضة لقواعد المنافسة وابلغناه اننا ننتظر احضاره للدلائل، لكنه لم يرجع. ولما التقيته في مناسبة ذكّرته بالموضوع فتهرب من الرد.
تعتزمون الخروج في الأسابيع القادمة إلى ولايات عديدة، ما هو الهدف؟
- يدخل هذا في إطار التحسيس وتوسيع مجال التعامل مع ثقافة المنافسة في السوق، وسبق القيام بهذا النشاط الاتصالي بالعاصمة، والآن ينبغي التوجه إلى الجزائر العميقة، باعتماد عمل جواري مكثف، لذلك دعينا من طرف غرفة التجارة والصناعة الصومام ببجاية، حيث نتنقل ضمن مجموعة من إطارات المجلس من أجل عرض أمام كافة المتعاملين بالمنطقة والجمعيات المعنية مهام المجلس والآليات التي تحكم عمله ومنظومة الاجراءات التي تدخل في نطاقه، ذلك ان المطلوب في الوضع الراهن تعميق مناخ الثقة بين المتدخلين في معادلة المنافسة الاقتصادية والتجارية، كما تلقينا دعوة للتوجه الى تلمسان، يوم 20 ديسمبر، حيث نقوم بنفس المهمة لصالح الفضاء الاقتصادي المحلي، كما لدينا برنامج تعاون مع جامعة قسنطينة التي وقعنا معها اتفاقية وممثلوها حاضرون في هذا اللقاء، وكذلك مع جامعتي تيزي وزو والمسيلة، مما يعكس توجه الخروج من العاصمة الى مختلف المناطق لنشرح الدور المنوط بالمجلس وفقا لمقاربة بيداغوجية تفاعلية.
حاليا كيف تقيّمون ممارسة المنافسة عندنا خاصة من حيث ترسيخها في السوق؟
- الملاحظ أحيانا أننا نستعجل فنريد الحصول على نتائج سريعة، بينما في فرنسا مثلا تأسس مجلس المنافسة في الخمسينيات وانتظروا نصف قرن لوضع تقييم، علما أن تقييم مؤشرات المنافسة تكون من حيث ما تقدمه للمستهلك، وللاقتصاد. الأمر هنا لا يتعلق بوضع تقييم ذاتي، وإنما ينبغي أن يقوم بها طرف مستقل، ذلك ان المنافسة تحمي المستهلك في السعر والجودة ويجب ان نصل الى مرحلة يعرف فيها المستهلك مكوّنات المنتوجات التي يقتنيها سواء الغذائية أو الصحية أو غيرها. في بلدان أخرى سجلت المنافسة تطورا في هذا المجال تطورت فيها مفاهيم المنافسة لتشمل مساحة واسعة من الحياة.
هناك في بلدان تعتبر المنافسة مفيدة للشركات الكبيرة ومن هذه من تتجاهل مصلحة العمال أو حماية مناصب العمل عند حالة الاندماج والتكتلات بين فروع أو مؤسسات، وهنا يبرز العامل الاجتماعي، لذلك فإن قواعد المنافسة تؤسس لعدالة تضمن حقوق الفئات الهشة لكي لا تكون ضحية فوضى السوق. وعليه يجب البحث دائما عن الفئات الضعيفة بالاهتمام بالنمو وحماية مناصب العمل وترسيخ الشفافية ومكافحة الفساد، لأن الالتزام بقواعد المنافسة يفتح الأفق.