مقاربة الرئيـس تبون تؤتي ثمراتهـا.. الخبير سعـودي لـ “الشعب”

إجمـاع دولـي علـى نجاح الإصلاحـات الاقتصاديــة في الجزائر

هيام لعيون

منظومة الإصلاح التشريعيـة خلقـت بيئـة اقتصادية جديدة

مقاربة اقتصادية نموذجية باعتراف دولي رغم التحديات العالمية المعقدة

في اعتراف دولي جديد بنجاعة الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها الجزائر، أشاد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”، في تقريره السنوي لعام 2025، بالنمو الملحوظ للاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد، رغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، ويُعزى هذا الأداء إلى الإصلاحات التشريعية المحفزة، وتحسين مناخ الأعمال، إلى جانب جهود السلطات العليا لتنويع الاقتصاد الوطني الذي حقق تقدماً لافتاً في المؤشرات الدولية، في دلالة واضحة على عمق التحولات التي يشهدها الاقتصاد الجزائري.
 
في ضوء هذه المعطيات، أكد الخبير الاقتصادي عبد الصمد سعودي أن الإشادة التي وردت في تقرير “أونكتاد” حول تحسن وتيرة الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، تمثل دليلا قاطعا على نجاح المقاربة الاقتصادية الجديدة التي انتهجتها الدولة في السنوات الأخيرة، رغم التحديات العالمية المعقدة.
 وقال سعودي في اتصال مع “الشعب”،  إن الجزائر تحصد اليوم ثمار الإصلاحات الاقتصادية العميقة التي باشرتها في السنوات الأخيرة، وهو ما تعكسه تقارير العديد من المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” الذي أشاد بنمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر رغم الظرف العالمي الصعب.
وقال الخبير الاقتصادي: “تواصل المؤسسات المالية الدولية، على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبعض المؤسسات المهتمة بالشأن الاقتصادي، التنويه بمدى التطور الاقتصادي في الجزائر،  واليوم نتكلم عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”، وهي مؤسسة تعنى بالجانب التجاري والاستثماري”، وأشار إلى أن “أونكتاد” تحدثت بإيجابية عن الاقتصاد الوطني، خصوصا فيما يتعلق باستقطاب الاستثمارات الأجنبية، من خلال تغيير منظومة التشريعات التي ساهمت في خلق بيئة اقتصادية جديدة، إلى جانب التحسن في ترتيب الجزائر كبلد مستقطب للاستثمارات، فقد وصلنا في السابق – يواصل المتحدث - إلى المرتبة 159، وهي مرتبة متأخرة جدا، لا تعكس قوة اقتصاد بحجم دولة مثل الجزائر.”

الإصلاحــــات التشريعيــة.. أوّل خطــوة

وقال الخبير سعودي إن “التحسن المسجل لم يأت صدفة، بل هو نتيجة مجهودات كبيرة بذلتها الدولة الجزائرية، بداية، كان بتوجيه بوصلة الاقتصاد الوطني من طرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إذ حرص على إصدار قانون استثمار جديد يمتاز بالشفافية، وعدم التفريق بين الاستثمار المحلي والأجنبي، وقد تم وضع حيز قانوني يضمن الديمومة التشريعية، حيث لا يتم تعديل القانون لمدة عشر سنوات، من أجل إعطاء ضمانات أكبر، خاصة للمستثمرين الأجانب”، كما انبثقت، من خلال هذا القانون، العديد من المؤسسات والهياكل التنظيمية، على غرار الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار التي تلعب اليوم دورا كبيرا في منح العقار الصناعي، وتبسيط الإجراءات للمستثمرين، وإبراز نقاط القوة الموجودة في الجزائر للمستثمرين الأجانب، وهو ما ساهم في استقطاب العديد من الاستثمارات.”
وأشار محدثنا إلى أن “الجزائر أدخلت إصلاحات عميقة فيما يخص الرقمنة، حيث تم تخصيص بوابة خاصة لعرض أهم المناطق الصناعية والعقار الصناعي، بعيدا عن الممارسات السابقة التي كان العقار فيها يتعرض إلى معاملة بطرق ملتوية.”
أما الأمر الأكثر أهمية  بالنسبة للخبير الاقتصادي، فهو الشباك الوحيد، حيث أن المستثمرين، أجانب وجزائريين، صاروا يجدون كل التسهيلات وكل الوثائق عن طريق هذا الشباك، بعيدا عن البيروقراطية التي كانت مهيمنة من قبل، حيث كان المستثمر يمرّ عبر الإدارة، ويضيّع وقتا ثمينا، ويعطّل عجلة الاستثمارات.”

إصلاحـات ماليـة ونمـوّ الصــادرات

وتابع الخبير الاقتصادي حديثه عن مجمل الإصلاحات قائلا: “لقد تم إعداد نص تشريعي آخر ساهم في تحسين مناخ الأعمال بصفة عامة في بلادنا، ويتعلق الأمر بالقانون النقدي والمصرفي، الذي أعطى ديناميكية أكبر، وهذا يدخل في إطار التحوّل في الاقتصاد الجزائري نحو تنويعه”، وأشار إلى أن النتائج الإيجابية لنمو الاقتصاد الوطني،  بدأت تظهر من خلال ارتفاع الصادرات خارج قطاع المحروقات، حيث ارتفعت من 1.8 مليار دولار إلى 7 مليار دولار، ما أعطي زخما أكثر بالنسبة لاقتصادنا الذي يسعى إلى تحقيق أكثر من 400 مليار دولار كناتج داخلي خام.
وربط الخبير سعودي هذا التحسن بالدبلوماسية الاقتصادية التي انتهجتها الجزائر، تحت قيادة القاضي الأول في البلاد، الرئيس عبد المجيد تبون، وقال إن “الزيارات المتنوّعة والعديدة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى مختلف عواصم العالم، على غرار الصين، إيطاليا، قطر، نتج عنه النجاح في استقطاب استثمارات نحو الجزائر في مجالات مختلفة مثل المجال الفلاحي”.
وأضاف: “هذه الاستثمارات مع الإيطاليين في تيميمون، والصناعات الزيتية وغيرها، إلى جانب الشراكة مع شركة “بلدنا” القطرية في أدرار لإنتاج مسحوق الحليب واللّحوم، كلها عوامل فتحت المجال لاستثمارات كبرى في البلاد، والهدف الأسمى هو تقليص الواردات والمساهمة في تعزيز الإنتاج الوطني.”
 وتحدث الخبير الاقتصادي عن التحوّلات التي تعرفها الجزائر في قطاع صناعة السيارات، لافتا إلى أن “الجزائر تعيش تحوّلات وإصلاحات كبيرة في مجال صناعة السيارات، وجذبت استثمارات أجنبية مما يساهم في الحفاظ على العملة الصعبة واحتياطي الصرف ويقلص فاتورة الاستيراد بالاعتماد على الصناعة المحلية للسيارات بالشراكة مع علامات دولية كبرى في المجال”.

انتقــال نوعـي نحو اقتصـــاد متنـوّع

وقال سعودي إن الإشادة الأممية بالواقع الاقتصادي الوطني، تعتبر تتويجا لمسار الإصلاح الذي تبنّته الجزائر خلال السنوات الأخيرة، حيث أن الاستثمار الأجنبي في الجزائر لم يعد مرتبطا بقطاع المحروقات وحده، بل بدأ يشمل مجالات مبتكرة تسعى الحكومة إلى تطويرها كبدائل حقيقية لتحقيق الأمن الاقتصادي وتنويع الموارد.
وحول أهم المميزات التي تقدّمها الجزائر للمستثمرين، تحدث سعودي أولا عن موقع الجزائر، الموجود بين ثلاث قارات كبرى، مقابل البحر الأبيض المتوسط، والدول الأوروبية في الضفة الأخرى. 
وهو ما شجّع الشركات الأوروبية التي تبحث عن استثمارات بتكلفة يد عاملة غير مكلفة، وطاقة متوفرة. وهو ما تملكه الجزائر من يد عاملة مؤهلة، بأقل تكلفة، ولها مؤسسات جامعية ومعاهد تكوين توفر طاقات وموارد بشرية بحسب الطلب.”
كما تحدث الخبير عن “أسعار الطاقة التي هي أقل بأربع مرات مما هو موجود في أوروبا، وبالتالي، يمكن استقطاب المؤسسات التي تحتاج إلى كثير من الطاقة، خاصة الغاز والكهرباء”، وأوضح أن الجزائر تقدّم تخفيضات جمركية، وإعفاءات ضريبية، بحسب تصريح رئيس الجمهورية الذي قال إن هناك بعض الصناعات الإستراتيجية يتم تمويلها من طرف البنوك الجزائرية تصل حتى بنسبة 90%، حيث لا تحتاج الجزائر من المستثمر الأجنبي سوى التكنولوجيا التي يمتلكها، في حين أن اليد العاملة والطاقة والدعم توفرها الدولة.”

الجزائـر.. بوابـــة إفريقيـا

تحدّث الخبير الاقتصادي عن الأفق الإفريقي للجزائر، مؤكدًا أن “الجزائر أضحت بوابة استراتيجية نحو القارة الإفريقية، من خلال الطريق العابر للصحراء، ومشروع الطريق الرابط بين تندوف والزويرات وصولًا إلى موريتانيا، ما يعزّز انسيابية البضائع نحو السنغال، غينيا، وعدد من الدول الأخرى، إلى جانب دور الموانئ الجافة في تسهيل عمليات التصدير نحو القارة، ضمن شراكة متنامية مع الصين في إطار مشروع طريق الحرير”.
وفي هذا السياق، أشار المتحدث إلى أن “رغم تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي عالميًا نتيجة تقلبات الأسواق، وفق ما ورد في تقرير أونكتاد الذي سجّل انخفاضًا بنسبة 11 بالمائة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة عام 2024، فإن الجزائر تمكنت من تحقيق زيادة معتبرة في حجم هذه الاستثمارات، بفضل تبنيها سياسة اقتصادية أكثر ديناميكية وفعالية”.
وخلص الخبير إلى أن الإشادة الأممية تمثل تتويجًا للمسار الإصلاحي الذي انتهجته الجزائر خلال السنوات الأخيرة، ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى جعلها قوة اقتصادية إقليمية تقوم على الإنتاج المحلي، الشراكة الدولية، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19832

العدد 19832

السبت 26 جويلية 2025
العدد 19831

العدد 19831

الخميس 24 جويلية 2025
العدد 19830

العدد 19830

الأربعاء 23 جويلية 2025
العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025