أحياء باب الزوار لم تعد «مراقد» كما كان يطلق عليها خلال فترة الثمانينات من قبل الأوائل الذين أقاموا فيها لوقت محدد ثم انتقلوا إلى أماكن أخرى بعدما بالغوا في القول بأن المنطقة خالية من المرافق الخدماتية والجوارية الأسواق، المحلات، المخابز، وهياكل ضرورية أخرى كانت فعلا تقلق القاطنين بشكل دائم.. جلهم إطارات.
بعد عشريات كاملة من بروز هذا المجمع السكاني تحوّل إلى قطب بأتم معنى كامل ومن كافة النواحي خاصة مع انتعاش الحياة التجارية به وخاصة النقل سواء الحافلات أو التراموي أو سيارات الخاصة أو القطار، بالإضافة إلى وجود فنادق ومراكز البيع ومطاعم.
شتان بين الصورتين أي بين الأمس واليوم، من ناحية تلبية انشغالات ساكين هذا الحي، الذين يشعرون بالتشبع في كل ما يحتاجونه من أساسيات ولا يتطلب الانتقال إلى شارع آخر من أجل اقتناء طلب معين بل أن المحمل موجود عند مدخل العمارة.. وهناك من يراه من شرفته أو نافذته دون عناء وفي كل زاوية تعثر على ما تريد مما يخفف الضغط على العائلات.. خاصة الأولياء الذين يصلون إلى بيوتهم في ساعات متأخرة يجدون كل المحلات مفتوحة كون أغلب التجار يقطنون هناك.
هكذا هي باب الزوار اسمها «أشهر من نار على علم» ومعروفة لدى مواطنينا في الجزائر العميقة.. كسيدي عمار في عنابة والحمري في وهران والزيادية في قسنطينة، وغيرها من النقاط الذائعة الصيت ولكونها جمعت كل أبناء الوطن الواحد فماذا بقي من باب الزوار اليوم بعد أن شهدت تطورا عميقا وسريعا في نفس الوقت، دون أن ينتبه أو يلاحظ أحد هذه الحركية التي تمت في هدوء وكبُرت مع كل من ولد وترعرع هناك إلى أن بلغ من السن عتيا.
علينا الإجابة على ذلك التساؤل بالقول بأن هذا الحي يحتاج اليوم إلى إعادة تنظيمه من كافة النواحي كون أوضاعه أصبحت لا تطاق، ويعيش فوضى عارمة في مرافقه الحيوية ذات الصلة الوثيقة بالمواطن وأول ما يسجله كل قاصد أو زائر لهذا الحي هو اصطدامه غير المعقول والمذهل في آن واحد بالسيارات المكدسة عند مدخل أي زاوية من الزوايا المؤدية إلى وسط الحي زيادة على الممرات الضيقة والأدهى والأمر أنها في الاتجاهين في سوريكال مع وجود مركبات متوقفة على الجانبين ولا يبقى للسائق سواء مسافة ضيقة جدا تتطلب منه جهدا وحذرا حتى لا يخدش المتوقفة ولا يعقل في حيز كهذا يستولي أصحاب السيارات على طريق الحي مخصص لأهله عندما يعودون إلى مقرات سكانهم لا يجدون أين يتوقفون أنه مشكل عويص وواقعي يستدعي التعامل معه من قبل مسؤولي البلدية لأن كل تلك الفضاءات تابعة لها… وما عليها إلا الفصل في هذا الأمر إن عاجلا أم عاجلا.. حتى لا تبقى الأمور كما هي عليه اليوم.
والحديث عن إعادة تنظيم هو حتمية لا مفر منها نظرا لما وصل إليه من تدهور كامل في جهات معينة.
وهذا من خلال عقلنة الحياة الخدماتية إذ يلاحظ كثرة المحلات التجارية تسوّق نفس المنتوج، بالإضافة إلى المقاهي والطاكسي فون، ناهيك عن العيادات التي لا تعد ولا تحصى والحلاقة والتجميل والتأمين وغيرها.. هذا الكم الهائل من الهياكل المتنوعة تحتاج إلى نظرة رشيدة تستند إلى مبدأ الاحتياجات ذات الأولوية الملحة في هذا الحي ولا تخضع إلى أمزجة البعض من الراغبين في ممارسة هذا النشاط والذين فرضوا منطقهم على الساكنة هناك للأسف.
وتسعى بلدية باب الزوار أن تكون حاضرة في هذه الأحياء، وهذا من خلال التواصل باللجان والجمعيات قصد الشروع في معاينة كل الأماكن التي تشهد هذه التجاوزات من خلال إحصاء شامل قصد إعادة الاعتبار لهذا الموقع السكاني الحضاري وإيجاد الحلول اللائقة ضمن رؤية قائمة على دراسة حالة بحالة لتفادي أي تشنج.