أدت الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الجزائر نتيجة تراجع أسعار المحروقات الى التأثير بشكل مباشر على الميزانية السنوية الموجهة للتسيير والتجهيز، خاصة على مستوى الجماعات المحلية المرتبطة بشكل مباشر وبنسبة كبيرة بهذه الاعانات السنوية بسبب غياب بدائل ومصادر لتحصيل الجباية رغم القدرات الاقتصادية التي تتمتع بها العديد من البلديات اغلبها غير مستغل بطريقة عقلانية لتحقيق نوع من الاستقلالية والتمويل الذاتي.
هذه الوضعية الصّعبة التي تمر بها الجماعات المحلية لا تسلم منها بلديات بومرداس التي تعيش أغلبها من اعانات الدولة وميزانية الولاية وصندوق دعم الجماعات المحلية لمواجهة متطلبات التسيير الاداري ودفع رواتب العمال، وكذا ميزانية التجهيز المخصصة لدعم البلديات بالوسائل الضرورية، خاصة بالنسبة للبلديات النائية التي تفتقد للموارد الاقتصادية ومصادر دخل بإمكانها التخفيف من نسبة دعم الدولة.
ورغم المحاولات العديدة من طرف السلطات العمومية لدفع الجماعات المحلية لايجاد بدائل للموارد المالية كتحريك وتيرة القطاع الاقتصادي بتشجيع الاستثمار المحلي واستغلال كل القدرات المتوفرة في المجال الفلاحي، الصناعي والسياحي، إلا أن غموض ملف الاستثمار وتردد الخواص في تجسيد مشاريع حيوية لأسباب متعلقة بأزمة العقارالصناعي وتأخر تهيئة مناطق النشاط مبرمجة للانجاز في عدة بلديات على غرار منطقة النشاط «بزعاترة» بزموري ومنطقة النشاط ببلدية الأربعطاش وغيرها من المناطق الأخرى قد أخّر من إنجاح هذه الاستراتيجية، وبالتالي تبقى البلديات تابعة من حيث الميزانية وغير قادرة على تقديم بدائل.
الاشكالية المطروحة ايضا على مستوى ولاية بومرداس هو وجود بلديات غنية من حيث حجم الموارد إن صح التعبير، لكنها غير مستغلة بشكل علاني وأحيانا ظلت مهملة تنتظر الوعود المتكررة، ونشير هنا مثلا الى ميناء دلس التجاري الذي يعتبر من أقدم الموانئ بالجزائر، كما ظل حتى بداية التسعينيات أهم وجهة اقتصادية ومصدر رزق لعشرات العائلات بالولاية ومورد جبائي رئيسي للبلدية، لكنه تحول اليوم الى مجرد مرفأ صغير لا يسع حتى سفن الصيد البحري كنشاط رئيسي بالمنطقة بعد تقلص الحوض المائي واندثار مشروع التوسعة واعادة الاستغلال المسجل منذ فترة الثمانينيات، وبالتالي فقدت البلدية مصدر دخل هام حرمها من تغطية جزء كبير من الميزانية المحلية، كما يعاين ايضا السوق الأسبوعي التاريخي ببلدية بغلية الذي يقصده التجار من أغلب ولايات الوطن من سوء الاستغلال ونقص التهيئة والتوسعة للحفاظ عليه كمصدر دخل أساسي، وهي مظاهر تهدد استمرار السوق نتيجة غياب الصرامة من طرف السلطات المحلية لاجبار المستغل الخاص الفائز بصفقة الكراء لاحترام دفتر الشروط.
أمثلة كثيرة تدلل على سوء استغلال الموارد الاقتصادية المحلية ببلديات بومرداس، وصلت الى درجة نهب القدرات بطرق عشوائية على غرار ما تشهده محاجر بلدية قدارة مقابل حرمانها من حقوق ورسوم الاستغلال بحجة وجود المقرات الاجتماعية للمؤسسات المستغلة خارج حدود البلدية والولاية، وهي الوضعية التي استهجنها رئيس بلدية قدارة في حديث سابق لـ «الشعب»، ودفعت بالمواطنين الى الاحتجاج بسبب انعكاس عملية الاستغلال على البيئة المحلية والصحة العامة للمواطن. ولمواجهة هذه الأزمة وتفعيل سياسة الاستغلال الأمثل للقدرات الاقتصادية المحلية، تساءل الوالي الجديد لبومرداس قبل يومين عن أسباب عجز الجماعات المحلية في تنويع مصادر الدخل والتنازل حتى على المرافق والمحلات التجارية التابعة للادارة المحلية التي يتم كراؤها بسعر رمزي لأشخاص يستغلونها في عملية البزنسة وإعادة كرائها بـ ٣٠ ألف دينار.