رغم التذبذب الذي شهدته أسعار النفط منذ نحو أسبوعين لكنه مازال يحافظ على سقف 80.43 دولار، علما أن الأسعار بلغت بعد اجتماع منظمة «أوبك» وشركائها الأخير الذي عقد بالجزائر نهاية شهر سبتمبر الماضي، 85 دولارا، وأرجع الخبراء هذا التراجع إلى تسجيل توقعات ضعيفة لنمو الطلب على الخام، إلى جانب توقعات آخر تقرير لوكالة الطاقة الدولية، التي ذهبت فيه إلى تأكيد حقيقة أن أسواق النفط تتلقى إمدادات كافية خاصة على خلفية الزيادة الكبيرة في الإنتاج خلال السداسي الأول من العام الجاري، بل وحرصت على تقلص توقعها لنمو الطلب العالمي على الخام إلى غاية نهاية عام 2019..فهل يتسبّب ذلك في عدم استقرار الأسعار التي بلغت مؤخرا مستويات عادلة؟
يمكن القول أن أسعار النفط مازالت متماسكة بل وتحافظ على مستويات عادلة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء، لكن التذبذب الأخير الذي مس بالأسعار فسّر على أنه في الأغلب يعود إلى ضعف الآفاق الاقتصادية العالمية بفعل المخاوف التجارية العالمية، ويضاف إليها ارتفاع أسعار النفط وكذا بروز موجة من الرؤية التشاؤومية من تقلص الطلب العالمي على ثروة الذهب الأسود. وتعكس آخر الأرقام المسجلة في السوق إلى ارتفاع طفيف في أسواق الأسهم، بعد تراجعها في السابق استنادا إلى توقعات ضعيفة لنمو الطلب على الخام.
والجدير بالإشارة، فإن عقود خام القياس العالمي مزيج برنت حقق خلال جلسة التداول ارتفاعا في حدود 17 سنتا ليصل عند التسوية إلى حدود 80.43 دولارا للبرميل، بعد أن منيت الأسعار بخسائر لم تقل عن مستوى 3.4 بالمائة، في حين عقود الخام الأمريكي بدورها سجلت نموا بعد ارتفاعها بـ 37 سنتا، حيث قفزت إلى مستوى 71.34 دولار للبرميل.
ومن أهم المعطيات التي حملت بعض التردد والتخوف بالنسبة للمنتجين يكمن في إقدام وكالة الطاقة الدولية على تخفيض توقعاتها بشأن كل ما تعلق بنمو الطلب العالمي على النفط بحوالي 0.11 مليون برميل يوميا لسنتي 2018، وكذا 2019 أي إلى 1.28 مليون برميل يوميا خلال العام الجاري و1.36 مليون برميل يوميا بالنسبة لعام 2019.
ولعل من العوامل المؤثرة على السوق النفطية والتي رفعت من حجم التخوف من عدم تماسك الأسعار وتذبذبها مرة أخرى، نذكر تسجيل أخبار جديدة تفيد بأن مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التجارية، قد ارتفعت من 15.7 مليون برميل في شهر أوت الماضي إلى ما لا يقل عن حدود 2.854 مليار برميل، ويعد ذلك أعلى مستوى منذ شهر فيفري الماضي وخلاصة القول أن مخزونات النفط زادت بنحو 0.5 مليون برميل في الربع الثاني من 2018، وإلى جانب تسجيل نفس الزيادة خلال الربع الثالث من السنة الجارية.
وفي ظل سلسلة المستجدات وبروز مخاوف لدى المنتجين من عدم استقرار الأسعار بفعل وفرة الامدادات، لكن تبقى الأسعار في سقف عادل من شأنه أن يفتح شهية المستثمرين على مواصلة مختلف المشاريع في مجال النفط، وتزيد من حرص منظمة الدول المصدرة للنفط وشركائها من المنتجين المستقلين، على مواصلة مساعيهم للحفاظ على مكسب التوازن الذي تم تحقيقه في السوق بفضل قرار التخفيض الذي رأى النور في الجزائر، ويرتقب أن يجدد العمل به من دون تحديد فترة زمنية لسريانه، ولعل اجتماع يوم 11 نوفمبر المقبل الذي سيجمع دول أوبك وشركائها بالامارات العربية سيتم فيه بحث ودراسة جميع المستجدات وأخذها بعين الاعتبار، من أجل تجديد العمل بمسعى التخفيض خلال اجتماع منظمة «أوبك» وشركائها خلال شهر ديسمبر المقبل بمدينة فيينا.