استخراج وثائق الحالة المدنية ببلدية الجزائر الوسطى بلغ سقفا متحكّما فيه من جوانب الموارد البشرية والأجهزة التقنية، هذا ما سمح لمصلحة جوازات السفر البيومتري أن تحتل المرتبة الأولى، وهذا بتسليم ٦٠٠ . ١٠ وثيقة في زمن قياسي لا يتعدى السنة من خوض هذه التجربة الفريدة في حوليات القضاء على البيروقراطية، وغيرها من السلوكات التي عطّلت كثيرا المرونة في الإدارة.
وعليه فإنّ مسار الولوج إلى فضاء العمل بالآلية الإلكترونية عبر الأنترنت عزّزه الطابع البيومتري، لتكتمل تلك الدائرة ما بين ما هو أوراق الخاصة بالملفات وجواز السفر، وبطاقة التعريف لتتبع برخصة السياقة والبطاقة الرمادية. هذه المنظومة توجد في مرحلة متقدمة جدّا على مستوى البلديات في إطار استعادة الصلاحيات المخوّلة لها.
وفي هذا السياق، شدّد السيد حميد قاضي مسؤول مصلحة الحالة المدنية ببلدية الجزائر الوسطى على أهمية التكوين في هذا الإطار، وهذا بالتوجه مباشرة إلى الأعوان العاملين في الشبابيك أو الذين لهم صلة دائمة بالمواطنين حتى يتكيّفوا مع الإجراءات الجديدة والمتعلّقة بتخفيض عدد الوثائق من ٢٨ وثيقة إلى ١٤ وثيقة، وعدم المطالبة بتلك التي تمّ شطبها نهائيا، لأن الكثير من الأعوان لا يتوانون في اشتراط أوراق لم يعد لها وجود حاليا، وعندما تستفسر عن السبب يردون عليك قائلين: «نحن نحمي أنفسنا من كل التبعات المحتملة».
ويقرّ السيد قاضي بأنّ هذه الذهنيات أتعبتنا كثيرا إلى درجة لا توصف بالرغم من البيداغوجية المستعملة مع العمال باعتماد معهم أسلوب الحوار، والتواصل لضمان السير الحسن للمرفق العمومي، وكذلك التطبيق الصارم لتعلميات السلطات العمومية، والقاضية برفض المستخرجات غير الضرورية.
وهذا التوجه الراهن، المبني على المتابعة الصارمة هو الذي أدّى إلى تحقيق هذه النتائج المرجوّة في الوثائق الحسّاسة ذات الاستعمال اليومي بالنسبة للمواطن.
وفي هذا السياق، فإنّ الأوراق المتشابهة مثل عقد الوفاة، شهادة الوفاة، بيان الوفاة ومستخرج الوفاة ألغيت بصفة نهائية، نفس الشيء بالنسبة لشهادة الزواج، وشهادة الحالة المدنية، وشهادة ثبوت الشخصية. كل هذا الكم الهائل من الأوراق سحبت من التداول كونها متشابهة وثابتة في الحالة المذكورة، ولا تستدعي أن تكون في كل مرة حاضرة.
ويعتبر السيد قاضي ما حصل في الحالة المدنية بالثورة، كل شيء يسير وفق ما سطّر له، هو رهان رابح بدليل أن عامل الوقت أصبح مكسبا قويا بالنسبة للجزائريين، ليس هناك انتظار يتجاوز الدقيقة أو الدقيقتين، أقصى تقدير ٥ دقائق في حالة وجود مرتفقين آخرين، هذه قفزة تاريخية ونوعية في آن واحد، وتحدي رفعته السلطات العمومية من أجل تنظيم هذا القطاع بشكل حيوي، ينبني على قاعدة جوهرية ألا وهي ديمومة المرفق العمومي مع مراعاة الخدمة النوعية.
هذه الثنائية متجسّدة في الميدان، يقف عليها كل جزائري يقصد هذه الهياكل، لذلك فإن شعار المرحلة هو الاجتهاد أكثر في هذا الاختصاص ممّا يمهّد بالانتقال إلى أفق أخرى منها دعوة البلديات إلى البحث عن مصادر دخل أخرى، وهي مرحلة حاسمة في مسيرة المجالس المنتخبة الجزائرية.
وخلال الزيارة التي قادتنا إلى الملحقة الإدارية التابعة لبلدية الجزائر الوسطى، لاحظنا أن المصلحة الجديدة الخاصة بإيداع وسحب رخص السياقة جاهزة لأداء الخدمة المطلوبة منها، وهذا على مستوى المكتب عند المدخل الرئيسي للبهو الذي يستقبل المعنيين، زيادة على أن هناك مكتبين في الطابق العلوي في مصلحة البطاقات الرمادية، العونان تلقيا تكوينا لمدة ١٥ يوما على مستوى الدائرة.
ويحتمل جدّا أن تفتتح هذه المصلحة في غضون الأيام القادمة، لتدعم ذلك الجهاز المتكامل في هذا الشأن الذي بدأ بجواز السفر البيومتري، ويسجل محطات قويّة في هذا الاتجاه من حين لآخر بخصوص الوثائق الملازمة لهذه الأخيرة.
وقد أبدى المواطنون ارتياحهم الكامل لهذا المسعى الذي يبعد عنهم كل تلك الضغوط التي كانوا يتعرّضون لها عندما كان التمركز على مستوى دائرة سيدي امحمد، زيادة على الأعداد القليلة من الناس الموجودين بالقاعة، الذين يقضون دقائق معدودات في تسليم ملفّاتهم الخاصة بالبطاقة الرمادية.
ولتدعيم هذا العمل الجبّار، انطلقت بلدية الجزائر الوسطى منذ ٤ سبتمبر الماضي في إعداد بطاقات الهوية الوطنية البيومترية، كتجربة نموذجية تستخرج ما بين ٥ و٦ عينة يوميا، لا تسلم هذه البطاقة إلا من بحوزته جواز سفر بيومتري أو بطاقته على وشك انتهاء صلاحيتها، وفي نفس الاتجاه فإن جواز السفر البيومتري بـ ٤٨ صفحة متوفر تكلّف القسيمتان ١٢ ألف دينار.