تتواصل أزمة تسيير مادة الحليب المدّعم بولاية بومرداس وتتواصل معه معاناة المواطنين الذين أصبح ذهنهم معلق بكيس حليب وعد أوقات مرور شاحنة التوزيع في طوابير طويلة تحوّلت إلى ظاهرة طبيعية بعدما دخلت في البرنامج اليومي للعائلات المطالبة بتكليف أحد من أفرادها للقيام بهذه المهمة لضمان عملية التزوّد بهذه المادة الرئيسية، خاصة على ضوء تلاعبات أصحاب المحلات الذين يتعمّدون تخزين كمية منها وبيعها حسب الأهواء.
تحوّلت ظاهرة الطوابير الطويلة أمام المحلات التجارية إلى مهمة أسبوعية يتكفّل بها في الغالب كبار السن الذين يصطفون صباحا في انتظار قدوم شاحنة توزيع مادة الحليب المبستر التي يعرفون تفاصيل مروها بدقة، فيما تحوّل أصحاب المحلات التجارية بمثابة بارونات يتحكمون كيف ما يشاؤون في هذه المادة في غياب أدنى رقابة أو متابعة من قبل مصالح مديرية التجارة وكل المصالح المتدخلة التي تركت الساحة مفتوحة لكل فنون المضاربة والتلاعب بالأسعار التي تعرف زيادات غير مسبوقة في مختلف السلع والمواد الغذائية.
وقد اشتكى الكثير من المواطنين بولاية بومرداس الذين تحدثوا لـ»الشعب» عن أسباب استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة وأحيانا تتحوّل إلى مشكلة حقيقية عندما لا تجد العائلات كيس حليب لأطفالها في وقت تعرف أسعار الحليب المعلب ارتفاعا كبيرا وليس بمقدور متوسطي الدخل اقتنائه يوميا، فما بالك بالنسبة للعائلات المعوزة التي دخلت في مأزق اجتماعي حقيقي، وبالتالي فرضت هذه الظروف المادية الصعبة على الجميع تحمل أوقات طويلة في الطوابير للفوز بكيس حليب لتجنب الإحراج، وكلها شهادات وتصريحات رصدتها الشعب من أفواه المواطنين.
كما أكدت مصادر أخرى لدى بعض الباعة والموزعين الذين يسهرون على تموين البلديات الشرقية من الولاية انطلاقا من وحدة الإنتاج لملبنة ذراع بن خدة، «أن القضية لا تتعلّق في كل الأوقات بأزمة الإنتاج أو ضعف الكمية المخصّصة لبلديات بومرداس، إنما المشكلة مرتبطة أساسا بسوء التوزيع وغياب المتابعة من قبل مصالح التجارة لمراقبة هذه السلسلة وكيف يتعامل أصحاب المحلات مع هذه الكمية الموزعة، وأيضا طريقة وصولها إلى أصحاب المقاهي والباعة الفوضويين رغم التعليمات الواضحة التي تمنع كل أشكال المضاربة أو التلاعب بهذه المادة الأساسية المدعمة».
وبالفعل تبقى طريقة تعامل أصحاب المحلات مع الكمية الموزعة المعتبرة أحيانا مريبة بحسب الكثير من الشهادات، فمن غير المعقول يؤكد بعض المواطنين «أن لا تتحصل على كيس حليب بعد 5 دقائق من مرور شاحنة التوزيع رغم الكمية الموزعة».
في حين وجّه البعض الآخر تهما مباشرة للتجّار الذين يلجؤون إلى تخزين كميات كبيرة للتصرّف بها حسب الأهواء أو بمفهوم «حق الزبائن الدائمين» وهذا على حساب باقي المواطنين الذين يتسابقون يوميا على هذه المادة التي تحوّلت فعلا إلى صداع لا ينتهي في غياب الحلول الكفيلة بمعالجة الملف مثله مثل مادة زيت المائدة، الخبز وكل المواد المدعمة التي أصبح ضرّرها النفسي أكثر من نفعها المادي الذي بدأ يتقلص.