عادت إشكالية حرمان تلاميذ الطور الابتدائي من حق ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية في إطار برنامج الرياضة المدرسية، ليطرح من جديد بولاية بومرداس، لكن هذه المرة لم يبق حبيس الانشغالات المحلية المحتشمة لبعض المدافعين على مصلحة التلميذ أحيانا والسكوت أحيانا أخرى عن رفع الإنشغال إلى المديرية المعنية، حيث فضح تقرير لجنة الشبيبة والرياضة للمجلس الشعبي الولائي هذا الواقع المعاكس تماما للصورة المروجة من قبل القائمين على القطاع حول عملية التكفل الأمثل بكل أطوار العملية التربوية.
0 بالمائة نسبة ساحات اللعب في الطور الابتدائي، حتى لا نقول قاعة لممارسة الرياضة المدرسية من مجموع 371 مدرسة ابتدائية، 50 ساحة لعب في المتوسط من أصل 103 متوسطة و20 مساحة لعب في الثانوي من مجموع أزيد من 41 ثانوية. هي أرقام رفعها تقرير لجنة الشبيبة والرياضة حول وضعية هذا النشاط الهام في شمولية الرسالة التربوية، ومدى التهميش الذي يعاني منه 203758 تلميذ بولاية بومرداس، وخاصة بالمناطق الجبلية والنائية، ما جعل النواب يرافعون على هذه الفئة بالقول: «تلاميذ المناطق النائية أقل حظا من حيث توفر هياكل الرياضة المدرسية»، وبالتالي لو خيّر أبناء القرى في مناطق العيش التي يرغبون فيها لاختاروا عاصمة الولاية، رغم أن احتياجات الرياضة والأنشطة الثقافية والفكرية تبقى بالنسبة لهم من الكماليات مقارنة مع انشغالاتهم الأساسية الأخرى كالنقل المدرسي، الوجبة المدرسية والتدفئة.
كما كشف التقرير أنّ نسبة توزيع أساتذة التربية البدنية والرياضية يقدّر بأستاذ واحد لكل 1331 تلميذ، أي 306 أستاذ لكل تلاميذ الولاية، بمعنى 3 أساتذة فقط في الطور الابتدائي، 191 أستاذ في المتوسط و112 في الثانوي، وهو رقم ضعيف حسب أعضاء اللجنة ولا يخدم أبدا العملية التربوية، وحذّروا من مغبة استمرار ممارسة الأنشطة الرياضية في فناء المدرسة في عدد من المؤسسات الذي قد يشكّل خطورة على صحة التلاميذ رغم تأكيدهم أنّ الأغلبية السّاحقة منهم لا يمارسون الرياضة في ظل غياب المبادرات والدعم الكافي لإنشاء جمعيات ثقافية ورياضية للتكفل بهذا الجانب، فهي لا تتعدى 9 جمعيات في الطور الابتدائي، 43 في المتوسط و25 جمعية في الثانوي، وبالتالي ماذا ننتظر من نتائج التحصيل مستقبلا وفق تدخلات النواب..؟
التقرير السلبي على واقع قطاع التربية بولاية بومراس، الذي اتسم بالكثير من الموضوعية في نقل الحقائق من الميدان، لم ينل رضى مديرة التربية التي حاولت الدفاع عن حصيلتها المحققة، والتأكيد عن وجود 42 فضاء لعب بالابتدائي في انتظار تهيئة البعض الآخر، وتسلم مشاريع خاصة بقاعات الرياضة للسماح للتلاميذ بممارسة هذا الحق التربوي، لكن وفي كل الأحوال بحسب المتتبعين وأهل القطاع من أساتذة وإداريين، فإن الوضعية تتطلب فعلا تدخلا من الجهات المعنية لتقديم تصورات موضوعية وعقلانية لتدارك العجز الكبير بتسجيل مشاريع ملموسة لفائدة القطاع بعيدا عن الديماغوجية والطوباوية، وعملية التراشق بالأرقام المتناقضة تناقض وضعية مؤسسات التعليم الابتدائي الخاضعة حاليا للتسيير المحلي من طرف البلديات البعض منها عاجز حتى بتوفير مادة المازوت للتدفئة ومواد التنظيف والصيانة مثلما كشفت عنه ندوة مدراء الابتدائي مع وزيرة التربية في زيارة سابقة للولاية، وهو ما يستدعي أيضا التسريع في سحب ملف التسيير المحلي ووضعه تحت مظلة وزارة التربية بغرض توحيد الجهود وتحديد المسؤوليات لإعادة الاعتبار لقطاع حساس تفرقت همومه ومتاعبه بين متاهات التسيير الارتجالي ولا مسؤولية المنتخبين المحليين.