بعيدا عن مصطلح مناطق الظلّ وارتباطها الوثيق بغياب مظاهر التنمية الحضرية وضروريات الحياة الكريم، تعيش حوالي 300 عائلة بقرية سيساوي القصديري أسوء حالاتها وسط بنايات هشة ومتآكلة عنوانها القصدير ومضمونها جدران من الألواح ومزيج بين مواد البناء التي كانت مهمتها الوحيدة سدّ الثغرات والشقوق التي تسمح بدخول كل أنواع القوارض والزواحف.
صراع دائم وخوف مستمر في ظلّ سياسة اللامبالاة والتهميش التي تعيشها عائلات قرية سيساوي القصديري والتي تعتبر أقدم قرية بالولاية، تعود نشأتها لسنوات السبعينات ما يؤهلها للقب أقدم حي صفيح بولاية قسنطينة.
عائلات القرية المنبوذة يتجرّعون مرارة البؤس والحرمان وسط ظروف بدائية وقاسية بعد أن حرموا من أبسط ضروريات العيش الكريم هذا رغم مناشدتهم للمسؤولين بضرورة الالتفات لوضعهم المتردي والاستماع لمطالبهم الشرعية.
فالمواطن القاطن بقرية سيساوي لا يزال ينتظر ساعة الفرج رغم التهميش التي طالتهم منذ عقد من الزمن، رمت بكل تداعياتها على نفسية ومعيشة الأهالي، هذه الأخيرة أثرت سلبا على مستقبل شبابها وكسّرت من طموح شبابها ليجد المواطن نفسه وسط دائرة التخلف والإهمال.
«الشعب» وفي زيارة ميدانية للقرية وبعد دعوة رئيس الحي، وقفنا على حجم الكارثة التي تعيش وسطها العائلات، بدءا من صعوبة الوصول للبنايات بسبب الوضعية الكارثية للطريق جراء تساقط الأمطار تحول لمجرد أوحال يصعب المشي وسطها وصولا إلى البناء الفوضوي الذي يزينه القصدير من كل حدب وصوب وهناك بدأت رحلتنا لاكتشاف يوم من يوميات قاطني الصفيح وتجرّع معهم مرارة العيش التي تلازمهم يوميا.
وفي حديثنا مع سكان الحي الذين استقبلونا بحفاوة أملا منهم في نقل انشغالاتهم للجهات المعنية وعلى رأسها والي الولاية، أكدوا أنهم يعيشون بالقرية منذ سنوات طويلة وأنهم استفادوا سنة 2012، من الدعم الريفي إلا أنهم لم يستلموا أي دعم منذ ذلك الحين متسائلين عن سبب التأخر ترحيلهم.
وأوضح السكان عن استمرار تردي الأوضاع المعيشية سيما وأن القرية لا تبعد سوى كيلومترات عن مقر البلدية، إلا أنهم يتعرّضون للتهميش والإقصاء من أبسط حقوقهم المتعارف عليها، فما بالك بمشاريع التنموية والتحسين الحضري والتي تغيب نهائيا بالقرية المنكوبة والتي وضعها السكان في الدرجة الثانية من المطالب بعد أزمة الصفيح الذي حوّلت حياتهم لجحيم صيفا بسبب الارتفاع الشديد للحرارة وشتاء يتعرضون للأمراض الصدرية والتنفسية مؤكدين على نقائص أخرى تضاف لمعاناتهم وتزاحم في قسوتها أكواخ الصفيح.
ويشتكي السكان من عدم استفادتهم من مشاريع التحسين الحضري في ظلّ الغياب التام لمختلف الهياكل الضروريات التي من شأنها تخفيف وطأة المعاناة التي تلازم يومياتهم.
وأكد عدد من السكان لـ»الشعب» أنهم يضطرون لتكبّد معاناة التنقل لوسط البلدية أو حتى نحو مدينة قسنطينة حيث يضطرون لقطع العشرات من الكيلومترات مشيا على الأقدام، ليبقي الأمل الوحيد لهم هو إيجاد حافلة أو حتى سيارة فرود فما بالك بسيارة أجرة.
وأفادوا أن المشاريع التنموية المخصّصة للأشغال العمومية تعرف نقصا فادحا فشبكة الطرقات المؤدية إلى معظم المناطق المجاورة توجد في حالة مزرية وبدائية، فضلا عن غياب مشاريع التهيئة الحضارية ناهيك عن انعدام الإنارة العمومية الذي يعتبر من أهم مطالب السكان هذا إلى جانب غياب المياه الصالحة للشرب إذ يعتمد أغلب السكان على جلب هذه المادة الحيوية من الآبار والعيون العمومية عن مقر سكناهم،ومن خلال هذه الوضعية المزرية يناشد سكان قرية.