مصالح الفلاحة تطالب باستعمال السقي التكميلي
تشهد أسعار مختلف انواع الفواكه بتيبازة هذا الموسم التهابا غير مسبوق، له صلة مباشرة بعامل الندرة وكثرة الطلب المسجل عليها بالنظر الى توافد اعداد كبيرة من السياح والمصطافين على الولاية من جهة وشحّ أشجار الفواكه من جهة أخرى، فيما استغلّ المضاربون الفرصة لابتزاز المستهلكين.
وفي ذات السياق، تشهد أسعار العنب هذه الأيام مستويات قياسية وغير مسبوقة مقارنة مع سنوات خلت بحيث تسوّق أدنى النوعيات بسعر لا يقلّ عن 100 دج للكلغ الواحد في معظم اسواق التجزئة، فيما يصل سعر نوعيات أخرى ومن النموذج ذاته الى 150 دج الأمر الذي لا يطيق تحمله ذوي الدخل الضعيف الذين يكتفون باقتناء نماذج اخرى من الفواكه لغرض التحلية، والأمر نفسه بالنسبة للبطيخ بكل انواعه وأنماطه باعتبار أقلّ النوعيات جودة تسوق حاليا بسعر لا يقلّ عن 35 دج للكلغ الواحد في أحسن الحالات، في حين لم تكن تتجاوز هذه القيمة حدود 25 دج للكلغ في الفترة ذاتها من العام المنصرم، أما حينما يتعلق الأمر بفاكهتي التفاح والإجاص، فإنّ الأمر يبقى مبهما بالنسبة للتجار والمستهلكين على حد سواء بحيث لم تستقبل الأسواق المحلية الى حد الآن كميات مقبولة منهما لأسباب تبقى مجهولة بالرغم من مرور فترة طويلة نسبيا على بداية فترة الجني لتبقى الأسعار بذلك عرضة لنزوات المضاربين وأباطرة السوق الذين لا يهمهم المستهلك على الاطلاق بقدر ما يهمهم الربح والدينار. وما يلفت الانتباه هذه السنة غياب فاكهة البرقوق من السوق بالرغم من كون إحدى بلديات الولاية كانت تنفرد الى وقت قريب بلا منازع بهذه الفاكهة ذات النكهة الممتازة، واضطرّ فلاحو حقول المشمش الى عدم تسويق منتوجهم الذي نضج خلال فترة شهر رمضان حين عزف المستهلكون عن شرائه لأسباب صحية وفي ظلّ انعدام مصانع لتحويله الى مختلف أشكال المربى والعصير، فيما شهدت حقول الزعرور هذا الموسم بروز عدّة حالات مرضية بفعل الرطوبة والتقلبات الجوية الأمر الذي أسفر عن ارتفاع أسعارها وتدني نوعياتها. الأمر نفسه بالنسبة لفاكهة الخوخ التي تعرّضت هي الاخرى لوابل من الأمراض المتتالية التي حالت دون تمكن الفلاحين من جني كميات معتيرة منها على غرار ما حصل خلال المواسم الفارطة.
غير أنّه بالرغم ممّا تعانيه السوق المحلية من ندرة كبيرة في مختلف هذه المنتجات الهامة الا أنّ مصادرنا من الغرفة الفلاحية أشارت الى أنّ الانتاج المحلي من مختلف الأصناف يبقى معقولا ومقبولا الى حدّ كبير بالنظر الى التطورات الايجابية التي ترجمتها إرادة الفلاحين على أرض الواقع ولا يمكن الحديث عن الأزمة هنا لأنّ ما حصل يبقى مجرّد عيّنات معزولة وحالات خاصة لا تنذر بمستقبل غامض لمختلف الأصناف المتعلقة بالفواكه، بحيث إعترف الأمين العام للغرفة الفلاحية «حميد برناوي» بوجود ندرة ونقص حاد في بعض الأصناف هذه السنة لأسباب لها علاقة وطيدة بقلّة جهد الفلاحين من جهة والتقلبات الجوية من جهة أخرى كما هو الشأن بالنسبة لفواكه البرقوق والخوخ والإجاص غير أنّ الأمر يختلف تماما بالنسبة لفواكه العنب والتفاح والإجاص المرتقب نزولها الى السوق المحلية بقوة قريبا وكذا بالنسبة لفاكهة البرتقال التي سجّلت فيها الولاية هذه السنة أرقاما قياسية والأمر نفسه بالنسبة لفاكهة الفراولة، مشيرا الى أنّ الأمر يتعلّق بعدم لجوء الفلاحين الى السقي التكميلي لانقاذ الموسم في حين أكّد الفلاحون المعنيون على أنّ هذا الموسم شهد أدنى كمية مياه موفرة لهم من لدن الديوان الوطني للسقي، و قال الأمين العام للغرفة بأنّ منتوج مختلف أصناف الفواكه بالولاية يبقى بالرغم من مختلف الصعاب وافرا ومشجعا مقارنة مع المساحات الزراعية المعنية به بحيث يصل مردود البرقوق الى 120 قنطار في الهكتار الواحد في حين تبلغ المساحة الاجمالية لهذه الفاكهة بالولاية 810 هكتار، فيما تبلغ المساحة المغروسة بالإجاص 688 هكتار برمجت كلها للقلع الا أنّ الفلاحين لم يتجاوبوا مع العملية بحجة ضعف التعويض المالي المقترح وتم قلع 300 هكتار فقط الى حد الآن بفعل انتشار داء اللفحة النارية والأمر نفسه بالنسبة لفاكهة التفاح التي تتربع على مساحة 853 هكتار برمجت هي الأخرى للقلع والتعويض بمنتج آخر تجنبا لانتشار رقعة اللفحة النارية التي تستهدف أشجار الفواكه ذات النوى، وتبقى مساحة 391 هكتار من الزعرور التي يحوز عليها الخواص في طريقها نحو الاندثار مستقبلا بحكم عدم وجود برامج تقنية تسهر على ترقية هذا المنتج على عكس فاكهة الفراولة التي شهدت انتاجا وفيرا هذا الموسم إلا أنّ قلّة أصناف أخرى من الفواكه بالسوق ساهم الى حدّ بعيد في حفاظها على أسعارها العالية نسبيا طيلة الموسم.
على صعيد آخر، أشار الأمين العام للغرفة الى أنّ فاكهة العنب تبقى محمية محليا من مختلف التغيرات والتأثيرات المناخية باعتبارها تتربع على مساحة 2787 هكتار حوّلت 142 هكتار منها مؤخرا الاستغلال عن طريق تقنية «البرقولا» الحديثة ويبلغ معدل الانتاج السنوي 345 ألف قنطار يوجه 86 بالمائة منه نحو الاستهلاك المباشر، فيما تُحول النسبة المتبقية للتحويل وطالب مصدرنا الفلاحين المعنيين بهذه الفاكهة لمباشرة عملية السقي التكميلي للأصناف التي لا تزال في مرحلة النمو لتجنب تأثير ارتفاع درجة الحرارة على الثمار خلال الأيام المقبلة وتحسبا للحصول على منتوج وفير مثلما تؤكده المعطيات الأولية بالنظر إلى عدم تسجيل مؤثرات طبيعية سلبية في مرحلتي الأزهار والأثمار.
تبرز هذه المعطيات مجتمعة بأنّ الفلاحين يبذلون جهودا مضنية من أجل توفير كميات متنوعة وذات جودة من مختلف أصناف الفواكه بالسوق، الا أنّ التأثيرات المناخية وشحّ الموارد المائية و غلغل المضاربة في مسارات التسويق تبقى كلها عوامل سلبية تحول دون حصول المستهلك على الفاكهة بمختلف أصنافها وبنوعية معقولة ومقبولة.