في وقت يتوجّه فيه تجار الخضر والفواكه نحو السوق الموازية، تحول سوق الجملة الجهوي للخضر والفواكه بسيدي عبد المومن في المحمدية بولاية معسكر، إلى فضاء واسع تتجول فيه الأشباح، لا تكاد تسمع فيه صوتا سوى صفير الرياح، بعد أن رفض تجار الخضر والفواكه الاستجابة لدعوة السلطات المحلية من أجل إعمار هذا السوق.
يتربّع سوق الجملة للخضر والفواكه بالمحمدية على مساحة 32 هكتارا، منها 16 هكتارا مساحة مجهزة بمرافق تجارية وإدارية، أهمها 135 محل تجاري بمساحات مناسبة لعرض السلع والبضائع، فضلا عن فضاء شاسع لركن المركبات الفلاحية والتجارية يتسع لـ 1800 مركبة. وأنجز السوق الجهوي للجملة بتكلفة مالية تزيد عن 2,3 مليار دينار، بهدف ترقية المعاملات التجارية وتحسين ظروف عمل التجار، ما يسمح بضبط وتنظيم عملية تموين السوق المحلية والجهوية بالخضر والفواكه، فضلا عن ما يتيحه السوق من مناصب شغل لشباب المنطقة وضواحيها تصل إلى 900 منصب شغل حسب تقديرات مؤسسة ماقرو- غريس التي كلفت بإنجاز وتسيير هذا الصرح التجاري. ويموّن سوق الجملة الجهوي بسيدي عبد المومن 7 ولايات غربية بالخضر والفواكه لقربه من الطريق السيار وموقعه الاستراتيجي المتوسط لاقليم ولايات غليزان، مستغانم، معسكر، سعيدة، وهران، بلعباس، كما يسمح لنحو 3 آلاف متعامل تجاري بمزاولة معاملات البيع والشراء في أريحية، بفعل شساعته وخضوعه للمعايير الدولية في إنجاز الأسوا. غير أنّ مؤهلات السوق لم تشفع له بالحصول على رضى التجار والفلاحين، الذين يلاحظ عزوفهم عن استغلال السوق الذي تم تدشينه في مارس 2021، حيث أمرت وزارة التجارة بالسماح للفلاحين بعرض منتوجاتهم بالسوق الجهوي مجانا لمدة سنة، بموجب اتفاقية أمضيت مع الغرفة الفلاحية لمعسكر، سعيا من القطاع لإعمار السوق وتحقيق أهدافه الاستراتيجية .
و لم تنجح هذه التسهيلات في استقطاب الفلاحين و لا تجار سوق الجملة بالصحاورية في المحمدية ، أو تجار و فلاحي الولايات المجاورة ، فتحول الصرح التجاري مع الوقت إلى فضاء مهمل تراود هندسته المعمارية عابري الطريق الوطني رقم 17، في وقت برر تجار الجملة للخضر والفواكه أسباب عزوفهم عن استغلال السوق إلى غلاء أسعار إيجار المحلات والمربعات التجارية. وبالموازة مع ذلك، أفادت السلطات الولائية لمعسكر، أنها تعمل للقضاء على الأسواق الموازية كحل من الحلول الآلية لمشكل سوق الجملة للخضر والفواكه بالمحمدية، مع العمل على تحويل تجار سوق الجملة بالصحاورية في نفس المنطقة إلى الصرح التجاري الجهوي ، بفعل عدم توفر السوق الأولى على الظروف الملائمة لمزاولة الأنشطة التجارية، غير أن جهود ومساعي السلطات العمومية على رأسها مديرية التجارة لمعسكر، اصطدمت برفض التجار المصحوب بالتهديد بوقف الأنشطة التجارية كنوع من أنواع الاحتجاج على قرار تحويلهم لسوق سيدي عبد المومن الجهوي، مبدين مخاوفهم من الركود والكساد. أما بالنسبة لسكان المنطقة، فسرعان ما تبخر حلمهم المرتبط بأمل تنشيط الحركية التجارية بسوق الجملة الجديد، على أساس أن السوق كان يعول عليه في القضاء على شبح البطالة، وإخراج المنطقة والقرى من العزلة، فضلا عن تمكينه بلدية سيدي عبد المومن من مداخيل معتبرة تسمح بإنعاش التنمية المحلية، غير أن أحوال هذا الصرح التجاري المتوقفة لم تعد تسر الناظرين.