«المستهلك سرعان ما يستسلم لقانون السوق الذي يرتبه بارونات التجارة في مثل هذا الموسم فتراه يقتني(أحيانا مرغما) دون الالتزام بثقافة المستهلك العقلاني بحيث يجيد قراءة المؤشرات».
«المستفيد تاجر الجملة الذي يتحكم في دواليب السوق وأحيانا بالتواطؤ مع أصحاب غرف التبريد والتخزين وأحيانا أخرى بعض الفلاحين الدخلاء».
كشفت يوميات رمضان وفترة ما بعد العيد(نهاية عطلة طويلة من 5 أيام) أن للمستهلك جانب من المسؤولية في أزمة الأسواق والمحلات التجارية من حيث مواجهة ارتفاع الأسعار وكذا الندرة، بالرغم من تحسن مؤشر المداومة المخصصة للتجار في يومي العيد الذي تزامن مع عيد الاستقلال.
لوحظ أن المستهلك سرعان ما يستسلم لقانون السوق الذي يرتبه بارونات التجارة في مثل هذا الموسم فتراه يقتني( أحيانا مرغما) دون الالتزام بثقافة المستهلك العقلاني بحيث يجيد قراءة مؤشرات السوق بالنسبة للأسعار وكذا النوعية ويفاوض قبل أن يسقط تحت الضربة القاضية للتاجر المتمرس مستغلا نهم زبونه وضعفه أمام سلع موضبة ومعروضة بشكل يسيل لعابه.
وكان رمضان مسرحا للعبة لن تنتهي بين طرفي السوق وهما التجار والزبون بحيث يحمل كل واحد المسؤولية للآخر، فيما يبقى أكبر مستفيد تاجر الجملة الذي يتحكم في دواليب السوق وأحيانا بالتواطؤ مع أصحاب غرف التبريد والتخزين وأحيانا أخرى بعض الفلاحين الدخلاء على القطاع المستفيد من دعم كبير من جانب الدولة في إطار بناء منظومة الأمن الغذائي.
وقد يكون للجمعيات المهتمة بعالم المستهلكين دور في عدم تأسيس ثقافة استهلاكية فعّالة لأسباب عديدة من أبرزها نقص التواجد في الميدان واقتصار البعض على النزول إليه في مناسبات والبعض الآخر يفضل النشاط في بلاتوهات التفزيونات حيث يكثر الضجيج وتختلط المفاهيم في مشهد يثير السخرية ولا تحرك في التاجر شيئا طالما أنه يدير شؤونه بعيدا عن أي مراقبة ذات طابع ظبطي أو متابعة للنقائص والتجاوزات التي تصنع يوميات رمضان.
ولم يغير سوق اتحاد العمال من واقع الأمر كثيرا بحيث لم يلاحظ عليه هذه السنة تلك القدرة الملموسة التي تعود عليها المستهلك في سنوات مضت بتسجيل انخفاض محسوس للأسعار وتنوع في معروضات البضائع. وفقد الكثير من صيته مما يستدعي استخلاص العبر قصد الاستفادة منها مستقبلا وذلك بإطلاق مسارات تعاون وشراكة مع المنتجين في القطاعات الفلاحية والمواد الغذائية التي يرتفع عليها الطلب ومن ثمة منع تسلل ممارسات معاكسة للهدف يستغلها انتهازيون في عالم التجارة الذي فقد الكثير من قيمه وأخلاقيات مهنته.
وحاولت وزارة التجارة بالتنسيق مع نظيرتها للفلاحة من خلال زيارات موجهة التقليل من صدمة الأسواق باعتماد لغة التحسيس والتوعية التي بقدر ما قد حققت بعض النتائج لدى أصحاب الضمير فإنها لم تجد صدى لدى شريحة معتبرة من تجار تجاوزوا كل الخطوط في انتظار أن تبادر السلطات المختصة في عملية مبكرة بإخضاع أسواق الجملة والتجار للمعايير الاحترافية ومن أبرزها العمل بالفوترة وتحديد هوامش الربح المشروعة.
غير أن أسواق السمك تملصت من رقابة هذه السنة بحيث استقطبت فئة معينة بالرغم من أن موسم الصيد البحري مثمر دون أن ينعكس ذلك على التسويق مما يتطلب إدراج هذه السوق في منظومة الضبط والتحكم خاصة وأن دعما معتبرا تقدمه الدولة لأصحاب مهنة الصيد المستفيدين من نمو شريحة لزبائن كبار مثل الفنادق والمطاعم التي لا تسأل عن السعر كون أصحابها يسترجعون الكلفة وفائدة كبيرة من زبائن لديهم قدرة شرائية غير عادية.
وعلى صعيد المداومة التجارية خلال أيام العيد ونهاية الأسبوع فإنه سجل تحسن في بعض المناطق والمدن دون أن تتبعها نفس الوتيرة في بلديات وأحياء أخرى حيث لا تزال هذه الثقافة تفتقر للقناعة والاحترافية التي تشكل الحلقة الضعيفة في الأسواق بكافة أصنافها ومن ثمة يمكن للمصالح المكلفة بضبط التجارة التدخل لتأسيس مشهد جديد للأسواق التي تخصص لها الدولة في برامجها الاقتصادية أهمية من خلال إنجاز مشاريع خاصة منها الجوارية لامتصاص النشاطات الموازية التي تطبع المدن والشوارع بالفوضى وما ينجر عنها من تهرب ضريبي وغش وتقليد للسلع.