الأستاذ الجامعي سمير محرز:

النّتائج تفرزها صناديق الاقتراع لا عدد الإعجابات

غرداية: ع - ع

 يعتبر الإنتخاب أساس المواطنة التي تتطلّب مشاركة فعّالة للمواطن من خلال القيام بواجباته إزاء المجتمع والمطالبة بحقوقه، وأصوات الناخبين المحليّين ليست مجرّد أرقام وإحصائيات، وإنما تساهم في رسم خارطة طريق جديدة للمجالس المحلية، خصوصا وأنّ تلبية حاجيات يوميات المواطن المحلي مرهونة بمدى حسن اختياره لممثليه.     

-  الشعب: ما مدى أهمية الانتخاب في بناء مؤسسات بالشكل الذي يجسد إرادة الشعب؟
 الأستاذ سمير محرز: تعتبر الانتخابات أحد العناصر الأساسية في تنظيم المجتمعات بالدرجة الأولى، والمحور الأساسي الذي يجب أن نركّز عليه في أهمية الانتخابات هو تكريس ثقافة المواطنة الحقيقية والفعلية بين المواطن ومؤسّساته التمثيلية، ولن تتحقق هذه المواطنة إلا بالمشاركة السياسية من خلال شعور الناخب والمواطن بأهمية تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية.
وفي هذا السياق، يجب أن نركّز على دور البرامج في تحقيق التنمية المحلية وحتى الوطنية بصفة عامة، ومن هذا المنطلق تتحقّق الديمقراطية التشاركية من خلال العملية التبادلية بين خدمة المنتخب للمواطن وتأييد المواطن للمنتخب، فتكون في المحصلة رفع الوعي السياسي، والمشاركة السياسية، ومن هنا تبرز أهمية ودور الانتخابات كما ذكرتم.

- هل انعكست مراجعة قانون الانتخابات على المشهد السياسي؟
 لا يمكن الحكم على قانون الانتخابات في الوقت الحالي إلا بعد عهدة نيابية كاملة، أي بعد خمسة سنوات، ولكن يمكن القول إنّ القانون الساري أفضل من السابق، فعموما تمّ تطبيق هذا القانون الانتخابي الجديد في الانتخابات البرلمانية، وما نسجّله أنّه شجّع الشباب في الولوج للمشاركة في المشهد السياسي من جهة، وركّز على دور الكفاءات وهذا أمر مهم، كما نسجّل نقطة سلبية في هذا القانون، وكان واضحا في هذه الانتخابات هو ظهور تكتلات ولوبيات داخل القائمة الانتخابية الواحدة، ما يجعل الانتخاب لصالح الأشخاص وليس لصالح البرامج الانتخابية.

- هل أنصف قانون الانتخابات الشباب من حيث فرص المشاركة في الاستحقاقات؟
  طبعا، وأتاح الفرصة للكثير من الشباب خرّيج الجامعة الجزائرية، خاصة في القوائم الحرّة حسب ملاحظتي للمشهد العام، وبالتالي أضاف نقلة نوعية في مستوى الخطاب السياسي بالرغم من نقص خبرته السياسية، إلاّ أنّ المستوى العلمي والأكاديمي يمنح دافعا قويا في رفع نسبة المشاركة السياسية في الاستحقاقات المقبلة، وهذا لوقف الوجوه القديمة من جهة التي عمّرت لسنوات كثيرة وعهدات متتالية، وتحسين مستوى الأداء السياسي على مستوى المجالس المنتخبة من جهة أخرى.
ارتفاع نسبة مشاركة الشباب بمختلف تكويناته النضالية على مستوى الأحزاب أو تكوينه في العمل الجمعوي خارج الغطاء الحزبي في المجالس المنتخبة المقبلة، يعتبر دعامة وآلية مهمّة في تكريس قيم المواطنة والديمقراطية التشاركية، والشيء الملاحظ في الانتخابات التشريعية السابقة بعد مشاركة الشباب وصعوده للمجلس الشعبي الوطني أنّنا لمسنا مستوى مقبولا جدا من حيث اللغة السياسية والخطاب السياسي المباشر من خلال مداخلات متميزة، وفي القمة تعالج قوانين ذات أهمية أبرزها قانون المالية الأخير، وعليه ولوج الشباب العمل والمشهد السياسي يشكّل إضافة مهمة لتحريك عجلة التنمية في البلدية والولاية، وما يمكن أن نقدّمه من ملاحظة هو ضرورة التكوين المستمر لهؤلاء الشباب الراغبين في خدمة الصالح العام ليتطور ويحقق أهداف التنمية على الصعيد المحلي والوطني.

- لجأ العديد من المترشّحين ولأسباب مختلفة إلى العالم الافتراضي لمخاطبة المواطنين، في نظركم هل الحملات الافتراضية كافية لاستمالة النّاخبين؟
  يشكّل الفضاء الافتراضي بديلا مهما وجب تثمينه وتعزيزه، وبالمقابل وجب على الخبراء القانونيين ضبطه كون وسائط التواصل الاجتماعي وبالخصوص الفايسبوك الذي يشكل وعاءً انتخابيا مهما، حيث يمتلك الجزائريون الملايين من الحسابات الفايسبوكية، التي بإمكانهم نشر أفكارهم السياسية وبرامجهم الانتخابية.
وبالتالي فإن الفايسبوك والفضاء الافتراضي عموما يعتبر مكانا للمنافسة القوية والحقيقية لجميع المرشحين دون استثناء من أجل تقديم برامجهم، ووسيلة هامة في الترويج لأفكارهم وتحرّكاتهم من خلال نشر الصور اليومية وتقديمها على شكل منشورات طوال فترة الحملة الانتخابية، بالرغم من أن الصور والمنشورات في النهاية لا تعبّر عن كتلة المساندين لأي مترشح لعدة أسباب، أولها المترشح في ولاية وصاحب الاعجاب والتعليق قد يكون من ولاية بعيدة عنه.
وهذا النوع من الحملات الانتخابية الافتراضية غايتها التأثير بالدرجة الأولى أكثر من أي شيء آخر، وانتشار صورة المترشح في الإدراك الجماعي للمواطنين على مستوى البلدية أو الولاية، بالرغم من بعض التجاوزات التي تحدث أحيانا في هذه الصفحات من سب وشتم وتبادل التهم، ما يجعل الكرة اليوم أمام خبراء القانون من أجل ضبط الحملات الانتخابية لوقف ما يسمى بالكراهية الافتراضية التي تأخذ أبعادا خطيرة في الواقع الميداني، ولهذا وجب على المترشحين الاعتماد على صفحات الفايسبوك ولكن ليس بدرجة مطلقة، لأنّ النّتائج تصدر من الواقع ومن صناديق الاقتراع في النهاية، وليس من عدد الاعجابات والمشاركات.

- ماذا يأمل المواطن من المجالس المحلية المرتقبة؟
 أول مطلب ينادي به المواطن البسيط من البلدية الصراحة في المداولات والشفافية في الصفقات، والعدل في التوزيع والوضوح في تسيير الشأن العام، وما يمكن أن نسجّله في السنتين الأخيرتين أنّه حدث نوع من التحسن في الأداء الإداري والسياسي لدى المنتخبين، وهذا راجع لعدة اعتبارات أبرزها ما أفرزه الحراك الشعبي المبارك، وترسانة الإصلاحات التي دخلت حيز التنفيذ مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية.
وحرص الرئيس على إصلاح الشأن العام محليا ووطنيا، وفرض دور الرقابة كآلية أساسية، وعليه المطالب الأساسية أصبحت واضحة كما ذكرتها سابقا أهمها الشفافية والوضوح وحسن التدبير، والعمل من أجل ترقية البلدية في القضايا التنموية الكبرى كالصحة والنظافة ومرافقة الشباب والجمعيات المحلية ومراقبة ومتابعة المشاريع بكل أنواعها، خاصة التي تمس مصالح المواطن في مناطق الظل.

-  في رأيك ما هي متطلّبات نجاح المجالس المنتخبة للعهدة المقبلة؟
 المتطلّبات واضحة جدا باعتقادي، أهمها تكريس قيم وثقافة المواطنة، تفعيل دور التنمية، الاحتكاك المباشر بالمواطنين من خلال تحديث وتطوير أساليب التفاعل بين المواطن والمسؤول كرقمنة الإدارة المحلية، وفرض لقاءات دورية مع المواطن وفتح نقاش مسؤول ومباشر مع المواطن، عرض أهم القضايا والمشاريع المنجزة والتي ستنجز في العهدة النيابية للمنتخب، والابتعاد عن السلوكيات القديمة التي كانت سببا في تراجع الثقة بين المواطن والمسؤول، وبالتالي تراجع أداء البلديات. وفي هذه النقطة أشدّد بدور تكوين المنتخب دوريا على الأقل مرتين في السنة في طرق وأساليب تسيير الشأن المحلي لنصل للأهداف المرجوّة، والتي تعمل عليها حاليا الكثير من الدول التي تهتم برأس المال البشري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024