أطلقت مشاريع أربعة دراسات لإعادة تأهيل وترميم معالم تراثية ودينية قديمة في غاية الأهمية التاريخية والثقافية في سهل وادي مزاب ومدينة متليلي، حسبما أفادت به مديرية الثقافة والفنون بولاية غرداية.
وتستهدف الدراسة إعادة تأهيل وترميم النظم القديمة لتقسيم المياه بالمكان المسمى «ليتيمزا» المتواجد ببلدية العطف، الذي يعود تاريخ إنشائه منذ سنة 1273م من طرف الشيخ بامحمد أبو سحابة، وطوّره بعد ذلك الشيخ حمو والحاج سنة 1707م، وكذا المسجد التاريخي «آل خفيان» في بلدية غرداية، وساقية سيدي سليمان وقصر متليلي في بلدية متليلي، بالإضافة إلى سور وبوابات قصر بلدية ضاية بن ضحوة، كما أوضح مدير الثقافة والفنون عبد الجبار بلحسن.
وتندرج هذه الدراسة الشاملة والدقيقة التي يقوم بها خبراء في مجال ترميم التراث الثقافي والمعماري طبقا لقانون حماية التراث الثقافي (04/98)، وذلك بهدف إعادة إعطاء هذه الكنوز التراثية قيمتها الثقافية الثمينة بما يجعلها تساهم في حركية التنمية المحلية سيما في مجالي السياحة والصناعات التقليدية بالمنطقة، إذ تخصّ هذه الدراسات تلك المسجلة في 2010 بتكلفة مالية إجمالية تقارب 50 مليون دج قبل تجميدها في إطار إجراءات التقشف التي أقرتها السلطات العمومية، آنذاك.
ويتعلّق الأمر تحديدا بتشخيص الاختلالات ذات الصلة بتدهور وضعية هذه المعالم العريقة نتيجة العوامل الطبيعة أو بفعل تدخّل الإنسان، واقتراح دراسات لحلول مناسبة عبر بلورة إستراتيجية تشاركية للمحافظة على هذا التراث، ووضع التدابير الضرورية للمحافظة عليه، سيما ما تعلّق بالتراث المائي المكيف مع احتياجات المناطق القاحلة وشبه القاحلة، مثلما أضاف السيد بلحسن.
ويكمن الهدف النهائي من تثمين هذه العمليات التي تقرّرت بالتعاون والتنسيق مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في إطار تشجيع ترميم التراث ذات الطراز المعماري الفريد لمنطقة مزاب، من خلال تدخلات تطوعية والتكوين للحركة الجمعوية المحلية المتخصّصة في هذا المجال.
وجاء المشروع تثمينا للتراث المادي واللامادي بمنطقة غرداية بكل تنوعاته والمصنف منذ 1982، ضمن التراث العالمي من طرف المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة، وجعله أكثر جاذبية من أجل إرساء تنمية سياحية مستدامة.
للإشارة، فإن منطقة سهل وادي مزاب التي تعد جوهرة معمارية وثقافية حقيقية والتي تشتهر بقصورها التي تضم (غرداية ومليكة وبنورة وبن يزقن والعطف) يزخر برصيد تراثي ومعماري وآثار تاريخية وفضاءات دينية ذي أهمية وطنية وعالمية، شاهدة على حضارة معمارية عريقة وماضي تاريخي أصيل، ويتطلّب هذا التراث المعماري الأصيل الذي يشهد تدهورا نتيجة «لعوامل الزمن» للقيام بعمليات لإعادة التهيئة والتدعيم من أجل ترميمها وتعزيز مكانتها السياحية والثقافية على المستوى الوطني والدولي، والذي يحظى بالإقبال من طرف السياح، ويعد أيضا محل اهتمام المتخصصين والباحثين والجامعيين وكذا الطلبة في الهندسة المعمارية.