يؤكد الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي، أن المؤشرات الكلية للاقتصاد الجزائري، أصبحت مصدرا للاطمئنان بعد ما وصلت إليه من أرقام إيجابية، تواصل ارتفاعها، رغم السياق الجيو-استراتيجي المتوتر والتغيرات المناخية التي باتت تشكل تهديدا حقيقيا من حيث الحفاظ على الثروة المائية والفلاحية على المستوى العالمي بصفة عامة، مؤكدا أن مسار المالية العمومية المعتمدة يعكس طموح الحكومة إلى تقليص العجز العمومي وتنويع مصادر تمويله، مع الحرص على تعزيز ديناميكية التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
أوضح تيغرسي في اتصال مع «الشعب»، أن 2025 ستكون سنة فاصلة في تاريخ الاقتصاد الوطني، بعدما أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أن عهدته الجديدة ستكون اقتصادية، تجسيدا لالتزاماته المتعلقة بتحقيق الاكتفاء الذاتي وحماية وتنويع النشاط الاقتصادي من أجل المحافظة على ديناميكية النمو الاقتصادي وتقليص الاعتماد على قطاع المحروقات من جهة.
من جهة أخرى، فإن استمرارية دعم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، هو حفاظ على اجتماعية الدولة الجزائرية ومن خلالها حماية القدرة الشرائية للمواطن والتقليص من قيمة التضخم إلى 5%، في حين تشهد أغلب دول العالم تسجيل معدلات تضخم غير مسبوقة، بحسب تقديرات تقرير قانون المالية.
وثمن الخبير الاقتصادي ما أحرزه الاقتصاد الوطني من مكتسبات وإنجازات، دفعت بصندوق النقد الدولي إلى مراجعة موقع الجزائر، خلال تحديثه الجديد للتصنيف السنوي لاقتصاديات البلدان الأعضاء فيه.
منحنى تصاعدي
واستنادا إلى ما ورد في تقرير قانون المالية لسنة 2025، قدم تيغرسي قراءة فيما يخص المجاميع الرئيسية للاقتصاد الكلي والميزانياتي لتوقعات الإغلاق لسنة 2024، حيث يتوقع أن ينتقل النمو الحقيقي للناتج الداخلي الخام من 4,1% مسجلة خلال سنة 2023 إلى 4,4% نهاية 2024. بالمقابل، سيسجل الناتج الداخلي الخام لقطاع المحروقات نسبة 4,7% مقابل 4,3% في سنة 2023، مدفوعا بأداء جميع القطاعات، بما فيها الفلاحة التي سجلت ارتفاعا في القيمة المضافة من 2,8% سنة 2023 إلى توقعات بلوغ 6,1% نهاية 2024.
كما سجلت الصناعة ارتفاعا من 5,5% مرشحة إلى بلوغ 6,6% نهاية 2024، كأعلى قيمة مشاركة في الناتج المحلي الخام بالنسبة للقطاعات المعول عليها في تنويع الاقتصاد الوطني. قطاع البناء والأشغال العمومية هو الآخر عرف ارتفاعا من 3,7% الى 4,1% نهاية 2024. أما بالنسبة للتوازنات الخارجية، سيسجل الميزان التجاري في توقعات الإغلاق لسنة 2024، بحسب ذات المتحدث، فائض قدره 2.79 مليار دولار، أي 1,1% من الناتج الداخلي الخام، مقابل 6.35 مليار دولار أمريكي، أي بنسبة 2,6% من الناتج الداخلي الخام في سنة 2023. كما ستسجل صادرات السلع انخفاضا بنسبة 5,5% بالقيمة الحالية للدولار، تحت تأثير قيمة صادرات المحروقات بنسبة 6,9%، نتيجة الفارق في سعر برميل النفط الذي سينتقل من 83.6 دولار/البرميل في سنة 2023 إلى 81.5 دولار/ البرميل ضمن توقعات الإغلاق لسنة 2024، بالمقابل سترتفع قيمة واردات السلع بنسبة 6,1% بنهاية 2024.
الأمن المالي
فيما يخص احتياطي الصرف -باستثناء الذهب- فمن المفترض أن يستمر في الارتفاع، منتقلا من 68.99 مليار دولار مسجلة نهاية 2023 إلى 71.78 مليار دولار، بحسب توقعات الإغلاق لسنة 2024، تابع ذات المتحدث، مسجلة زيادة قدرها 4%، لتمثل 15,9 شهرا من الواردات من السلع والخدمات خارج عوامل الإنتاج.
وفي الشق المتعلق بالمالية العمومية، ستصل إيرادات الميزانية الى 8235,62 مليار دج، بانخفاض قدره 870 مليار دج، مقارنة بتوقعات قانون المالية لسنة 2024. ويفسر الخبير الاقتصادي، هذا الانخفاض أساسا، بتراجع مداخيل المساهمات المالية للدولة مقدرة بـ(-595 مليار دج)، وتخصيص إيرادات الضرائب على المنتجات النفطية TTP، إلى الجماعات المحلية أي (-222 مليار دولار)، من أجل تعويض النقص في مواردها المترتبة عن إلغاء الضريبة على النشاط المهني. من جهة أخرى، من المتوقع أن ترتفع نفقات الميزانية بحوالي 3553,75 مليار دج، لتبلغ 15275,28 مليار دج سنة 2024، مقارنة بـ11721,53 مليار دج تم صرفها سنة 2023. ومن المفترض أن يتدهور العجز الإجمالي للخزينة ليصل إلى 7909,66 مليار دج في توقعات الإغلاق لسنة 2024، مقابل 3406,72 مليار دج سنة 2023، أي ما يمثل (-22,2%) من الناتج الداخلي الخام، مقابل (-10,5%) مسجلة سنة 2023.