كشفت الأمطار الكبيرة التي عرفتها ولاية بومرداس، منذ أسابيع، عن هشاشة شبكة الطرقات وفضحت عيوب الأشغال المغشوشة سواء في عملية الانجاز أو الصيانة التي قامت بها مقاولات، كثير منها يفتقد للمهنية والخبرة المطلوبة، ناهيك عن مشكل غياب التنسيق بين مختلف القطاعات لتجسيد بعض العمليات المتعلقة بمد قنوات المياه، الصرف الصحي، الغاز الطبيعي وإرجاع الوضعيات إلى حالتها السابقة، وكلها عوامل زادت من تدهور الطرقات ومعها الأرصفة.
صورة سوداء اشمأز لها مستعملو الطرقات بولاية بومرداس خاصة الولائية والبلدية التي تحول أغلبها إلى شبه أودية جرفت معها المخلفات والطمي، وأخرى تحولت إلى برك مائية تعذّر من خلالها مرور المركبات نظرا لغياب قنوات تصريف المياه وانسدادها.
وهي عمليات كان من المفروض ان تقوم بها فرق الصيانة نهاية فصل الصيف وبداية الخريف لتجنب مثل هذه الكوارث الطبيعية والمادية التي كبدّت الخزينة العمومية ميزانية ضخمة.
الأمثلة كثيرة عن ظاهرة التسيّب في شبكة الطرقات التي وقفت عليها «الشعب» عبر بلديات بومرداس ودليل مادي على التسرع في انجاز أشغال تهيئة وتجديد لبعض المحاور دون تنسيق بين القطاعات المتدخلة لانجاز باقي العمليات المرتبطة بالمشروع، وهذا استجابة لضغوط المواطنين وأصحاب المركبات.
منها محور الطريق الوطني رقم 24 في شقه الرابط بين بلدية سيدي داود، انطلاقا من قرية السوانين حتى مخرج بلدية رأس جنات على مسافة أزيد من 6 كلم الذي غمرته المياه الموحلة وبروز عدة نقاط سوداء جراء انجراف التربة من السفوح والمسالك المؤدية إلى القرى رغم استفادته من عملية تجديد لطبقة الزفت قبل عدة أشهر فقط وبمبلغ ضخم.
كما أدت الأمطار الأخيرة إلى توقف مؤقت لحركة السير عبر الطريق الوطني رقم 68 الرابط أيضا بلدية جنات وبرج منايل بسبب تجمع المياه وظهور حفر ومطبّات جديدة ومعرقلة لحركة السير بمنطقة بومليح وعين الحمراء.
وهذا رغم عودة الأشغال مجددا في مشروع ازدواجية الطريق الذي يسير بوتيرة بطيئة منذ تسجيله للانجاز قبل سنوات خلت لفك الخناق على المنطقة وإعادة أحيائها بعد سنوات من شبه العزلة، خاصة وأن هذا المحور الرئيسي بدأ يشهد حركة مرور كبيرة باعتباره حلقة وصل أساسية بين الطريق الوطني رقم 24 والطريق الوطني رقم 12 الرابط بين العاصمة وتيزي وزو وعدة بلديات مجاورة كيسر، لقاطة، سي مصطفى، مع تحوله إلى منفذ مفضل للمصطافين القادمين إلى شواطئ البلدية حتى من الولايات القريبة.
الوضعية نفسها عرفها الطريق الوطني رقم 25 الذي يربط عدة بلديات شرقية باتجاه ولاية تيزي وزو الذي لم يسلم هو الآخر من استمرار نفس النقاط السوداء التي تتضاعف من موسم إلى آخر وتعمّد المواطنون وبعض الفلاحين سد القنوات والتشعبات المخصصة لتصريف المياه المتجمعة نظرا لغياب الرقابة والمتابعة لردع مثل هذه التصرفات التي أضرّت كثيرا بشبكة الطرقات في وقت تعاني فيه أغلب البلديات من ضعف الميزانية وتأخر تسجيل مشاريع لصيانة بعض المقاطع عبر الطرقات والمسالك المؤدية إلى القرى والأحياء المعزولة التي زاد وضعها تدهورا في الآونة الأخيرة في وقت كان المواطن ينتظر فك العزلة والاستفادة من مشاريع تهيئة على رأسها شبكة الطرقات.
ومهما تقوم به فرق الصيانة التابعة لمديرية الأشغال العمومية والتقسيمات عبر الدوار من أشغال صيانة جزئية لبعض المحاور المهترئة، وتدخل عمال ديوان التطهير لتنظيف البالوعات، تبقى عمليات سطحية ولا تعبر بالفعل عن حجم التدهور الذي يلاحق شبكة الطرقات عبر بلديات بومرداس التي تزداد سوءا من سنة إلى أخرى.
وبالتالي تشكل هذه الوضعية تحديا كبيرا أمام المجالس الشعبية الجديدة التي وقف مرشحوها عن قرب حول وضعية الشبكة والمسالك الجبلية التي تتطلب عمليات مستعجلة مثلما يطالب به سكان هذه المناطق.