يثار في كل مرة ومع حلول شهر رمضان مسألة القدرة الشرائية للجزائريين والميزانية التي ينفقونها في شهر يتطلب تحضير مائدة إفطار ذات خصوصية، يواجهها مضاربة حادة يفرضها بعض الباعة عبر الأسواق، خاصة ما تعلق بسوق الخضر والفواكه واللحوم، علما أنه ثبت أن الجزائري ينفق ما لا يقل عن 60 بالمائة من راتبه على المواد الغذائية في هذا الشهر الفضيل، بينما في كل سنة تزداد نفقات رمضان بنحو 20 بالمائة لدى الأسر الجزائرية..فما هي الميزانية التي تنفقها الأسرة الجزائرية؟ وماذا عن مؤشر القدرة الشرائية بعد انقضاء النصف الأول من شهر رمضان؟
اعتبر الحاج الطاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، إنه لا يوجد اختلاف فيما يخص الطلب والعرض والأسعار، مقارنة بشهر رمضان للسنة الماضية، في كل ما تعلق بالخضر والفواكه ومختلف المواد الغذائية، مقدرا تسجيل زيادة سنوية تتراوح ما بين 20 و30 بالمائة في نفقات الجزائريين في رمضان، علما أن الجزائري خلال باقي أشهر السنة ينفق نحو 40 بالمائة من راتبه على المواد الغذائية، ويرتفع هذا الرقم إلى 60 بالمائة في الشهر الفضيل. ولم يخف بولنوار وجود عائلات تضطر خلال رمضان إلى الاقتراض والتدين من أجل اقتناء كل ما لذ وطاب. حاول بولنوار أن يطمأن بأن الأسعار مرشحة إلى الانخفاض خلال الأسبوعين المقبلين بفعل ترقب نضج المنتجات الموسمية، نهاية شهر جوان الجاري، على غرار العنب والبطيخ، وحتى الفواكه المستوردة سوف تعرف تراجعا في أسعارها، بحسب تقديره. يرى أن العديد من الأسعار عرفت انخفاضا خلال رمضان للعام الجاري مثل البطاطا والبصل واللّحوم البيضاء. ولتقصّي مؤشر القدرة الشرائية وإمكانية تحديد ميزانية رمضان، تقرّبت «الشعب» من العديد من المواطنين ورصدت انطباعاتهم..
أكد «س.س» إطار وأب لثلاثة أطفال أن رمضان الجاري سجل أسعار مرتفعة خلافا للسنة الماضية، حيث قال انه يشعر بعد انقضاء نحو أسبوعين بأن الميزانية المقتطعة لتغطية نفقات هذا الشهر، قد تضرّرت بشكل مباشر حيث أنه إضافة إلى المستلزمات العادية، فإن الصيام يفرض اقتناء مواد ذات طابع رمضاني بامتياز بحيث يضطر المواطن «رب العائلة» إلى تخصيص مبلغ لكل مادة، فلا يمكن لمائدة الإفطار وبعد يوم شاق أن تستغني عن بعض المأكولات. أضاف يقول في سياق متصل «..قد يتفهم ارتفاع أسعار بعض المواد، لكن هناك مواد فصلية موسمية لا يمكن تفسير غلائها مع أنها مواد هشّة، سريعة التلف، يصعب تخزينها، وإن كان في العديد من أسواق الجملة يلقى بالأطنان منها إلى النفايات، وفي ظل هذه الأوضاع، فإن معدل ميزانية رمضان لعائلة متوسطة تتشكل من خمسة وسبعة أفراد، قد تتراوح ما بين 30 و50 ألف دينار، فيصعب على رب الأسرة إقناع ربة البيت وأبنائه، بتبريرات لا تسمن ولا تغني من جوع، في شهر هو حقيقة شهر للتوبة والرحمة والقيام بالشعائر الدينية، لكنه شهر يتطلب تغذية كاملة يستحقها الجسم والذهن لمواجهة مقتضيات العمل والحياة..».
وللسيدة كنزة، ربة بيت وأم لأربعة أطفال رأي آخر، لأنها قالت أن زوجها المعيل الوحيد للأسرة وراتبه لا يتعدى الـ 40 ألف دينار حريص على ترشيد النفقات، وتحاول أن تقتني ضروريات مائدة رمضان حتى لا تضطر إلى الاقتراض والتدين، على اعتبار أن مغريات المأكولات كثيرة، وقالت إذا أطلق المستهلك العنان لكل ما يشتهيه من أطباق، سيضع نفسه وعائلته تحت ضيق التدين من الغير، وهذا ما لا تقبله وتحرص على إعداد مائدة رمضانية تتناسب ومدخول العائلة الشهري. بينما لويزة معلمة وزوجها معلم لديهم ثلاثة أطفال، تحدثت عن تنظيم وتوفير نفقات جميع المناسبات من بينها الشهر الفضيل مسبقا وطيلة أشهر السنة يدخر المال الكافي حتى يتسنى لها استقبال الضيوف من العائلة وتوجيه دعوات الإفطار للأقارب والأصدقاء.
من جهته «م.م» إطار، أوضح أنه يصعب التحكم وضبط ميزانية رمضان وفند القدرة على القيام بتخطيط مسبق لما قد ينفقه رب الأسرة، كون سياق رمضان يتطلب مصاريف معتبرة، خاصة إذا كانت عائلة كثيرة العدد، حيث يستحيل تحديد رقم معين للنفقات وتوقع حجم ما سيستهلكونه، وبوجه عام يرى أن السوق خلال العام الماضي عرفت تحكم أكبر في الأسعار التي يعتقد أنها كانت أقل التهابا مقارنة برمضان الحالي.