النعامة بحاجة إلى استثمار فعّال 

مؤهّلات هامّة ومتنوّعة غير مستغلّة

النعامة: سعيدي محمد أمين

تتوفّر ولاية النعامة على عدّة مقوّمات بمختلف القطاعات بإمكانها إعطاء دفع للاستثمار بهذه الولاية من شأنها الدفع بعجلة التنمية المحلية بهذه الولاية الفتية، وخلق مناصب شغل للشباب البطال، غير أنّها تبقى بحاجة إلى الاهتمام أكثر.
 النعامة إحدى الولايات الحدودية السّهبية الرّعوية بالجنوب الغربي تتربّع على مساحة تقدّر بـ 29514.14 كلم 2، تحتل جزءاً كبيرا من منطقة الهضاب العليا الغربية تتكون من ثلاث مناطق جغرافية كبيرة، منطقة سهبية بمساحة 20319.88 كلم 2 يغلب عليها النشاط الرعوي، وتعرف زحفا واسعا للرمال بسبب تدهور الغطاء النباتي، ومنطقة جبلية تتمثّل في سلسلة الأطلس الصحراوي بمساحة تقدر بـ 5195.51 كلم 2، أما المنطقة الجنوبية فهي شبه صحراوية وتشمل المساحة المتبقية تقدر بـ 3998.75 كلم 2، ويتمركز السكان بطريقة غير منتظمة أكثر من نصف عددهم يقطنون بمدينتي المشرية والعين الصفراء.
وتشهد ولاية النعامة على عدّة مؤهّلات فهي أرض عذراء وفي مختلف القطاعات، ولاية سياحية بامتياز تتربّع على متحف طبيعي يتمثل في الصخور المنقوشة والمكتشفة الأولى في العالم، قصور عريقة بفن معماري متميّز يعود لآلاف السنين، أبراج مراقبة، اكتشاف مستحاثات الديناصورات والغابات المتحجّرة، وكذا المحطة الحموية حمام عين ورقة السياحي، الذي أصبح قبلة لآلاف السواح سنويا بالرغم من استغلاله بطرق تقليدية.
كلّها كنوز ثمينة وشاهدة على الحضارات التي تعاقبت في المنطقة، بالإضافة إلى تاريخها الثوري الحافل بالبطولات من مقاومة الشيخ بوعمامة الى مقاومة محمد ولد علي، فالمعارك خلال الثورة التحريرية المجيدة كمعركة امزي 5 و6 ماي 1960، دون الحديث عن العادات والتقاليد والتي تعتبر موروثا ثقافيا، شعبيا أصيلا ومتنوعا، إلى جانب ضمّها الحظيرة الوطنية جبل عين عيسى بالعين الصفراء والمصنفة ضمن  المناطق المحمية.
فهذه الحظيرة تمثّل نموذجا طبيعيا بفضل احتضانها لثروة نباتية وحيوانية متنوّعة، وتشكّل قطبا ذي قيمة سياحية واقتصادية، كما تتوفّر على عدة مناطق للتوسع السياحي Z.E.T في كل من 20 هكتارا بمنطقة مكثر بالعين الصفراء، 52.5 هكتار بمنطقة سيدي بوجمعة بالعين الصفراء كذلك، 2.324 هكتار بمنطقة عين ورقة وهي مناطق موضوع دراسات حاليا، إضافة الى تهيئة سياحية لمناطق توسع أخرى تمّ اقتراحها بكل من عقلة الدايرة بعين بن خليل، تيوت، جبل عيسى ورويس الجير بالصفيصيفة مكان اكتشاف بقايا الديناصور. كلّها مكتسبات ومؤهّلات متنوعة في حاجة إلى استثمار فعال خاصة في مجال الخدمات السياحية والاستغلال الأمثل لهذه الكنوز.
النعامة ولاية سهبية رعوية فلاحية، فهي تتوفّر على غطاء نباتي متنوّع يتكوّن من أكثر من 137 ألف هكتار عبارة عن غابات، 436 ألف هكتار حلفاء، 2 مليون هكتار زراعة وحوالي 50600 نخلة واحات، فهذه الولاية تتوفر على أراضي خصبة صالحة للزراعة في ظل توفر المياه الجوفية تمّ القيام بعدة تجارب فلاحية لقيت نجاحا كبيرا خاصة في بعض المحاصيل لم تكن موجودة بالمنطقة كزراعة الشجار الزيتون، الفول السوداني، زيت الارغان الى جانب مختلف المحاصيل الفلاحية من خضروات وفواكه وحبوب.
وباعتبار الولاية منطقة رعوية فهي تتوفّر على ثروة كبيرة من المواشي عدد الأغنام أكثر من مليون و700 ألف رأس من الأغنام، الى جانب 32 ألف رأس من الأبقار من بينها 16 ألف و900 رأس من الأبقار الحلوب، فيما قدّر عدد الجمال بـ 1800 رأس، من بينها 1245 ناقة وهي تتمركز بجنوب الولاية.
فيما قدر عدد الخيول 1400 رأس من الخيول، هذه الثروة الهائلة من رؤوس المواشي يتكفل بها حوالي  6700 موال بالولاية، الذي يمتهن هذا النشاط الرعوي بطرق تقليدية كذلك في ظل الجفاف الحاد الذي ضرب المنطقة في السنوات الأخيرة وغلاء أسعار الأعلاف والمضاربة بها في السوق السوداء، غير أن هذه الثروة هي الأخرى باب من أبواب الاستثمار، عرفت كيف تستغل استغلالا مدروسا من عدة جوانب سواء من ناحية إنتاج اللحوم الحمراء، إنتاج الحليب ومشتقاته، استغلال الصوف وتحويله، إقامة مذابح صناعية مجهزة بوسائل التبريد، دبغ الجلود وتحويلها، بالإضافة إلى إنتاج العسل خاصة وأن عسل المنطقة طبيعي 100 بالمائة وذو نوعية جيدة باعتبار أنّ النحل يتغذى من رحيق أزهار عدة أشجار كالسدر، الحرمل وأعشاب أخرى، وممّا يسهل عملية التنقل بهذه الولاية تتوفر النعامة على شبكة هامة من الطرقات بطول يقدر بـ 2602 كلم، منها 498 طرق وطنية، حيث يمر بها كل من الطريق الوطني رقم 06، رقم 22 ورقم 47 بالإضافة الى خط السكة الحديدة وهران بشار وكذا مطار الشيخ بوعمامة بالمشرية، أما في القطاع الصناعي فيقتصر على مؤسسات صغيرة فقط، وحوالي 12 محجرة للحصى.
كل هذه المؤهّلات إلاّ أن ولاية النعامة لم ترتقِ الى مصاف الولايات الرائدة في مجال الاستثمار في هذه الموارد، لذا تحاول اليوم وضع منهج متجدّد للتنمية المحلية بتقييم المرحلة السابقة، ودراسة العراقيل التي أدت الى عدم تحقيق هده البرامج تحت شعار «بعث ديناميكية جديدة»، وذلك بضرورة التركيز على الاستثمار لفتح فرص التشغيل للشباب و مرافقة الشباب خاصة خريجي الجامعات وأصحاب المشاريع الصغيرة، بالإضافة الى الدعوة الى  العقار الصناعي وإنشاء المؤسسات من خلال مناطق النشاطات  كمنطقة الحرشاية بعاصمة الولاية، وحسب المعلومات المتوفرة، فإنّه يوجد أكثر من 80 ملف مودع لدى مديرية الصناعات، ولم يفصل فيها لحد الآن.
وقد صرّح المسؤول الأول للولاية، الدراجي بوزيان، أنّ الاستثمار لم يعرف تقدما بل عرف تأخرا كبيرا لعدة أسباب، منها أن بعض الملفات لم تستوف الشروط القانونية وملفات أخرى ليست لها الأهداف التي ننتظرها على مستوى الولاية، كما  أن هناك ملفات لا تتناسب وحجم الاستثمار بالولاية.
وأكّد أنّ ولاية النعامة لا تزال ولاية عذراء بالرغم من وجود منطقة صناعية بعاصمة الولاية بحجم 150 هكتار مهيّأة، وعدم الإقبال على القطب الفلاحي أما القطب السياحي فيوجد عزوف رغم وجود التسهيلات، ولم يرق الى المستوى المطلوب الذي ننتظره نحن.
وأكّد والي النعامة أنّ هناك عدّة تسهيلات، فهم بصدد التحضير لخطة عمل لاستقطاب المستثمرين للمنطقة، ودفع وتيرة الاستثمار بالولاية في جميع القطاعات صناعي فلاحي سياحي، ونكثّف المجهودات بمساهمة ومشاركة كل من السلطات المحلية والإعلام، وهو الهدف الأسمى الذي نطمح إليه لتحقيقه.
أما ما تعلق بغياب الصناعات التحويلية، فإنّ الولاية تعمل على خطة عمل لهذه الأقطاب الاستثمارية، غير أن هذا العزوف يحاول مسؤولو الولاية إيجاد حلول له من أجل دفع الانتعاش الاقتصادي.
كما أنّ من بين المشاكل المطروحة هو تفشي البطالة، حيث سجّل بولاية النعامة أكثر من 14 ألف طلب عمل، ولا توجد بالمقابل عروض العمل حسب المسؤول الأول دائما، مؤكّدا أنّ عروض العمل مقتصرة على بعض المؤسسات أو على  قطاع الخدمات، وهي محدودة جدا لا تلبي الاحتياجات الحقيقية.
لذلك يبقى التحدي في دفع وتيرة التنمية من خلال الاستثمار مع ضرورة الاهتمام بخصوصيات الولاية، وإعطاء الأولوية لقطاع الفلاحة بإنتاج مادة العلف من أجل تقليص معاناة الموالين، إضافة الى الاستثمارات المرافقة، وضرورة تكسير هذه الطابوهات خاصة مشكل العزوف رغم توفر هذه الولاية على كل الإمكانيات.
والسلطات المحلية اليوم مطالبة بالتوجه نحو الاستثمارات الكبرى، وكبداية لهذا التحدي كان استقطاب المستثمرين ورجال الأعمال للمشاركة في ملتقى رمز مقاومة الجنوب الغربي الشيخ بوعمامة فرصة للاطلاع أكثر عمّا تزخر به هذه الولاية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024