جهـود محـلية لإعـادة بعث الاستثمار فـي القطـاع

بـرج بـوعريريــج.. طاقاتٌ سياحيـة كـامنـة تـنـتـظر الاكـتشـاف

برج بوعريريج : رابح سلطاني

 تهيئة أزيد من 431 كيلومتر من الطرقات  والمسالك الغابية لاستطــاب الزوّار

تملك ولاية برج بوعريريج من المقوّمات والمناطق الطبيعية، ما يؤهّلها لأن تكون ولاية نموذجية في مجال الاستثمار السياحي، لاسيما وأنّ المنطقة تتربّع على أزيد من 8123 هكتار من المساحات الغابية الشاسعة ومناطق جبلية مفتوحة على الهواء الطلق، وأخرى تتوفر على الحمامات المعدنية وأماكن للراحة والاستجمام، تضاف إليها تلك المواقع الأثرية والسياحية يعود عمرها لمئات السنين، وجبال طبيعية شكّلت فضاء رحبا لاستقطاب العائلات بمختلف الرياضات والهوايات المرتبطة بالسياحة الجبلية، وكلّها موارد طبيعية تعتبر مرتكزات أساسية بإعادة بعث كلّ أنواع السياحة منها السياحة الجبلية والبيئة الخضراء وغيرها.

برج بوعريريج، وهي إحدى الولايات الداخلية التي تجسّد بعضا من الإمكانات السياحية التي تزخر بها الجزائر، وذلك بالنظر إلى الإمكانات الطبيعية والوضعية الجغرافية للمنطقة، بما فيها الإرث الحضاري الذي تركته مختلف الحضارات التي سكنت هذه المنطقة، على غرار منطقة برج زمورة، وبلدية تقلعيت وبرج الغدير التي تحتوى على العديد من المساجد والزوايا يمكن استغلالها في السياحة الدينية.
 وتمتلك المنطقة أكثر من أربع ينابيع معدنية غنية بكلور الصوديوم يمكن استغلالها في السياحة العمومية نظرا لأهمية مياهها في العلاج منها منبع حمام البيبان ومنبع الماين المستغلان، في حين يبقى منبع عين الجرب ببلدية المهير ومنبع المنصورة غير المستغلين، إلى جانب امتلاكها للغابات الكثيفة والجبال ذات الطبيعة العذراء من غابة “بومرقد” التي تتجاوز مساحتها 400 هكتار وسط مدينة برج بوعريريج وغابة “ مجانة “ و«افيغو “ المحاذية لولاية بجاية، وغابة وادي التوت جنوب راس الوادي والتي تمثل موردا طبيعيا للولاية يمكن استغلاله في تجسيد مشاريع استثمارية تساهم في تحقيق المنتوج السياحي ينعكس على التنمية الريفية.

شقّ وتهيئـــة مسالك غابيـــة بطـــول 431 كيلومـــــتر

وكشف مسؤول حماية الغطاء النباتي ومحافظة الغابات لولاية برج بوعريريج، عن الانتهاء من شقّ أزيد من 431 كلم من المسالك الغابية والطرقات المؤدّية إلى المناطق الغابية التي تسيّرها مصالح الغابات بمساحة غابية قدرها 8123 هكتار والتي كانت معزولة في وقت سابق، وذلك طبقا للقوانين والمراسيم ولاسيما القانون الجديد 23-21 المؤرخ في 23 ديسمبر 2023 والذي جاء بعد أن أصبح القانون القديم 84-12 لا يلبّي الطموحات والأهداف الوطنية لحماية وتسيير الثروة الغابية الوطنية، حيث أنّ القانون الجديد 23-21 الذي يتعلّق بالغابات والثروات الغابية يهدف إلى تحديد وضبط قواعد تسيير وحماية وتوسيع وتنمية الثروة الغابية الوطنية، مع الأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي والاجتماعي والاقتصادي للثروة الغابية.
مبرزا في ذات السياق، جهود مصالح محافظة الغابات وأهدافها الاستراتيجية، التي من بين أهدافها تلبية المطالب الاجتماعية المتعلقة بالغابات، منها ما قامت به محافظة الغابات خلال سنة 2024 من إنجاز عدّة عمليات عبر عديد البرامج من بينها تهيئة مسالك غابية بحجم 325 كلم وشقّ مسالك غابية بحجم 106 كلم، إلى جانب بناء 03 أبراج مراقبة، تضاف إلى الأبراج السابقة.
كما أنّ هذه البرامج، بحسب مسؤول حماية النباتات، من شأنها تمكين المواطنين من إمكانية الوصول إلى المناطق الغابية الخلابة التي تزخر بها ولايتنا والتي يمكن أن تكون قطبا سياحيا للسياحة الغابية والجبلية بامتياز، نذكر منها المناطق الشمالية للولاية ذات الكثافة والتضاريس الخلابة وجبال المعاضيد ومنطقة عوينة الرأس برأس الوادي ومنطقة بن داود، هذه المناطق على الخصوص لتواجد صنف الأرز الأطلسي وما يرافقه من كائنات حية وطيور ستكون محل دراسة لدى المختصين ومحبّي الطبيعة والاستكشاف.
إلى جانب أنّها ستمكّن من فكّ العزلة وتسهيل الوصول للمناطق الغابية بغية المراقبة والتدخّل خاصة في مجال مكافحة حرائق الغابات ومكافحة مختلف الجرائم الغابية وإمكانية توسيع الثروة الغابية وبالمحافظة على الأنظمة البيئية والغابية.
وتندرج في إطار التنمية المستدامة، واستغلال الغابات والأراضي ذات الطابع الغابي وتوسيع وتنمية الثروة الغابية الوطنية في إطار التنمية المستدامة واستغلال الغابات والأراضي ذات الطابع الغابي وحمايتها من الانجراف، كما يهدف إلى حماية الحيوانات والنباتات البرية والمحافظة على الأراضي ومكافحة التصحر وتثمين الغابات والثروات الغابية بمساهمة القطاعات الأخرى المعنية.

 7 مـسالك للـتـعرّف على المواقـع السـياحية

يطمح مسؤولو قطاع السياحة بولاية برج بوعريريج، إلى النهوض بهذا القطاع السياحي وتحويل الولاية إلى قطب ومقصد سياحي، للترويج للسياحة الداخلية، باعتبار الولاية حلقة وصل مهمة تربط السياحة الصحراوية بالسياحة الساحلية نظرا لموقعها الجغرافي المتميّز الذي يربط شمال البلاد بجنوبها، وكذا الإمكانات الطبيعية المتعلقة بالجبال والغابات الكثيفة المنتشرة على حدود الولاية من المسيلة جنوباً إلى غاية بجاية شمالا، من خلال خارطة تتضمّن سبعة مسالك سياحية تضم مواقع ومعالم أثرية، لترقية السياحة المحلية، إضافة إلى أنّها تمكّن السائح أو الزائر لمنطقة برج بوعريريج من الاطلاع بشكل مختصر على أهم المواقع السياحية للولاية، مع تسهيل المهمة على الوكالات السياحية في تنظيم الرحلات الميدانية والجولات الاستكشافية عبر جبال وغابات المنطقة.
كما أنّها تتضمّن مسالك سياحية تغطي جلّ الأنواع السياحية الموجودة ببرج بوعريريج منها التاريخية والثقافية والدينية والحموية والأثرية والجبلية، على مسلك “الينابيع” الذي يتضمّن خارطة  بأهم الينابيع المائية الموجودة بالمنطقة، ومسلك الإبراهيمي، الذي يتضمّن زيارة إلى بيت الإمام الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، ومسلك “البيبان” الذي يتميّز بالسياحة الجبلية والحموية.

منطـقة زمورة وتـقـلـعـيت.. نموذجان للسياحة الدينـية

لا تزال منطقة “زمورة” الواقعة شمال ولاية برج بوعريريج، قبلة سياحية بامتياز، تستهوي العديد من الوكالات السياحية، وملجأ تقصده العائلات الباحثة عن الراحة والاستجمام مِنْ كلِّ حَدَب وصَوْب، من مختلف أصقاع الوطن، للاستمتاع بالطبيعة العذراء، والمناطق الجبلية ذات المسالك الوعرة، التي تأسر القلوب وتنجذب لها عيون الزائرين، من خلال النمط العمراني المتفرد عن باقي المناطق العمرانية ببرج بوعريريج، وتلك المساجد التي تملكها المنطقة والتي تعود لأزيد من عشرة قرون من الزمن، بالإضافة إلى امتلاكها العديد من المواقع الأثرية والمعالم السياحية البارزة.

جـمـعية “شامة” للسياحة والثـقافة.. تجربة رائدة

يؤكّد رئيس جمعية شامة للثقافة والسياحة والتراث في منطقة برج زمورة، بن مهدي رياض، لـ “الشعب” أنّ ولاية برج بوعريريج بما فيها منطقة زمورة تمتلك من المؤهّلات السياحية، ما يجعلها لأن تكون قبلة للسياحة ووجهة للعديد من العائلات والوافدين إليها نهاية كلّ أسبوع من أجل الاطلاع على تراثها وتاريخها، وكذا التعريف بأهم معالمها التاريخية، لما تملكه المنطقة من رصيد معتبر.وأبرز المتحدّث دور الجمعية التي استطاعت من خلال برامجها والتجربة التي خاضتها منذ 2016 بالتنسيق مع مديرية السياحة، في استقطاب أكثر من 50 ولاية، وعشرات الطلبة والسياح من خارج الوطن وداخله، يأتون نهاية كلّ أسبوع من أجل الاطلاع على تراثها وتاريخها، وكذا التعريف بأهم معالمها التاريخية، وما تملكه المنطقة من رصيد معتبر، كما رافقت الجمعية العديد من الطلبة المختصين في الطب، والهندسة المعمارية، ودور الحضانة وأصحاب المعاهد، منهم من أعدّ رسائل ومذكرات التخرج حول أعلام ومعالم المنطقة.وأكّد بن مهدي على أهمية المنطقة إلى أنّ المنطقة تتميّز بالعديد من المساجد القديمة، والجوامع العتيقة والجوامع التاريخية والتي لها من العمر ما يقارب 10 قرون، وهذا يعدّ حافزا ومبعثا للسياحة، منها جامع أورير في أعالي منطقة زمورة، الذي مزال يحافظ على نمطه العمراني القديم وجامع اولاد داود في أسفل نقطة في زمورة عمره 9 قرون، وغيرها من الجوامع التي شيّدت منذ قرون، حيث تقوم الجمعية في إطار السياحة الدينية، بزيارة هذه المناطق للتعريف بهذه الأماكن.مشيدا، في ذات السياق، بالدور البارز الذي لعبه منتجع الحجر الأزرق، الذي كان له الدور البارز في إخراج المنطقة من عزلتها، حيث أصبحت محجّا لآلاف العائلات، من داخل وخارج الوطن، من أجل الاستمتاع بالطبيعة والجلوس في شرفات الحديقة الموجودة في قمة الجبل، فقط من أجل استنشاق الهواء العليل والاستمتاع بالهدوء.وتتطلّع الجمعية في نفس الإطار إلى إمكانية تشييد مراقد مخصّصة للمبيت في ظلّ غياب الفنادق، إلى جانب حثّها الساكنة في منطقة زمورة إلى الانخراط في مشروع المبيت لدى الساكنة لتغطية العجز وانعدام مرافق الإيواء.

حـمام الماين وحمام البـيبان.. نموذجان للســياحة الحمـومـية

تمتلك ولاية برج بوعريريج العديد من الينابيع المائية الحارة، أبرزها ينبوع الحمام الطبيعي المشهور بحمام إيباينان الطبيعي، وحمام البيبان التابع لبلدية المهير اللذان يتميّزان بخصوصية مميّزة من حيث الموقع والتضاريس الطبيعية المتواجد بها، منها توسّط أحد الحمامات منطقة غابية تحيط به سلسلة من الجبال، الأمر الذي يترك القاصد للحمام من أن يحول من زيارة علاجية صحية إلى سياحة جبلية، إضافة إلى الفوائد التي تحتويها مياههم من عناصر معدنية غنية بعنصر الكلور والصوديوم والكبريت، التي أثبتت مدى نجاعتها في علاج بعض الأمراض الجلدية والأمراض المقترنة بالعظام، وفوائد صحية جمّة مفيدة لجسم الإنسان، ما يجعله مقصد العديد من الزوار من داخل وخارج الوطن.

جهـود لتـحويــل غابـة بومرقد إلى قـطب سـيـاحـي

بالمقابل من ذلك، بادرت السلطات المحلية بولاية برج بوعريريج، إلى إعادة بعث مشروع غابة بومرقد” الواقع وسط المدينة على مساحة 400 هكتار، من اتخاذ مجموعة من القرارات التي تسمح باستغلال هذا الفضاء الكبير، من بينها تهيئة المسالك الغابية، والقيام بحملة نظافة واسعة للحيلولة دون نشوب الحرائق، والتحضير لاستقبال العائلات والأطفال، بتهيئة الفضاء المجاور لمركب ألعاب القوى بومرقد، وتهيئة المسالك الرئيسية لهواة الرياضة، والمداخل الرئيسية للعائلات، مع إنجاز مسابح متنقلة، وأكشاك خدماتية، أيّ توفير ظروف الراحة والاستجمام.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024